وكالات لو حصل الفلسطينيون في الجمعية العامة للأمم المتحدة على وضع «دولة مراقب غير عضو» فسيصبح بوسعهم في المستقبل اللجوء بطرق مختلفة الى المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق في إطار النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، وهو اجراء سيكون ممكنا قانونيا لكنه غير محتمل في الوضع الراهن. فالمحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها تملك صلاحية ملاحقة المتهمين بارتكاب ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب نفذت منذ الاول من يوليوز 2002 تاريخ دخول المعاهدة المؤسسة لها والمعروفة بقانون روما الاساسي حيز التنفيذ. وقد صادقت على هذا القانون الى اليوم 121 دولة لا تدخل في عدادها اسرائيل والولاياتالمتحدة والصين وروسيا. وبإمكان المحكمة الجنائية الدولية أن تلاحق فقط أفرادا وليس دولا. ولا تستطيع المحكمة أن تلاحق شخصا إلا ان كانت جرائمه ارتكبت على أراضي دولة عضو او دولة اعترفت باختصاص المحكمة أو من قبل أحد رعايا هذه الدولة - باستثناء حالة خاصة غير محتملة في الوضع الفلسطيني. وهناك ثلاث طرق مختلفة للجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية: يمكن أن يفتح المدعي العام تحقيقا في حال تقدمت دولة عضو بطلب لذلك، كما يمكن للمدعي ان يفتح تحقيقا بمبادرة منه شرط الحصول على اذن من القضاة، كما يمكن فتح تحقيق بطلب من مجلس الامن الدولي. وهذه الامكانية الاخيرة التي تعد الحل الوحيد لكي يشمل اختصاص المحكمة دولة غير عضو في اتفاقية روما استخدمت في حالة ليبيا، لكن يبدو الامر ضئيل الاحتمال في الحالة الفلسطينية، لأن الولاياتالمتحدة الحليفة لإسرائيل تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي. وقد طلبت السلطة الفلسطينية التي تهدد أيضا بملاحقة اسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية إن ثبت تورطها في تسميم الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات في العام 2009 من مكتب المدعي العام التحقيق في جرائم حرب اتهمت الجيش الاسرائيلي بارتكابها اثناء عملية الرصاص المصبوب على قطاع غزة في ديسمبر 2008 ويناير 2009). وكانت السلطة الفلسطينية اقرت بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية منذ يناير 2009. لكن وحدها دولة يمكنها قانونا الاقدام على ذلك. لهذا السبب قرر مدعي المحكمة الجنائية الدولية في 2011 ان يترك «للهيئات المختصة في الاممالمتحدة» مهمة تحديد ما اذا كانت فلسطين دولة قبل ان يتخذ قرارا بفتح تحقيق محتمل. والاعتراف بفلسطين في الاممالمتحدة ك»دولة مراقب غير عضو» قد يعني تصديقا على نظام روما أو اعترافا باختصاص المحكمة بصفتها دولة. عندئذ قد لا تعود مسألة وضع فلسطين تؤخذ بالاعتبار في سعي المدعي لتحديد ما إذا كان يملك الاختصاص لإجراء تحقيق سواء بمبادرته الشخصية أو بطلب من فلسطين.