الدولة المغربية مهددة بتأدية ما لا يقل عن 15 مليارا، هذا ما كشفت عنه ل«لمساء» مصادرُ قضائية أفادت بأن المبلغ المذكور هو قيمة التعويض الذي يطالب به دفاع «المبشرين» المسيحيين الذين تم ترحيلهم من المغرب في مارس 2010، بعدما أصدرت المحكمة الإدارية في الرباط حكما يبرئ الأجانب من تهمة تبشير واستمالة أطفال مغاربة لاعتناق الدين المسيحي في منطقة عين اللوح. وطالب الحكم الصادر قبل حوالي شهرين، والذي ظل طي الكتمان قبل أن تطلع عليه «المساء»، الدولة المغربية، ممثلة في 10 مؤسسات حكومية ووزارية وأمنية، ب«رفع الاعتداء المادي الواقع على «جمعية قرية الأمل الخيرية» وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه»، مع تحميل مؤسسات الدولة كافة المصاريف الناتجة عن قرار الطرد والحجز على مقر وممتلكات الجمعية المذكورة. وكانت المحكمة الإدارية في الرباط قد «أدانت» الدولة المغربية -في شخص الوزير الأول، والوكيل القضائي للمملكة، وقائد الدرك الملكي، ووزير الشغل والشؤون الاجتماعية، ومدير التعاون الوطني، ووزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، ووزير العدل، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة- ب«تهمة» الاعتداء المادي على حق تأسيس الجمعية وتسييرها دون موجب قانوني». وحكمت ب«رفع الاعتداء المادي الواقع على الجمعية المدعية وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه مع تحميل المدعى عليها المصاريف». وقد كان حضور ممثلي سفارات الولاياتالمتحدةالأمريكية وهولندا وألمانيا وبريطانيا ونيوزيلاندا، طيلة أطوار المحاكمة، لافتا للنظر. وفي الوقت الذي توقعت فيه مصادر «المساء» أن «يشكل هذا الحكم القضائي تمهيدا لعودة هؤلاء الأجانب إلى المغرب ومطالبتهم بتعويضات مالية»، جاء في نص الحكم، الذي ظل طي الكتمان لفترة من الزمن، وتنشر «المساء» جزءا من مضامينه، أن المحكمة الإدارية في الرباط ارتأت قبول دعوى الجمعية المدعية، «جمعية قرية الأمل الخيرية»، وتنفيذ مطالبها و»إرجاع الأمور إلى ما كانت عليه»، لأن المذكرات الجوابية لدفاع الدولة لم تقدم ما يثبت أن الدولة المغربية احترمت المساطر القضائية في حل الجمعية، وأن قرار رئيس المحكمة الابتدائية في مكناس بتعيين مديرة مغربية للسهر على شؤون الأطفال، نزلاء المؤسسة الخيرية، لا يعني حل هياكل الجمعية. كما استندت المحكمة في قرارها ببطلان طرد «المبشرين» المذكورين ومصادرة أملاك «جمعية قرية الأمل الخيرية»، من طرف وزارة الداخلية في شهر مارس من سنة 2010، إلى أن حق الجمعية المذكورة مكفول، وأن الدولة المغربية، ممثلة في الوكيل القضائي، لم تقدم ما يفيد حلّ الجمعية بصفة نهائية، وهذا ما يؤكده توصل رئيس الجمعية سنة 2007 بالوصل النهائي من طرف السلطات المختصة، بالإضافة إلى قانونها الأساسي ورسالة سابقة للسفير الأمريكي إلى عامل إفران لحظة التأسيس. ولهذا أقرت المحكمة ثبوت «الاعتداء المادي على حق تأسيس الجمعية وتسييرها دون موجب قانوني وفي غياب الإجراءات القانونية الواجب اتباعها». أكثر من ذلك، اعتبرت المحكمة أن المذكرات الجوابية للدولة أمام هيئة القضاء الإداري في الرباط لا تنازع واقعة اعتداء الأجهزة الإدارية «على مقر الجمعية ومنع أعضائها من تسييرها وفق الاختصاصات المخولة لها»، مثيرة الانتباه إلى أن «كل منع لنشاط الجمعية يبقى عملا ماديا مفتقدا للأساس القانوني ويدخل في نطاق الاعتداء المادي على حرية عامة وعلى حق تأسيس الجمعيات وينطوي على مساس بحق ملكية خاصة لكونه لم تتبع بشأنه الإجراءات القانونية الواجبة». وتعود تفاصيل هذه الواقعة إلى تاريخ 9 مارس 2010 لما أعلنت وزارة الداخلية، في بلاغ صادر عنها، طرد مبشرين أجانب، متهمين بالتبشير بالمسيحية في منطقة عين اللوح. وأعلنت الوزارة حينها أنه من بين المبعدين 16 شخصا بين مسؤولين ومقيمين في مؤسسةٍ تُعنى باليتامى في بلدية عين اللوح في ولاية إفران؛ وتابعت الوزارة أن الإجراء يندرج في إطار «مكافحة محاولات نشر عقيدة المبشرين الرامية إلى زعزعة عقيدة المسلمين»، مؤكدة أن المغرب تحرك «طبقا للقوانين المشروعة السارية من أجل صيانة القيم الدينية والعقائدية في المملكة».