شاءت الصدف أن يلتقي محمد قداري رئيس اللجنة التأديبية للمجموعة الوطنية لكرة القدم والعضو في جامعة الكرة المغربية، بمحمد الباتولي الناطق الرسمي باسم الوداد البيضاوي أثناء أدائهما لمناسك الحج، لم يكن اللقاء، على الرغم من ارتدائهما معا لثوب الإحرام، مناسبة لابتلاع هموم الكرة وتصنيف نتائج الفرق الوطنية في خانة وسخ الدنيا، بل كان فرصة لناطق الوداد كي يبلغ رئيس النادي المكناسي قلق الوداديين من القرار الصادر عن اللجنة التأديبية التي يرأسها قداري في ملف بادو الزاكي، ويعلن رفضه لتخريجة «التوقيف مع وقف التنفيذ» التي اهتدت إليها اللجنة التأديبية في حسم ملف نزاع الزاكي مع العاشيري، قال الباتولي الذي يتاتبع نبض البطولة، بنبرة غاضبة موجها كلامه لقداري «إن مناسك الحج فرصة لغسل كل الآثام المرتكبة من الجامعة والمجموعة الوطنية في حق الوداد»، ورد قداري على غضب الناطق الرسمي للوداد بتذكيره بقدسية المكان الذي لا يجب أن يلوث بجدل الكرة ودعوته لتأجيل العتاب إلى ما بعد العودة إلى المغرب والتركيز على المناسك ساعات قبل الوقوف في عرفات. تدخل بعض الحجاج المغاربة لوقف النزاع والتذكير بمزايا الحج ودوره في شحن بطارية ضيوف الرحمان بالقيم السمحة للدين الإسلامي، بل إن البعض لم يتوقف عن ترديد لازمة لعن الشيطان الرجيم الذي جعل جدل الكرة مطية لخلق الفتنة بين حجاج ينتمون لبلد واحد وأمة واحدة، بل إن مجموعة من الحجاج كانوا يخشون من لجوء المتنازعين إلى رمي الجمرات في ما بينهم بدل رجم الشيطان. ومن المفارقات الغريبة أن يتواجد في الديار المقدسة عنصر مدعم للباتولي وهو الدكتور القصري رئيس اللجنة الطبية للوداد، فهما معا يتبنيان نفس الأطروحة المناصرة للزاكي مع اختلاف بسيط في حدة الحماس والجدل، علما أن آخر بلاغ حرره ناطق الوداد ووجهه للصحافة الوطنية كان يتعلق بنزاع الزاكي مع المجموعة الوطنية، وهو بلاغ أشبه بتسديدات لوجه الجامعة والجهاز الحاكم للكرة في المغرب، لكن قداري له أيضا سنده المعنوي فالصدف شاءت أن يتواجد محمد النصيري المدير العام للمجموعة الوطنية في نفس البقعة الطاهرة والذي يرفع على امتداد مقامه بالأراضي المقدسة للمتآمرين على شباب المحمدية بالمغفرة والتواب. اختار العديد من الرياضيين تعزيز الإسم الرسمي بلقب «الحاج» وهو لقب فخري يضفي على حامله صفة الوقار، ويجعله في منآى عن الشبهات إلى أن يثبت العكس، فقد ركب طائرة الحجاج، بلون أبيض يوحد جميع المسلمين، العديد من الكوايرية الذين ظلوا يلهثون وراء كرة فهموا أخيرا أن الركض وراءها بلا أجر ولا ثواب. يتواجد في الديار المقدسة العديد من لكوايرية الذين التهموا المسافات بحثا عن صحيفة سوابق جديدة وهوية جديدة ولقب جديد، في هذه الأثناء يخضع امحمد نجمي المدرب السابق للرجاء ومدرب اتحاد المحمدية لعملية تشحيم وغسل الأطراف في البقعة الطاهرة، كما يقضي لاعب الرجاء والمنتخب الوطني سابقا مصطفى خالف فريضة الحج بعد أن وضع نقطة نهاية لمشواره الكروي، ورئيس لجنة التحكيم الجهوية بوليد الإدريسي إضافة للعديد من الصحافيين واللاعبين والمدربين والمسيرين الذين أجلوا التهافت على نقط المباريات وركضوا خلف الحسنات، وحين سيعودون إلى أرض الوطن برؤوس حليقة وقلوب خاشعة سيوزعون على الأهل والأحباب القبعات البيضاء وماء زمزم وصاعا من التمور وكمية من الوعظ والإرشاد تدعو معشر الكرة لإنهاء الخلافات العابرة والتهافت على انتصارات زائفة، بل ويصرون على جعل الرياضة مجرد ترف والاحتراف فريضة غير ملزمة للفرق كالحج لمن استطاع إليه سبيلا.