دق تقرير صادم أنجزته المندوبية السامية للمياه والغابات ناقوس خطر دخول المغرب مرحلة الندرة في مادة الماء الحيوية، بعد أن اقتصر الأمر خلال السنوات الماضية على الخصاص، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للبلاد واقتصادها. فيما يبدو أن الأسوأ هو القادم خلال السنوات القادمة، بالنسبة لتناقص كميات المياه المتوفرة لكل فرد في المغرب في ظل احتمال تفاقم الأوضاع بحكم التغييرات المناخية الناتجة عن تردد الفيضانات، وتوالي طول فترات الجفاف، واختلال التوزيع الزمني للتساقطات. وكشف التقرير، الذي قدمه عبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات، خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للمندوبية خلال سنة 2013، مؤخرا، عن تقلص واضح للحصة الفردية من المياه، إذ انتقلت من 2500 متر مكعب في السنة خلال الثمانينيات من القرن الماضي إلى 1010 أمتار مكعبة سنة 2000 وإلى أقل من 720 مترا مكعبا في الوقت الحالي. وبلغة الأرقام والمعايير الدولية، يبدو أن المواطنين المغاربة مقبلون على مواجهة خطر ندرة في المياه بعدما تجاوزوا مرحلة الخصاص، التي تكون فيها حصة الفرد هي 1700 متر مكعب خلال السنة الواحدة. إلى ذلك، تشير المعطيات التي يوردها تقرير المندوبية إلى أن حصة المواطن المغربي ستتقلص في أفق العام 2020 بنسبة هامة جدا تبلغ 49 في المائة، وهو ما يعني أن المواطن المغربي لن يكون في متناوله إلا أقل من 400 متر مكعب خلال كل سنة من السنوات الثمان المقبلة. تقرير المندوبية وضع يده على خطر قادم بات يتهدد المغرب وساكنته، بعد أن كشف أن المغرب يفقد 1.4 مليار متر مكعب منذ الخمسينيات دون أن يتمكن من تقليص حجم هذه الموارد الهائلة من المياه التي يفقدها كل سنة، والتي توازي سنويا كل المياه المخزنة في كل من سدي «بين الويدان» و»إدريس الأول». من جهة أخرى، كشف تقرير المندوبية عن تصدر منطقة سوس الفلاحية المناطق المهددة بالتحول إلى منطقة صحراوية بعد أن ظلت لسنوات طوال من أبرز المناطق الفلاحية الخصبة، جراء الضغط الممارس على الفرشة المائية بالمنطقة. وحسب الأرقام التي يقدمها التقرير، فقد بلغ مستوى تراجع المياه في الفرشات المائية الباطنية نحو 60 مترا كل سنة خلال ال 24 سنة الماضية، وهو ما يشكل حسب خبراء المندوبية تحقيق عجز سنوي في مستوى المياه قد يبلغ نحو 900 متر مكعب.