يعود كتاب «آل ستراوس كان» لكل من رفائيل باكي وأراين شومان إلى الغوص في أسرار الحياة الخاصة لإحدى أشهر الزيجات في تاريخ فرنسا. يرجعان إلى الإرهاصات الأولى لميلاد هذا الثنائي. يرصدان كل صغيرة وكبيرة في أولى خطواتهما. يسلطان الضوء على مناطق الظل في حياة مذيعة حسناء واشتراكي كان قاب قوسين من قصر الإليزي. وأخيرا، يكشفان أسرار المغامرات الجنسية للمدير السابق لصندوق النقد الدولي التي دقت المسامير الأخيرة في نعش علاقة آن وسانكلير. وصل الوزير الجديد إلى مقر الوزارة لحضور حفل تسليم السلط بينه وبين سلفه مشيا على الأقدام. هذا يعد حدثا غير عادي بالنسبة إلى الموظفين الذين هبوا إلى جميع النوافذ لمعاينة هذا الحدث الاستثنائي. وبعد سنوات على ذلك الحدث، لم تشهد أية وزارة فرنسية حدثا مماثلا، على حد قول مفتش للمالية، كان شاهدا على وصول دومنيك ستراوس كان غداة تعيينه وزيرا للمالية في حكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان إلى مقر وزارته مشيا على الأقدام بدل النزول في تفاخر من سيارة فارهة. وازداد وقع المفاجأة بعد أن دلف الوزير إلى البناية الرئيسية لوزارة المالية، حيث آثر الصعود إلى الطابق العلوي عبر الدرج بمعية مستشاريه وكاتباته عوض استعمال المصعد. الحقيقة أن هذه المبادرات التي قام بها ستراوس كان فاجأت الكثيرين من الفاعلين السياسيين في الوقت الذي اعتبرها آخرون، خصوصا التيارات الاشتراكية، أهم خصوصيات الحكومة الاشتراكية الجديدة بقيادة جوسبان. غير أن الصحافة الفرنسية لم تفوت هذه الفرصة دون تحويل السلوكات الجديدة لوزراء ما يعرف ب«التعايش السياسي» إلى مواد رئيسية في صفحاتها الأولى. ومعلوم أن التعايش السياسي مصطلح يطلق على المرحلة التي يكون فيها الرئيس الفرنسي من حزب بينما يكون رئيس حكومته من حزب معارض نتيجة تباين في نتائج الانتخابات الرئاسية والاستحقاقات البرلمانية. أصبحت الصحف الفرنسية تتنافس على تحقيق السبق الصحافي في أخبار ستراوس كان. ولأن اسمه العائلي كان أطول شيئا ما، فإن الإعلاميين الفرنسيين توصلوا إلى حيلة اختزلوا بموجبها اسمه الثلاثي في ثلاثة حروف فقط، وهي الحروف الأولى في الكلمات الثلاثة التي يتكون منها اسماه الشخصي والعائلي. وهذا ما دفع المحللين السياسيين إلى تشبيهه بالرئيس الأمريكي الأسبق كينيدي، الذي اختزل الإعلام الأمريكي اسمه هو الآخر في ثلاثة أحرف، وأصبح هذا الاختزال شائع الاستعمال في العالم كله، ولا يزال كذلك إلى حدود الساعة. المثير، كذلك، هو أن دومنيك ستراوس كان حظي، منذ الساعات الأولى التالية لتعيينه على رأس وزارة المالية في حكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان، بدعم كبير من قبل الإعلام الأمريكي. وتجلى هذا الدعم بوضوح في مقال نشرته جريدة أمريكية متخصصة في عالم المال والأعمال، موقع باسم هيئة التحرير، يثني على قدرات وزير المالية الجديد. ولم تتردد هيئة تحرير المجلة ذاتها في اعتبار ستراوس كان «الرجل القادر على وضع فرنسا على السكة الصحيحة». ثورة مظاهر أحدث دومنيك ستراوس كان ثورة حقيقية في وزارة المالية الفرنسية، على الأقل على مستوى المظاهر، إذ تغيرت الكثير من مظاهر هذه الوزارة في عهد الوزير الاشتراكي، فبعد أن كان هذا المكان يعج بأصحاب البذل الكلاسيكسية والألوان المحايدة، صار العاملون فيه، بمن فيهم كبار الموظفين، يتمتعون بحرية أكبر في ارتداء اللباس الذي يشاؤون دونما تعقيدات. تحولات التقطها الإعلام الفرنسي وجعل منها موضوع نقاش عمومي، خصوصا بعد أن تبين أن هذه الحرية امتدت أيضا إلى الاجتماعات اليومية التي يعقدها وزير المالية مع كبار الموظفين ومعاونيه ومستشاريه كل مساء. والغريب هو أن هذه الحرية شملت مع مرور الوقت، أيضا، زوار الوزارة من المستثمرين أرباب الشركات ورجال الأعمال. وأقر دومنيك ستراوس كان، كذلك، ثورة على مستوى اللغة