اعتقل اليخلوفي في أواخر سنة 1995، وبدأت محاكمته في فبراير 1996، وشكلت هذه العملية بداية الحملة التطهيرية التي أطلقتها الحكومة، التي كان يرأسها عبد اللطيف الفيلالي، والتي كانت تحت ضغط الاتحاد الأوربي، وكانت في الواقع موجَّهة ضد المتاجرين في المخدرات في مراحلها الأولى، لكنها اتخذت اتجاها آخرَ تمثل في محاربة الرشوة والتملص من الضرائب واقتصاد الريع. وحسب متتبعين، فإنّ الحملة، التي جاءت مباشرة بعد صدور تقرير عن «المرصد الجيوسياسي للمخدرات» في أواخر سنة 1992، الذي أكد أن المغرب أصبح، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أول مُصدّر لمخدر الشيرا في العالم، فشلت في تحقيق نتائجها، لأنها زاغت عن أهدافها وتحوّلت إلى وسيلة لتصفية الحسابات مع كل من كانوا يقفون في وجه البصري، الذي أعطاها بُعدا آخر، إذ خلّفت العديد من التداعيات على المستوى الاقتصادي، وأفرزت واقعا أدى المغرب ثمنه، إذ أعقبها تراجع الاستثمارات، وأصبح الجو السائد هو عدم الاستقرار، خصوصا في مدن الشمال.. وسرعان ما اتضح فشل «الحملة»، فلا خزينة المملكة امتلأت بالأموال -كما كان يعتقد من خططوا للحملة التطهيرية- ولا الاقتصاد الوطني انتعش.. ولم تتحقق كثير من الوعود «الوردية»، التي كان يقدمها الاتحاد الأوربي لحليفه الإستراتيجيّ المغرب. يقول النقيب محمد زيان، الذي كان وزيرا لحقوق الإنسان إبان الحملة التطهيرية، إن إدريس جطو هو من أقنع الحسن الثاني بفكرة الحملة، ولم يستطع محمد القباج -الذي كان وزيرا للمالية آنذاك- أن يعترض عليها، لأنه كان «ضعيفا»، ذلك أن جطو أقنع الحسن الثاني بأنّ تلك الحملة ستمكن المغرب من توفير 80 مليار دولار، بعد مصادرة أملاك المعتقلين وعائدات التهريب، لكنّ ذلك كان مجرّدَ وهم، مضيفا أن ترتيبات هذه الحملة تمّت بين إدريس جطو، الذي كان وزيرا للتجارة، ومحمد القباج، الذي كان وزيرا للمالية، وعبد الرحمان أمالو، الذي كان وزيرا للعدل، وإدريس البصري، وزير الداخلية. ويعتقد زيان، الذي اضطر إلى تقديم استقالته من منصبه، بسبب تداعيات الحملة، أن «الأبرياء» شكلوا 96 في المائة من ضحايا تلك الحملة، مضيفا أنه «عاجز عن فهم كيف تم إقناع الحسن الثاني باستعمال قانون الجمارك باعتباره آلية للتنمية الاقتصادية ولتنمية العلاقات، وليس كآلية زجرية»، مؤكدا أنه تلقى اتصالات من بعض العمال «يشتكون أنهم مطالَبين باعتقال 60 مهربا في 48 ساعة والحجز على عشرات المخازن وبداخلها سلع مهرَّبة.. وتلك أمور كانت من المستحيلات، لأنه لا يمكن وجود 60 مهربا في كل مدينة أو منطقة»..