وقعت القوى السياسية المصرية في الأزهر على وثيقة لنبذ العنف ودعم الحوار في اجتماع ضم رموزا سياسية ورؤساء الكنائس. وتؤكد الوثيقة دعوة المنابر الدينية والإعلامية والثقافية إلى نبذ لغة العنف واعتماد الحوار الوطني وسيلة لحل المشاكل العالقة. وتأتي هذه الوثيقة بعد مبادرة أطلقها الأزهر، يوم أمس الخميس، لوقف العنف في مصر، في اجتماع دعا إليه وضم رموزا سياسية ورؤساء عدد من الكنائس، بينما شهدت الأوضاع على الأرض حالة من الهدوء وتراجعا في أعمال العنف، مع تقليص ساعات حظر التجول في مدن القناة. ودعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يوم أمس الخميس، إلى نبذ العنف وإدانة الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، واعتماد الحوار الوطني سبيلا للخروج من الأزمة السياسية الحالية في مصر. وأكد، في المبادرة الجديدة للأزهر لكسر الجمود السياسي ووقف العنف، على ضرورة حماية الدولة المصرية والنسيج الوطني من أي تهديد أو اختراق أجنبي. وقال الطيب في كلمة ألقاها في افتتاح الاجتماع، الذي حضره زعماء المعارضة المصرية وممثلون عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، إن المبادرة المطروحة على الاجتماع للخروج من الأزمة الراهنة صاغتها مجموعة من شباب الثورة وعرضتها على الأزهر. كما ذكر أن المبادرة تؤكد على «الالتزام بقداسة حرمات الدماء والأعراض فردية أو جماعية لأن صيانة هذه الحرمات هي قاعدة الأمن والأمان». كما تدعو المبادرة كل المنابر الفكرية والثقافية والإعلامية إلى نبذ لغة العنف في حل المشكلات، وجعل الحوار الوطني، الذي تشارك فيه كل مكونات المجتمع المصري الوسيلة الوحيدة لحل كل المشكلات. وأضاف الطيب «ينبغي ألا نتردد لحظة في إدانة العنف أو الترويج له أو استغلاله بأي صورة من الصور، فمصير وطننا معلق باحترام القانون وسيادته، وتلك مسؤولية الجميع». وقد شارك في الاجتماع زعماء المعارضة وممثلون عن حزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى ممثلين عن التيار السلفي ونشطاء شبان، بينهم وائل غنيم وأحمد ماهر القيادي بحركة أبريل، فضلا عن ممثلين عن الكنائس المصرية. وكان رئيس الجمهورية محمد مرسي قد دعا في خطاب له يوم الأحد الماضي إلى إجراء حوار مع المعارضة، لكن قادة المعارضة الليبرالية تمسكوا بمطالب منها تشكيل حكومة إنقاذ وطني أولا. وفي هذا السياق، رحب القيادي في جبهة الإنقاذ، جورج إسحق، بمبادرة الأزهر، وقال إن الجبهة تؤكد أيضا على احترام هذا الخطاب الوطني، مشددا على أن الأزهر هو المرجعية الدينية الوحيدة في مصر. كما أشار إسحق إلى أن مطالب الجبهة لم تتحقق بعد، قائلا إن الرئاسة لا تزال تتمسك بالحكومة الحالية. كما أشار إلى أن جهات أخرى، مثل حزب النور السلفي، باتت تتبنى مطالب الجبهة المتعلقة بحكومة جديدة. جاء ذلك بينما أعلنت محافظات القناة الثلاث بمصر تخفيض ساعات حظر التجول، وسط مؤشرات لعودة الهدوء وبوادر الحل السياسي بعد عودة الرئيس أمس الخميس من زيارة قصيرة لألمانيا. وقلصت السلطات المحلية بالمحافظات الثلاث مدة الحظر، ليبدأ سريانه بالإسماعيلية من الثانية صباحا بدلا من التاسعة