المتداولة داخل الوزارة. وكان هذا التحول أكثر التغيرات إثارة للجدل في وزارة المالية في تلك الفترة. إذ عاب فاعلون سياسيون كثر على ستراوس كان عدم صرامته لغويا مع معاونيه وكبار موظفي وزارته وزواره وضيوفه، وذلك بعد أن كشفت الصحف الفرنسية أن وزير المالية يشجع مستخدمي وزارته على استعمال اللغة الإنجليزية في التواصل. عمل دومنيك ستراوس كان، أيضا، على إحداث تحول عميق في أسلوب عمل الوزارة. ورغم أنه كان يعي تمام الوعي مدى صعوبة تحقيق هذا الأمر في وزارة تضم مصالح معقدة ومتضاربة من حجم وزارة المالية، فإنه كان يؤمن بأن الكلمة الأخيرة ستؤول في هذا المجال للذكاء. ولهذه الأسباب، كان حريصا على إقرار هذه التحولات بذكاء وإظهارها في الوقت المناسب لكي لا تثير حنق المعارضين. والواضح أن ذكاءه مكنه من التوصل إلى الطريقة المثلى للإمساك بزمام الأمر في هذه الوزارة العملاقة وتفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع معارضي ثورته الهادئة. ويبدو أن دومنيك ستراوس كان استفاد كثيرا من أول تجربة وزارية له على رأس وزارة الصناعة بين سنتي 1991 و1993. في تلك الفترة، لم يتوقف عن تسليط الضوء على السلطات الواسعة التي يتمتع بها مفتشو المالية. والمؤكد أن التجربة الوزارية الأولى مكنته أيضا من معرفة الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء المفتشين. ومعلوم أن حكومة 1993 قادت مرحلة «تعايش سياسي»، وهي المهمة نفسها التي اضطلعت بها حكومة 1997، التي تحمل فيها ستراوس كان حقيبة المالية. في التجربة الحكومية الأولى، كان الوزير المكلف بالميزانية من نجوم اليمين الفرنسي، وليس هذا النجم سوى نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق. في عهده، كان مفتشو المالية يحتلون موقعا مرموقا في هرم السلطة في فرنسا، خصوصا في شقها المالي والاقتصادي. وازدادت حظوة مفتشي المالية بعد انتخاب جاك شيراك رئيسا للجمهورية الفرنسية. ولم يكن دومنيك استراوس كان يتردد، وقتئذ، في انتقاد توسع صلاحيات هؤلاء المفتشين وتنامي تأثيرهم في القرار الاقتصادي والمالي. وبلغت هذه الانتقادات أوجها حين وجه ستراوس كان سهام النقد مباشرة إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيره الأول ألان جوبي، حيث لامهما على «إصرارهما على اعتبار مفتشي المالية صفوة النخبة الاقتصادية في البلاد». قبل 1997، كان حزب جاك شيراك يحكم قبضته على المشهد السياسي الفرنسي، وهو ما منح الرئيس شيراك ووزيره الأول جوبي ثقة كبرى في النفس جعلتهما يعملان على تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة. ولم يدركا أن هذا القرار يعد خطأ فادحا إلا مساء يوم الاقتراع حين أعلن فوز الاشتراكيين بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية، الغرفة الأولى في البرلمان الفرنسي. بعد هذه الانتخابات المبكرة، صار اليمينيون مجبرين على اقتسام السلطة مع الاشتراكيين في إطار «تعايش سياسي جديد»، وهو ما فتح أبواب الاستوزار من جديد أمام دومنيك ستراوس كان، الذي كان آنذاك القيادي الاشتراكي الأبرز في قطاع الاقتصاد والمالية. فريق «دي. إس. ك» كان دومنيك ستراوس كان محظوظا لأن توقعات شيراك وجوبي بخصوص مستقبل النمو الاقتصادي لفرنسا لم تكن في محلها. كانا يعتقدان بأن فرنسا ستدخل مرحلة تباطؤ في النمو الاقتصادي فجاءت المرحلة التالية بعكس توقعاتهما. إذ استعاد الاقتصاد الفرنسي وتيرة نموه مباشرة بعد إسناد وزارة المالية للاشتراكيين في شخص ستراوس كان. وقد منحت هذه التطورات السارة بالنسبة إلى الاقتصاديين ورجال الأعمال الفرنسيين حرية أكبر لستراوس كان لفرض أسلوب عمله في وزارة المالية، كما مكنته من الحد من سلطات مفتشي الوزارة. ولم تقتصر نجاحات هذا القيادي الاشتراكي على المجال الاقتصادي والمالي، بل استطاع منذ الوهلة الأولى لتسلمه حقيبة المالية في حكومة