تم مؤخرا بالدار البيضاء تقديم كتاب «البناء الإنساني للإسلام» وهو مجموعة من الحوارات أجريت مع المفكر والباحث في الدراسات الإسلامية، محمد أركون، قبيل وفاته في سبتمبر 2010. وكتب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران في تقديم هذا الكتاب الواقع في 222 صفحة من الحجم المتوسط والذي نشرته دار «ألبان ميشيل» في 2012 ضمن مجموعة «مسارات المعرفة» أن أركون يعرض في هذا الكتاب «المعركة الثنائية التي خاضها في حياته معركة نقد العقل الإسلامي وأخرى لنقد العقل الغربي». وقام بتنشيط هذا اللقاء العلمي الباحث المغربي في الدراسات الإسلامية رشيد بنزين، الذي أنجز هذه الحوارات مع عالم اجتماع الديانات والناشر الفرنسي جان لويس شيغيل، كما قدم الكتاب إلى جانبه الأكاديمي المغربي، محمد العيادي، صاحب كتاب «المفكرون المغاربيون المعاصرون». ويرسم الكتاب مسار المفكر والباحث في الإسلاميات الجزائري، محمد أركون، منذ طفولته في تاوريرت ميمون ببني يني «القبائل الكبرى» إلى غاية عمله بالسوربون، حيث شغل منذ 1993 كرسي تاريخ الفكر الإسلامي معالجا قضايا مرتبطة بالعلوم والتاريخ والإبستيمولوجيا والسياسة، وهي المسائل التي طبعت فكر وتأمل هذا المفكر الذي يعد واحدا من كبار الباحثين في الدراسات الإسلامية المعاصرة. وتتناول الحوارات اهتمام المفكر الجزائري بالتاريخ، كما تعكس الجوانب الفكرية والممارسات النقدية التي قام بها إلى جانب عدد من المفكرين المعاصرين الآخرين في نقد العقل «المتحجر». واستعرض الباحث بنزين خلال هذا اللقاء مجموعة من المفاهيم المستعملة من طرف أركون في أعماله الأنثروبولوجية للإسلام، مشيرا إلى أن هذا الكتاب «يسعى لأن يجعل دراسات وتأملات أركون متاحة لأكبر عدد من القراء ويثير الرغبة في تعميق المساهمة في الفكر المعاصر وخاصة ما يتعلق منه بالإسلام ومكانة الديني في المجتمعات». ومن جهته ذكر العيادي أن هذا الكتاب يمكن أن ينظر إليه «كترجمة وافية لأعمال أركون أو كعمل تركيبي لفكره»، مبرزا مساهمة هذا المثقف في علم الاجتماع بصفة عامة ودراسة الإسلام بصفة خاصة. وقد توفي محمد أركون في باريس يوم 14 سبتمبر2010 عن عمر يناهز 82 سنة بعد معاناة مع المرض، ودفن بالمغرب.