لم تفلح التنازلات التي قدمها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في النسخة التي صادق عليها البرلمان من قانون مالية 2013، في وقف أطماع المنعشين العقاريين، فرفع ثمن بيع المتر المربع الواحد من السكن الموجه إلى الطبقة المتوسطة من 5 آلاف إلى 6 آلاف درهم لم يكن كافيا لإسكات المنعشين، الذين رفعوا الآن سقف مطالبهم، معتبرين أن عدم الاستجابة لهذه المطالب سيؤدي إلى شلل في القطاع. وتبرر الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين موقفها الجديد، الذي رأى فيه العديد من المراقبين نوعا من «الجشع»، بأنه جاء بعد قراءة المقتضيات الواردة في مشروع قانون مالية 2013 والتعديلات المقترحة، والتي ثبت من خلالها أن «التغييرات في نسب بعض الضرائب يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الاستثمار العقاري، وخاصة على مستوى مكوناته المتعلقة بالتوفر على العقار أو انعدامه، وكذلك إنتاج السكن». وحسب الفيدرالية، فإن أهم هذه التغييرات تلك المتعلقة بالسكن الموجه إلى الطبقة المتوسطة، حيث شملت التعديلات التي جاء بها قانون المالية رفع ثمن البيع إلى 6 آلاف درهم للمتر المربع مع احتساب جميع الرسوم، في حين أن هذا الثمن هو المعمول به حاليا بالنسبة إلى السكن الاجتماعي وقيمته محددة في 5 آلاف درهم للمتر دون احتساب الرسوم، وبالتالي فإن الفرق الوحيد الذي سيكون بين المنتوجين هو الضريبة على القيمة المضافة. واعتبر المنعشون أنه في هذه الحالة، لا يعقل إنجاز المنتوج الموجه إلى الطبقة المتوسطة بنفس سعر السكن الاجتماعي، مع الحفاظ على متطلبات هذا المنتوج السكني من حيث الجودة والخدمات. وركز المنعشون في ملاحظاتهم، كذلك، على مسألة الزيادة في معدل الضريبة على الأرباح والممتلكات العقارية بعد 5 سنوات من الملكية، والتي تمر من 20 إلى 30 في المائة بزيادة قدرها 50 في المائة، بالإضافة إلى الرفع من الضريبة الخاصة على الحديد المغطى بالخرسانة، والتي عرفت زيادة بلغت 0.10 درهم للكيلوغرام، وكذلك الرفع من الضريبة على الرمال والتي عرفت زيادة بلغت 30 درهما للطن، ناهيك عن الزيادة في الضريبة على الإسمنت المندرجة في قانون مالية 2012؛ مشيرين إلى أن كل هذه الزيادات تؤدي إلى ارتفاع أسعار البناء للمتر المربع. وأكد المنعشون أن هذه التدابير ستؤثر على توفر الوعاء العقاري، والذي من شأنه أن يؤدي إلى بطء إن لم يكن إلى وقف المعاملات العقارية، مما سيعمق من ندرة العقار ويساهم في ارتفاع قياسي لأسعاره، كما سيساهم في زيادة تكلفة إنتاج السكن الاقتصادي والسكن منخفض التكلفة. ودعت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جديدة لجذب اهتمام المستثمرين نحو المنتوج الجديد المخصص للطبقة المتوسطة، نظرا إلى ارتفاع ثمن العقار الخاص، مذكرة بأهمية متطلبات الطبقة المتوسطة، والتي تقدر ب20 ألف وحدة سكنية سنويا لمنتوج يتراوح سعره بين 500 و800 ألف درهم. كما أشارت الفيدرالية إلى أنها استقبلت استفسارات عديدة حول المشاكل الناجمة عن تطبيق القانون الجديد 32-09 المتعلق بمهنة الموثق، مؤكدة أن مقتضيات هذا القانون ستتسبب في تعقيدات إدارية إضافية وستؤثر سلبا على الفاعلين الاقتصاديين والمقتنيين مستقبلا. بالمقابل، وجه محمد الذهبي، نائب رئيس الاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين، في تصريح ل»المساء»، انتقادات شديدة لمطالب كبار المنعشين العقاريين بخصوص السكن الموجه إلى الطبقة المتوسطة؛ معتبرا أن هذه المطالب تفتقر إلى الروح الوطنية وتعكس أن الهدف الأساسي منها هو البحث عن مزيد من الأرباح. وأضاف الذهبي أن المنعشين الصغار يرون أن سعر المتر المربع للسكن الموجه إلى الطبقة المتوسطة يجب ألا يتجاوز 5000 أو 5500 درهم، وهو ثمن يظل كافيا جدا لتحقيق ربح محترم؛ مشيرا إلى أن الذين يطالبون بسعر يفوق هذا المستوى لا يسعون إلى دعم الطبقة المتوسطة بقدر ما يسعون وراء مزيد من الجشع.