نهضة بركان يطرح تذاكر مواجهة ستيلينبوش الجنوب إفريقي    ضبط شخصين يشتبه تورطهما في السياقة الخطيرة في ظروف تهدد سلامة الأشخاص والممتلكات    الوزير قيوح يترأس اجتماعا تنسيقيا للتحضير للدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري العالمي حول السلامة الطرقية    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    طقس السبت: بارد نسبيا إلى محليا بارد مع وجود صقيع أو جليد    حملة تفتيشية بالمدينة العتيقة لطنجة تغلق محلات لبيع المواد الغذائية والتجميل لعدم الالتزام بالضوابط الصحية    أفضل الوجهات السياحية في المغرب: دليل شامل لعام 2025    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد حظر تطبيق تيك توك    هل يفتح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" أفقا للسلام الدائم؟    "كوديم" يتنفس الصعداء بهزم "الماط"    له موقف كراهية ضد المملكة.. الرباط تنفي أي صلة بمغربي موقوف بتهمة التجسس في ألمانيا    السياقة الاستعراضية توقف شخصين    نيناتي: أمتن لدعم الملك لتنمية ليبيريا    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    إتقان اللغة الأمازيغية.. من السلطان محمد الثالث إلى ولي العهد مولاي الحسن: إرث ثقافي مستمر    نور الدين أمرابط يرفض عرض الوداد ويُفضل العودة إلى إنجلترا    بلاغ لوزارة الخارجية المغربية يشيد ب "وقف القتال والهجمات على المدنيين" في غزة    الجيش يفتقد 3 لاعبين أمام ماميلودي    المغرب يشيد باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ويدعو لسلام دائم    طقس السبت.. امطار وثلوج بعدد من مناطق المملكة    إسرائيل تنشر قائمة بأسماء 95 معتقلا فلسطينيا ستفرج عنهم اعتبارا من الأحد    المغرب يرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ويؤكد على ضرورة التزام الأطراف بالسلام    جنيف.. مطالبات بتسليط الضوء على ضحايا الاختفاء القسري في تندوف    شهادة تأمين "المسؤولية المدنية العشرية" أصبحت إجبارية للحصول على "رخصة السكن"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بالأحمر    المغاربة يتصدرون قائمة الأجانب المسجلين في الضمان الاجتماعي بإسبانيا    توقيف عنصر متطرف بتاوريرت يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم «داعش» الإرهابي    مجموعة مارتينيز أوتيرو الإسبانية تختار المغرب لفتح أول مصنع لها في الخارج    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    تخفيف ضريبي يرفع معاشات التقاعد    "أطاك" تنتقد لجوء الدولة إلى تكبيل الحق في ممارسة الإضراب    كوت ديفوار تجدد التأكيد على موقفها الثابت الداعم للوحدة الترابية ولمغربية الصحراء    الهند وباكستان في طليعة المستفيدين من التأشيرة الإلكترونية المغربية.. إصدار أزيد من 385 ألف تأشيرة منذ 2022    فتح استثنائي لمعبر "زوج بغال"الحدودي بين المغرب والجزائر    انضمام الحارس المغربي أنس الزنيتي إلى الوصل الاماراتي    مغاربة يحتفلون باتفاق غزة وينددون باستمرار الإبادة عقب صلاة الجمعة    التأشيرة الالكترونية.. نتائج إيجابية على القطاع السياحي بالمغرب (وزارة)    أوريد يوقع بمرتيل كتابه "الإغراء الأخير للغرب: تداعيات الحرب على غزة"    وفاة الممثل المصري فكري صادق بعد صراع مع المرض    الدولي المغربي حمزة منديل ينضم إلى أريس سالونيكا اليوناني    وفاة جوان بلورايت نجمة المسرح والسينما البريطانية عن 95 عامًا    ارتفاع أسعار النفط في ظل مخاوف بشأن المعروض    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    الرجاء يعلن انطلاق عملية بيع تذاكر مباراته ضد مانييما    منع الجمهور التطواني من التنقل لمتابعة مقابلة النادي المكناسي    الصين تؤكد على التزامها الدائم بتعزيز التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    استطلاع هسبريس: المغاربة يفضلون "الكاش" على البطاقات البنكية    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الديمقراطية التشاركية إلى الديمقراطية التداولية
نشر في المساء يوم 23 - 10 - 2012

ترتبط مسألة الهوية والحقوق الثقافية ارتباطا وثيقا بمنظومة المواطنة بعلاقتها بالأرض والتاريخ والثقافة واللغة. من هذا المنظور، وجب التركيز على المبادئ الكبرى والغايات الجوهرية من التعددية وليس على هوية بعينها أو لغة بعينها. يتوخى، في المقابل، ترك تدبير التعدد لمعطيات قائمة وواقعية، مثل التقسيم الجهوي والمؤهلات الإنسانية والاقتصادية والثقافية... وتبيان التداول حوله في إطار ديمقراطية تداولية لكي لا يصبح الدستور مجرد لائحة قوانين.
إن إعمال بعض القوانين والفصول العينية، التي تسمي مكونا دون آخر، ستضعف حمولة الدستور، ولاسيما إذا كان الواقع لم يستوعبها ولم ينضجها. مثل هذه القوانين والفصول تشكل خطرا على جوهر الثقافة الدستورية والقانونية وتهديدا لنجاعة التفعيل الدستوري.
