تسابق الحاضرون في أولى ندوات مناقشة الأفلام المشاركة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، على كيل عبارات المديح والإطراء لمخرجي الأفلام التي عرضت يوم السبت، في مشهد كان أقرب إلى الغزل منه إلى النقد والنقاش، حيث برع معظم المتدخلين في الثناء على جرأة المخرجين على طَرْق باب «الطابو» الذي صار مستمرَءا على شاشات السينما المغربية، ويتعلق الأمر مرة أخرى ب»الجنس»، خاصة أثناء اعتلاء عبد السلام الكلاعي، مخرج الفيلم المغربي «ملاك» المنصة. ويحكي فيلم ملاك قصة فتاة (شيماء بن عشا) في السابعة عشرة من عمرها، اكتشفت أنها حامل إثر علاقة غير شرعية، لتنطلق بذلك محنتها بالرحيل عن بيت أسرتها بعد أن طردها أخوها «المحافظ» (عمر لطفي)، وتشرع في «الانحدار بين طبقات المجتمع المغربي إلى أن تصل إلى الهامش، مع العاهرات ومهاجري جنوب الصحراء» حسب توصيف الكلاعي. ويتخلل هذا السرد استعمال ألفاظ «خادشة للحياء»، وبعض المشاهد الحمراء، التي أثارت عاصفة من التصفيق والصفير في قاعة سينما «روكسي» أثناء العرض. وأشار بعض النقاد إلى أن مخرج فيلم «ملاك» وقع في «تناقض صارخ» عندما حاول تبرير زجه لمشهدين ساخنين كان بإمكانه إيصالهما بالإيحاء، قائلا إنه ينقل الواقع كما هو، ورغبة منه في نقل مشاعر القهر الذي تعيشه فتاة مجبرة على «مضاجعة» شخص تمقته من أجل المال، والتي لا يمكن إيصالها بطريقة غير التي اعتمدها. في المقابل تخلى عبد السلام الكلاعي عن واقعيته عندما سئل عن «اللاموقف» الذي تبناه والد الفتاة (محمد الشوبي) تعبيرا عن ضعف سلطته في الأسرة، على عكس الأسرة المغربية التي تتركز فيها السلطة في يد الأب، حيث قال لكلاعي إنه مخرج لا يحب الخضوع للضوابط والمعايير، وبناء عليه اختار أن تكون شخصية الأب كما جاءت في الفيلم. وأكد الكلاعي أنه حاول طرق موضوع الأمهات العازبات، بعد ما رصده رفقة عائشة الشنا أثناء اشتغاله في الميدان الاجتماعي سنة 1998، ومنذ ذلك الوقت بدأت تتكون في ذهنه فكرة الفيلم، إلا أن أحد المشاركين تقدم بملاحظة ذكية، تمثلت في أن بطلة الفيلم لم تكن أبدا أما، بل كانت حاملا، إضافة إلى أنها حسمت أمرها بالتخلي عن الطفل بمجرد ولادته، وهو ما اعتبر تناقضا بين الفكرة والعمل في حد ذاته.