ليلا، وفي بورسعيد من الواحدة صباحا، وفي السويس من الواحدة صباحا أيضا إلى الخامسة. وبينما قال محافظ السويس،، سمير عجلان إن الوضع الأمني تحسن منذ يوم الاثنين وإن الهدوء عاد، توقعت مصادر مطلعة صدور قرار بإلغاء حظر التجول كليا عن المدن الثلاث خلال أيام مع استقرار الأوضاع الأمنية فيها. أما في القاهرة وقرب ميدان التحرير، فقد رشق عشرات المحتجين الشرطة بالحجارة أمس، وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع، لكن الاشتباكات لم تستمر طويلا. وأفاد مصدر في جهاز الإسعاف بأن شخصين قتلا في اشتباكات بين متظاهرين والشرطة على كورنيش النيل قرب ميدان التحرير إثر إصابتهما بطلقات خرطوش أمس. وقد أعاد المتظاهرون، صباح أمس، فتح ميدان التحرير بشكل جزئي أمام حركة سير السيارات وإزالة الحواجز الحديدية الموجودة بمدخل الميدان من ناحية كوبرى قصر النيل وشارعي الفلكي وقصر النيل، بينما لا تزال بقية المداخل مغلقة أمام حركة السيارات. كما استأنفت السفارة الأمريكيةبالقاهرة كافة خدماتها، بما في ذلك خدمة التأشيرات ومركز المعلومات بعد يومين من الإغلاق، جراء الأوضاع الأمنية في محيط السفارة. كما ألقت الشرطة القبض على أربعة على الأقل ممن يشتبه في انتمائهم لجماعة «بلاك بلوك» أمام مكتب النائب العام طلعت عبد الله، بعد دعوات نشرت باسمها على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو للتظاهر أمام مكتب عبد الله، احتجاجا على قرار أصدره يوم الثلاثاء المنصرم يدعو إلى ملاحقتهم قضائيا. وبعد التحذير الذي أطلقه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي من أن الدولة على وشك الانهيار ما لم تنه الفصائل السياسية الاشتباكات في الشوارع، اتفق حزب النور السلفي وجبهة الإنقاذ، أول أمس الأربعاء، على بنود حوار يمهد لمبادرة تخرج البلاد من الوضع الراهن. وأعلن السيد البدوي، رئيس حزب الوفد وعضو الجبهة، بمؤتمر صحفي مع رئيس حزب النور يونس مخيون، أن الطرفين اتفقا على بنود حوار تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعديل المواد الخلافية في الدستور، وتعيين نائب عام جديد، وتشكيل لجنة قانونية للتحقيق في أحداث العنف الأخيرة. وجاء إعلان عن هذا الاتفاق بعد ساعات من دعوة محمد البرادعي، القيادي بجبهة الإنقاذ، إلى اجتماع عاجل يضم الجبهة والرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جاد. ورفض القيادي بجماعة الإخوان محمد البلتاجي اقتراح تشكيل حكومة إنقاذ وطني، ووصفها بأنها محاولة من جبهة الإنقاذ للاستيلاء على السلطة، رغم أن ممثليها هزموا بالانتخابات. وقد دعا مرسي، (الذي كان يتحدث في برلين قبل أن يعود مسرعا ليتعامل مع الأزمة)، إلى إجراء حوار مع المعارضة، لكن دون أن يلتزم بمطلبها بأن يضم معارضين أولا بحكومة إنقاذ وطني. وعندما سئل عن هذا الاقتراح، رد مرسي قائلا إن مجلس نواب جديدا هو الذي سيقرر ذلك بعد انتخابات ستجرى في أبريل المقبل. وفي واشنطن، طالب السيناتور الأمريكي جون كيري (الذي سيتولى مهام وزارة الخارجية رسميا الاثنين القادم) بضرورة استمرار المساعدات الأمريكية لمصر دون انتظار لتسوية الأحداث الراهنة.