وفى الباحث عبد الرزاق العكاري بوعد قطعه على نفسه بعد إتمامه لكتابه الأول حول الصحافة الرياضية بالمغرب، وأصدر كتابا أخذ من الوقت ما يكفي لتكون النتيجة بحثا محكم الثنايا دقيق المعلومات. عندما اختار العكاري، الموظف في وزارة الشبيبة والرياضة، موضوع الحكامة في المجال الرياضي، كان يدرك جيدا أنه يغوص في بحر لا قرار له لعدة أسباب، أولاها أن مفهوم الحكامة لم يجد له مستقرا بعد في التحاليل المغربية، فتارة تُحمِل النقاشات لفظ ومفهوم الحكامة أكثر مما يحتمل، وتارة أخرى تفشل في إنجاز ربط موضوعي بين الحكامة والمجال الرياضي. وكان من الطبيعي أن ينطلق العكاري من تحديد ماهية الرياضة وتطورها في المغرب ما بين مرحلتي الحماية وما بعد الاستقلال، قبل أن ينتقل إلى التنظيم الإداري والقانوني الذي حاولت أن تتسلح به الرياضة ضمانا لممارسة معقلنة. ويظل من بين أجمل فصول الكتاب ذلك الفصل الخاص بالتدبير المؤقت للرياضة بالمغرب، فهذا الموضوع ظل طيلة السنوات الماضية مستحوذا على نقاشات مختلف المتذخلين في اللعبة على اعتبار أنه يمثل سلاحا قانونيا بيد الإدارة من أجل التدخل في شؤون الجامعات التي تثار فيه أزمات التسيير. ولم يتناول العكاري الموضوع من وجهة ذاتية وهو الذي حضر العديد من الجموع العامة بصفته ممثلا لوزارة الشبيبة والرياضة، بل اعتمد على الجانب العلمي في التحليل مستحضرا منهجية تعتمد على استخلاص النتائج من خلال استقراء الوقائع، وبالتالي فقد قدم للقارئ والباحث على حد سواء حصرا دقيقا للجان المؤقتة التي شهدها المغرب منذ اللجنة المؤقتة التي أدارت شؤون جامعة كرة القدم شهر دجنبر 1979 إلى غاية اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون جامعة الدراجات التي سلمت مفاتيح التسيير لمكتب منتخب شهر مارس الماضي. وإذا كان من ملاحظة يمكن طرحها في هذا المجال، هو أن العكاري لم يشر إلى أن خمس لجان مؤقتة في كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وألعاب القوى أعلن عنها في ظل غياب نص قانوني الذي لم يظهر إلا سنة 1993 مع صدور المراسيم التطبيقية لقانون التربية البدنية. وينتقل بنا العكاري، في طريقه إلى ربط الرياضة بالحكامة، إلى الحديث عن السياسات العمومية للدولة في المجال الرياضي، وإذا كان العكاري سخيا وهو يتحدث عن المتدخلين في الحقل الرياضي ودور الموارد المالية في إنعاش الحركة الرياضية، فإنه لم يقف طويلا عند محور النخب الرياضية، إذ لخص ذلك في غياب عمليتي التجديد والاستقطاب، في حين كان من اللازم التطرق لإشكال آخر وهو حضور العصبية والعائلة والنسب والمال في احتكار بعض النخب للتسيير ببعض الفرق والجامعات، وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى المؤلف القيم للباحث علي بنحدو تحت عنوان «نخب المملكة» الذي تصدى من خلاله للنخب الرياضية عبر بحث ميداني كشف عن توحد الرياضة مع السياسة بالمغرب في بعض السلوكيات ومن بينها على الخصوص ظاهرة الزعيم.