اتهمت مصادر قيادية بحزب العدالة والتنمية حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، ب«ابتزاز» عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، سياسيا وممارسة الضغط عليه من أجل ضمان عُمدية فاس ورئاسة مجلس المستشارين. واعتبرت المصادر ذاتها في حديثها إلى «المساء» أن شباط يروم من خلال الحرب التي أعلنها على حكومة بنكيران إرغام هذا الأخير على التفاوض معه وعقد تحالف قبلي يسبق انتخابات المجالس الترابية القادمة، ويمكنه من ضمان عدم خروج عُمدية العاصمة العلمية من بين أيديه ورئاسة الغرفة الثانية، وكذا استوزار أسماء دعمته في الإطاحة بعبد الواحد الفاسي، من أبرزهما عادل الدويري وعبد القادر الكيحل. وفيما رفض عدد من أعضاء الأمانة العامة للعدالة والتنمية التعليق على الاتهامات التي كالها شباط لبنكيران خلال اجتماعه يوم الإثنين ببرلمانيي الحزب ووزرائه، اعتبر عبد اللطيف بروحو، في تصريح ل«المساء»، أن مشكلة شباط الأساسية تكمن في رغبته في عقد اتفاقات سياسية بينه وبين حزب العدالة والتنمية من أجل ضمان عُمدية فاس أولا، كي لا يبدأ ولايته بهزيمة شخصية في معقله الانتخابي الحصين، ثم في التفاوض القبلي حول بعض الترتيبات المتعلقة بما بعد نتائج الانتخابات الجهوية وانتخابات مجلس المستشارين القادم، وربما حول منصب رئيس مجلس المستشارين الذي قد يرغب شباط في منحه للوزير السابق توفيق احجيرة. وأرجع النائب البرلماني عن مدينة طنجة الصراع السياسي الحالي بين شباط والتحالف الحكومي إلى تخوف شباط شخصيا من نتائج الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خاصة بعدما شهدته دائرة إنزكان خلال الانتخابات التشريعية الجزئية الشهر الماضي، مشيرا إلى أن رغبة عمدة فاس في الحصول على طمأنة من أحزاب التحالف الحكومي تبقى إحدى الخلفيات الأساسية لهجومه السياسي على الحكومة، خاصة أن أي إخفاق لحزب الاستقلال خلال الانتخابات الجهوية والجماعية سيجعل موقعه السياسي ضعيفا داخل حزب تعود حصد أكبر عدد من المقاعد في الجماعات المحلية. وفيما يخص مطلب التعديل الحكومي الذي يطالب به زعيم الاستقلاليين، قال بروحو: «بين الخلفيات السياسية المفترضة وبين الحسابات السياسية القابلة للتفاوض، شريطة أن يتم التعبير عنها بشكل واضح، قد يتم التوافق على أي تعديل حكومي جزئي، ولو بسيط وشكلي، وسيكون ذلك كافيا بالنسبة لشباط حتى يبدو للرأي العام أن جزءا مهما من مطالبه قد تحقق، ويتم حفظ ماء وجهه أمام حلفائه داخل الحزب». من جهة أخرى، دعا النائب البرلماني حكومة عبد الإله بنكيران إلى الإسراع بالإعلان عن موعد انتخابات المجالس الترابية، معتبرا أن شهر يوليوز القادم موعد ملائم لبداية إجراء تلك الانتخابات، بدءا بمحطة الغرف المهنية التي لا تتطلب جهدا كبيرا من وزارة الداخلية، وانتخاب مناديب العمال وأعضاء اللجان الثنائية بالوظيفة العمومية. وحسب المصدر عينه، فإن «الحكامة السياسية تقتضي أن تجرى الانتخابات الجهوية والجماعية في يوم واحد وباقتراع واحد، توفيرا للمصاريف الضخمة التي تتطلبها الانتخابات، والتي تفوق المليار درهم لكل استحقاق انتخابي، وحتى نضمن انتخاب مجلس المستشارين خلال بداية أكتوبر، وبالتالي يمكن معها افتتاح البرلمان بغرفتيه بشكل دستوري خلال الجمعة الثانية لأكتوبر من هذه السنة». ووفق بروحو، فإن أجل ستة أشهر جد كاف للحكومة للإعداد لجميع العمليات الانتخابية بشكل عادي وطبيعي، ودون أي تأثيرات سلبية على طريقة التدبير السياسي، مشيرا إلى أن حديث بعض الأوساط الحزبية حول احتمال تأجيل الانتخابات لما بعد سنة 2013، حتى «يُتاح لوزارة الداخلية الوقت الكافي للإعداد الجيد للانتخابات، والتشاور الموسع مع الأحزاب، وضمان إجراء الاستحقاقات في ظروف سياسية أحسن»، يثير الشكوك حول الخلفيات الحقيقية لهذه الدفوعات، وحول الأسباب الحقيقية للرغبة في دفع الانتخابات لما بعد سنة 2013. المصدر ذاته يرى أن التنزيل القانوني لفصول الدستور لن يتطلب إلا أشهرا قليلة، على اعتبار أن وزارة الداخلية أعدت مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية خلال شهر شتنبر الماضي بناء على تقارير اللجنة الملكية المكلفة بملف الجهوية المتقدمة، ولن تتطلب مناقشة المشروع بالبرلمان بغرفتيه أكثر من أربعة أشهر على أبعد تقدير. من جهة أخرى، أوضح أستاذ القانون أن التشاور مع الأحزاب السياسية يمكن أن ينطلق الآن، ولن يتطلب أكثر من شهر، مؤكدا على ضرورة أن يشمل جميع المحاور الأساسية المتعلقة بالإعداد الجيد للانتخابات، بما فيها القضايا السياسية المرتبطة بمشروع القانون التنظيمي للجهات والجماعات الترابية، وتشكيل لجنة عليا لمتابعة العمليات الانتخابية، والاتفاق على جدولة زمنية ملائمة لتنظيم مختلف المراحل الانتخابية.