قال المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي إن السينما التي يؤمن بها هي تلك "البعيدة كل البعد عن مجاملة الواقع ومظاهره الاجتماعية والأخلاقية"، مبرزا أن هذه السينما "تعري الواقع كما هو، وتحاول استفزاز المتلقي من خلال تناول المسكوت عنه في المجتمع والنبش في هوامشه دون خوف أو رقابة". ويضيف الكلاعي، الذي يشارك فيلمه (ملاك) في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة ضمن الدورة ال 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، "أسعى دائما الى إزعاج المتلقي الراضي والصامت، واستثارة غضبه من خلال تعرية واقع أسود لهوامش مغربية ظلت حبيسة الطابوهات"، من منطلق كون السينما تعد بحق مرآة المجتمع "تعكس حلوه ومره". ويوضح المخرج السينمائي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الرسالة التي تحملها بطلة الفيلم، الشابة ملاك، ذات السبعة عشر ربيعا، والتي تجد نفسها حاملا خارج مؤسسة الزواج ومضطرة إلى مغادرة بيت أسرتها، هي نموذج لقصص العديد من الفتيات اللواتي، وإن اختلفت الأسباب، يجدن أنفسهن ضحايا مجتمع يقذف بهن الى الهامش. يعري الفيلم النزعة الذكورية السائدة في المجتمع حيث الفرد لا يهمه سوى نفسه، ولا يتحمل مسؤوليته، بل يحمل الأنثى ذنب وضعها، كما حصل بالنسبة للمراهقة ملاك التي تثق بشاب وعدها بالزواج فحملت منه ثم ما لبث أن يتخلى عنها. كما يكشف الفيلم عن أنانية رجولية مفرطة لا يهم صاحبها سوى الحفاظ على مظهر خادع أمام المجتمع، كما يجسد ذلك الأخ الذي قرر طرد أخته بمجرد علمه بحملها. يرى الكلاعي أن أحداث الفيلم نجحت إلى حد ما في "استفزاز المتلقي وإثارة غضبه" من خلال استشعار الخوف الذي تعيشه البطلة، التي لا تملك بطاقة الهوية، لتلتقي مع شخصيات أخرى "فاقدة للهوية"، من منظور المجتمع، يبقى المشترك بينها التعرض لعدد من مظاهر الاقصاء في هامش مظلم له تركيبة وقوانين خاصة، من خلال بناء ميلودرامي، تجتمع فيه مظاهر الجريمة والدعارة والانحراف. سوداوية هذا الهامش تجلت أيضا وبقوة في جرأة الصورة واللغة المستعملتين في سرد حكاية ملاك وباقي الشخصيات، من خلال مشاهد جريئة وصادمة واعتماد خطاب لغوي عنيف يغرف من القاع الاجتماعي. "ثورية" الموضوع تبدو جلية في نهاية الفيلم التي تقترح رد فعل غير متوقع من أب فتاة حملت طفلا "غير شرعي"، ذلك أن الرجل لم يخش الفضيحة ولم يخضع لضغوط المحيط الاجتماعي، بل تفهم ظروف ابنته. أدى أدوار فليم (ملاك)،، الذي تم تصويره بين العرائش مسقط رأس المخرج وطنجة، ممثلون مغاربة مرموقون، من بينهم السعدية لديب وعمر لطفي ومحمد الشوبي ومحمد مجد ونجاة الوافي ومريم أجدو ونسرين الراضي. أما الدور الرئيسي فقد أسند للممثلة الشابة شيماء بن عشاو، التي يعتبر الفيلم أول عمل سينمائي احترافي بالنسبة لها.