سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مديونية الدولة تتجاوز 58 في المائة وخبراء يحذرون من «هاوية مالية» استغلال القروض في تغطية عجز الميزانية سيرفع من كلفتها وسيؤثر على أداء الاقتصاد الوطني مستقبلا
خلفت تصريحات وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، حول ارتفاع مديونية الخزينة إلى مستويات قياسية تجاوزت 58 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال 2012، ردود فعل متباينة، حيث حذر البعض من أن هذه النسبة ستؤدي إلى «هاوية مالية» بالمغرب، خاصة أن الحكومة ستنفق المبالغ المقترضة في سد عجز الميزانية والوفاء ببعض التزاماتها الاجتماعية. وقال الاقتصادي حماد قسال إن الاستفادة من الديون التي يحصل عليها المغرب تبقى مشروطة بطريقة استغلال الحكومة للقروض، فإذا استغلتها في القيام باستثمارات على مستوى البنيات التحتية والمشاريع ذات القيمة المضافة المرتفعة ستكون على العموم جيدة للغاية، أما إذا استعملتها في تغطية المصاريف والنفقات فكلفتها ستكون مرتفعة وستؤثر لا محالة على أداء الاقتصاد الوطني مستقبلا. واعتبر قسال أن حاجيات المغرب من السيولة تقدر بحوالي 6 أو 7 مليارات دولار، وبالتالي ستجد الحكومة نفسها مجبرة على اللجوء من جديد إلى الاستدانة من الخارج لتغطية حاجياتها من العملة، لكن الخطير في مسألة الاستدانة هو تجاوز العتبة الحرجة للديون مقارنة بالناتج الداخلي الخام، والتي تبدأ من 40 في المائة. كما أن طبيعة الديون تلعب دورا مهما في تحديد تأثيرات الاستدانة على الاقتصاد الوطني، فالديون العمومية التي يمكن أن يحصل عليها المغرب من بعض البلدان الصديقة تكون عادة بشروط تفضيلية. أما الديون المتحصل عليها من البنوك الخاصة، فهي تكون بمعدلات مرتفعة، ويمكن أن تكون لها تداعيات وخيمة في حالة عدم القدرة على أدائها. بالمقابل، قال المحلل الاقتصادي الطيب أعيس إن المغرب لم يصل بعد إلى مستوى خطير من المديونية، مؤكدا أن نسبة مهمة من القروض التي يحصل عليها المغرب حاليا تذهب في اتجاه إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وهي مسألة يمكن اعتبراها نوعا من الاستثمار. وأضاف أعيس أن المقلق فعلا في قضية الديون هي مسألة الديون الداخلية التي تؤثر على مستوى السيولة في الاقتصاد الوطني، وبالتالي ترفع نسب الفائدة المطبقة من طرف البنوك، وتؤدي كنتيجة لذلك إلى تراجع الاستثمارات وانتشار الركود في مختلف القطاعات الاقتصادية. وكان نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية قد أكد، أول أمس الاثنين، في جواب له عن سؤال حول «المديونية» تقدم به الفريق الاستقلالي٬ أن مديونية الخزينة ستصل هذه السنة إلى 58 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وقال إن الحد من هذا الارتفاع في المديونية والتحكم في القرار الاقتصادي يستوجب اتخاذ مجموعة من التدابير، منها العمل على تقليص العجز في الميزانية ليصل في أفق 2016 إلى 3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي وذلك، بالخصوص٬ عبر ترشيد النفقات والتحكم في غلاف المقاصة وتحسين الموارد عبر الإصلاح الضريبي٬ الذي ستعقد بشأنه٬ قريبا٬ مناظرة وطنية يشارك فيها جميع الفاعلين للوصول إلى حلول، منها تقليص النفقات الجبائية. على مستوى آخر، قال وزير الاقتصاد والمالية إن التراجع في احتياطي العملة الصعبة ناتج عن عدة عوامل٬ منها ارتفاع أسعار المواد الأساسية٬ خاصة فاتورة المواد الطاقية التي ارتفعت سنة 2012 بشكل مهول لتصل إلى 103 مليارات درهم . وأضاف الوزير أن من بين أسباب تراجع احتياطي العملة الصعبة٬ كذلك٬ ارتفاع العجز التجاري الذي وصل إلى 200 مليار درهم٬ فضلا عن تراجع الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب بحكم الأزمة٬ خاصة بدول الاتحاد الأوربي٬ وهو ما انعكس على صادرات المغرب التي تراجعت وتيرة نموها بنسبة 5 بالمائة.