في هذا الخضم، فإن فعل دسترة الأمازيغية، الذي أشار إليه مباشرة المرتكز الأول من الخطاب الملكي ل9 مارس 2011 وبطريقة ضمنية المرتكز الثاني حين ساق «منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية»، يمكن من تصور بناء الهوية المغربية على أسس المواطنة في تجلياتها الكبرى، مثل حماية الإنسان وصون حقوقه الثقافية واللغوية والمؤسساتية... فدسترة الأمازيغية باعتبارها رصيدا لجميع المغاربة، كما جاء في الفصل الخامس من دستور 2011، ستقوي مكانتها في المنظومة الوطنية المغربية وتمتن الشعور بالمواطنة والاعتزاز بالهوية الفردية والجماعية.
على هذا النحو، تشكل دسترة الأمازيغية في شقها الهوياتي بندا حداثيا في تكريس مفهوم الإصلاح الديمقراطي لأنه يؤثث لوضعية تتسم بالمساواة والعدالة تحول دون تصنيف المواطنين المغاربة حسب انتمائهم اللغوي أو العرقي. ومن ثم تصبح دسترة الأمازيغية تأكيدا على الخصوصية الهوياتية للمغرب، وتشكل كذلك عنصرا أساسيا في تنمية المجال الترابي وتكريس الشخصية الوطنية وتطوير المجتمع وإرساء كرامته وتصريف تنوعه وثرائه من خلال منظومة التفاعل والتداخل والتمازج اللغوي والثقافي والإنساني.
وبموازاة اعتماد الخصوصية الهوياتية المغربية في شقها الأمازيغي تضحى مقولة الانتماء إلى المغرب العربي أو العالم العربي متجاوزة، ويتوخى في هذا الباب الانتقال من منظومة «الانتماء إلى المغرب العربي» (كما جاء في دساتير 1970-1972 والمراجعات الدستورية لسنة 1980-1992 و1996) إلى منظومة الانتماء إلى المغرب الكبير (أو شمال إفريقيا) كما نص عليه دستور 2011 ودستور 14 دجنبر 1962 أو الرجوع إلى منطق اشتغال المجلس الدستوري لسنة 1960 الذي لم يحدد في مبادئه العامة الانتماء إلى الوطن العربي.
ومن تبعات هذا المنطق الانتمائي، سيمكن المبدأ الأساس للمواطنة من الاعتراف بالخصوصيات اللغوية والثقافية لجميع المغاربة. في هذا الصدد، تشكل دسترة اللغة الأمازيغية مدخلا أساسيا لتبني خطة جديدة للإدماج الوطني، بحيث إن مقولة الازدواجية لا تضعف وضع اللغة العربية؛ كما أن دسترة اللغة الأمازيغية هي نتاج لسيرورة بدأت منذ سنة 1994 مرورا بخطاب أجدير لسنة 2001 إلى خلق إذاعة الثامنة سنة 2010 لدعم الأمازيغية، هوية ولغة، في المشهد الإعلامي المغربي. كما أن دسترة اللغة الأمازيغية تندرج في خضم الاعتراف بالتعدد اللغوي والتنوع الثقافي في إطار وحدة الهوية والانتماء إلى الوطن/المغرب. كما تجدر الإشارة إلى أن المرتكز الأساسي في تصدير دستور 2011 يؤكد أن تعدد الهوية المغربية لا يتم إلا بإقرار التعددية اللغوية الوطنية، لذا فتفعيل دسترة الأمازيغية سيجيب عن مطلب المساواة والعدالة اللغوية.
وبموازاة هذا المطلب، سيمكن استعمال اللغة الأمازيغية في المجال العام من خلق إطار يؤسس لنوع جديد من الديمقراطية يتجاوز هامش الديمقراطية التشاركية إلى فضاء ديمقراطية تداولية تستجيب لحق التداول والتقرير في السياسات اللغوية والثقافية بالمغرب والحماية القانونية للغات، ذلك لأن التفاوت في القيمة الرمزية وفي الوضعية الاعتبارية والقانونية للغات المختلفة ينسحب تلقائيا على الوضعية الاعتبارية للمنتسبين إلى تلك اللغات ويحكم مراتبهم في المواطنة. يمكن، إذن، من هذا المنظور اعتبار دسترة اللغة الأمازيغية ركيزة لإرساء مفهوم الإصلاح المواطناتي. لهذا، وجب الأخذ بعين الاعتبار عدة منطلقات:
- إعمال مبدأ الدستورية والوظيفية والفاعلية في ما يتعلق بالتعددية اللغوية من خلال ديمقراطية تداولية؛
- ترسيخ الحق في اللغة والحق في تطوير المعارف والحق في التنمية من خلال استعمال اللغة، ولاسيما مع هيمنة الفرنسية ولغات أخرى على السوق اللغوية المغربية؛
- ملاءمة الحقوق اللغوية والثقافية مع الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية؛
- تفعيل الحقوق اللغوية داخل المؤسسات والمرافق العمومية.



سعيد بنيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.