تضاربت الآراء حول قرار محمد الوفا، القاضي بتوقيف العمل بالخدمة الإلكترونية «إنصات»، والتي كانت الوزارة قد أطلقتها يوم 17 شتنبر الأخير لتلقي شكايات المواطنين بخصوص تتبع السير العام للدخول المدرسي، والتي تأتي بعد أيام من تراجعه على القرار المؤقت الخاص بمنع الأطر التربوية العمومية من إجراء ساعات إضافية داخل المؤسسات التعليمية الخصوصية. فبعد 14 يوما هو عمر هذه الخدمة، رأت الوزارة الوصية أنها حققت أهدافها، بعد أن خلصت إلى توصل الخلية المركزية المكلفة بما مجموعه 3 آلاف شكاية، تمت معالجة 2031 منها، وإلغاء450 شكاية كاذبة وكيدية تحمل معلومات مغلوطة أو لا أساس لها من الصحة. فيما أشار بلاغ الوزارة الصحفي إلى أن 519 شكاية المتبقية متعلقة بالبنيات التحتية للمؤسسات التعليمية، والتي رأت الوزارة حسب بلاغها أنها تتطلب وقتا أكبر من (الشكايات الآنية)، واستهدفت تلك الشكايات 1624 مؤسسة تعليمية من أصل 24 ألف مؤسسة، منها 13320 فرعية. وأشار البلاغ إلى أن الشكايات تضمنت مشاكل تتعلق بوضعيات الداخليات والمطاعم والبنيات التحتية وبرامج الدعم الاجتماعي والتوقيت الجديد والخصاص في أطر التدريس وطلب الاستعطاف لإرجاع التلاميذ المفصولين إلى الدراسة. تقييم الوزارة لم يكن محط توافق بين الأطر التربوية، التي ترى أن «الخدمة» أكدت فشلها، وأن توقيفها كان بسبب اقتناع الوزارة بعدم جدوها، وأن الخلية لن تزيد إلا في تدهور الثقة بين الوزارة وأطرها التي تحكم عملها مساطر وقوانين ومذكرات. ولو أن الخدمة حققت أهدافها، لما تمّ التخلي عنها، بحكم أن المشاكل والانزلاقات والتجاوزات، التي يمكن أن «تتصيدها» الوزارة عن طريق الخدمة الإلكترونية، يمكن أن تحصل عليها في كل يوم من أيام الدراسة وطيلة الموسم الدراسي. فالعديد من الأطر التربوية والإدارية يتساءلون عن أية أهداف تحققت، باستثناء أنه تم التنقيص من الأطر التربوية والإدارية المكلفة أساسا بمراقبة وتتبع العملية التعليمية التعلمية، وأن كل المشاكل التي يعرفها القطاع تصل رسميا ويوميا إلى رفوف مكاتب الوزارة. وأنه تم سحب الثقة منها وجعلها عرضة للوشايات الكاذبة التي حصرتها الوزارة خلال 14 يوما في 450 شكاية كاذبة. وذهب بعضهم إلى حد إعطاء فرضية أن يكون توقيف «الخدمة» جاء بسبب إكراهات البت في تلك الشكايات، والتنقلات الفارغة لأطر الوزارة ومفتشيها بعد كل شكاية أو وشاية. موضحين أن عدد الوشايات الكاذبة أكثر بكثير من الأرقام التي نشرت في بلاغ الوزاري الصحفي. ولم تستبعد بعض الأطر التربوية أن يكون محمد الوفا قد تعرض لضغوطات منعته من اتخاذ تدابير زجرية في حق بعض المتجاوزين. إما لانتماءاتهم الحزبية أو النقابية أو العائلية، وأنه فضل أن يترك عملية الزجر والتأديب تأخذ مسارها العادي محليا وجهويا ومركزيا لتفادي تلك الإكراهات. ويستغرب المدرسون عدم اهتمام الوزارة بالتقارير التي ترفع سنويا من المدرسين بكل فئاتهم وشعب تخصصهم. حيث يدونون سنويا حاجياتهم واقتراحاتهم للدفع بعجلة التعليم داخل مؤسساتهم التعليمية، دون أن تتم الاستجابة لمطالبهم. فمدرسو المواد العلمية، يطالبون بتزويدهم بمختبرات في المستوى، وبعتاد كاف لتطبيق دروسهم النظرية، ويطالبون بتوفير الأطر والحجرات الكافية للعمل في إطار مجموعات صغيرة، لتمكين التلاميذ من دروس تطبيقية كاملة. كما أن مدرسي المواد الأدبية يطالبون بفك الاكتظاظ الذي حد من عطائهم، بينما يطالب المديرون بدعمهم بأطر مساعدة. وتمنت بعض الأطر التربوية أن ينتبه الوزير الاستقلالي إلى مجموعة من المؤسسات الثانوية التي تعاني النقص الحاد في أطرها، حيث يتم إسناد تدريس بعض المواد إلى أطر تربوية غير مناسبة إما من حيث الكفاءة أو المادة المدرسة، فمجموعة من الثانويات التأهيلية يدرس بها أساتذة الإعدادي، كما أن مجموعة من المؤسسات بها فائض من مدرسي بعض المواد. وطالبوا بالإفراج عن لائحة الأطر التربوية والإدارية التي تستفيد من التفرغ النقابي، أو التي ألحقت بطرق غامضة للعمل داخل مؤسسات وقطاعات عمومية وغيرها، وأن يكشف للعموم عن هذه اللائحة، ليعلم الرأي العام أن (معظم المتفرغين نقابيا) لا ينشطون في نقاباتهم، ومنهم من فضل الاستثمار أو متابعة دراسته. وأن يسارع (كما وعد) إلى نشر تقرير كامل عن البرنامج الاستعجالي الذي كلف الدولة 54 مليار سنتيم، دون أن تنجز معظم مشاريعه.