ليونيل جوسبان توجيه ضربات سياسية إلى خصومه بعد أن حرص على إشراك نسبة هامة من النساء في فريقه، علاوة على تنوع في اهتمامات وأصول معاونيه ومستشاريه. كان فريق ستراوس كان نموذجا يقتدى به في أعين دعاة الجندرة وإشراك المرأة في صناعة القرار. انتبه وزير المالية، أيضا، إلى حاجته إلى وجهات نظر متباينة لتدبير الشأن الاقتصادي والمالي للجمهورية الفرنسية. ومن هذا المنطلق ضم إلى فريقه محامية متخصصة في عالم المال والأعمال تدعى ستيفان بوجناح. وكانت هذه المحامية مشهورة في تلك الفترة بتفضيلها العمل باللغة الإنجليزية وتقليلها من استعمال اللغة الفرنسية. وقد تبين لاحقا أن ستراوس كان جعل من إتقان اللغة الإنجليزية شرطا للانضمام إلى فريقه. وعندما وجه إليه خصومه السياسيون انتقادات لاذعة جراء تهميشه الفرنسية وتقديمه الإنجليزية رد عليهم بخرجات إعلامية أكد فيها أنه لا يريد أن يسمع وجهة نظر وحيدة فقط. وكشفت الأيام التالية عن أسرار أخرى دفعت ستراوس كان إلى الاستعانة بمعاونين يتقنون اللغة الانجليزية، ومنها سعيه إلى إقامة علاقات اقتصادية متينة وفريدة من نوعها مع بريطانيا، التي كان وزيرها الأول، توني بلير، يقودها نحو سياسة جديدة وصفها ستراوس كان نفسه يومها بالسياسة «الاشتراكية الليبرالية». الغريب أن ستراوس كان ظل يدافع عن النموذج الاقتصادي الذي يقدمه توني بلير، ويحث على الاقتداء به رغم أن ليونيل جوسبان كان يصف بلير بالاشتراكي الخائن. وضم فريق ستراوس كان كذلك ناطقة رسمية باسمه على الصعيد الدولي هي مينا ميتز، وكانت تتمثل مهمتها في تكوين صورة جديدة عن وزير المالية الفرنسي لدى الإعلام الأوربي والأمريكي، بالإضافة إلى الإشراف المباشر على الخرجات الإعلامية لستراوس كان في موضوع انتقال فرنسا من تداول الفرنك الفرنسي إلى اعتماد العملة الأوربية الموحدة، وضم ستراوس كان كذلك إلى فريقه نقابية من الكونفيدرالية الفرنسية الديمقراطية للشغل تدعى نيكول نوتات، في الوقت الذي أسند فيه رئاسة ديوانه لستيفان كايتا. والملاحظ أن معظم الشخصيات التي اختارها ستراوس كان للعمل إلى جانبه في وزارة المالية كانوا شبابا وشابات أو على الأقل أصغر منه سنا. توفرت ثلاث صفات رئيسية في جميع أعضاء ديوان وزير المالية ستراوس كان، وهي: النبوغ والذكاء والاختلاف. هذه صفات كان ستراوس كان يرى فيها الوصفة السحرية للنجاح. استطاع ستراوس كان، كذلك، أن يبتكر آليات جديدة لتشجيع أعضاء فريقه للعمل وتقديم الأفضل. وفي هذا السياق، لم يكن يتردد في دعوة أعضاء ديوانه الرياضيين إلى مشاركته لعبته المفضلة في عطل نهاية الأسبوع. غير أن متتبعي الشأن السياسي الفرنسي اعتبروا هذه العلاقات الفريدة التي نسجها، وقتئذ، مع معاونيه المقربين سلبية بعد أن أبدى بعض أعضاء ديوان الوزير ثقة عمياء في ستراوس كان، ولذلك، كان من الطبيعي ألا يخالفوه في الرأي ويتفادوا التعبير عن رأي إذا علموا أنه سيثير غضبه. ورغم هذه الانتقادات فقد اعترف خصوم ستراوس كان بقدرة هذا الأخير على الرفع من تأثير فرنسا في صناعة القرار المالي الدولي. فقد استطاع منذ أسابيعه الأولى على رأس وزارة المالية أن يعيد باريس إلى واجهة الأحداث المالية والاقتصادية، حتى قيل إنه يضبط أعماله على أجندة المالية العالمية. في «سيليكون فالي» في سياق الانفتاح على العالم في المجال المالي والاقتصادي، فاجأ الوزير الاشتراكي معاونيه حين قرر بعيد تسلمه مسؤولية وزارة المالية السفر على عجل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتحديدا ولاية كاليفورنيا، لزيارة مجمعها العملاق «سيليكون فالي» من أجل ربط قنوات التواصل مع أبرز المقاولات الناشطة في مجال ما بات يعرف إعلاميا ب«الاقتصاد الجديد». ولم يكن الطابع المفاجئ لهذه الزيارة النقطة الوحيدة المثيرة للجدل. ذلك أن خصوم القيادي الاشتراكي صبوا عليه جام غضبهم بعد أن أعلن ديوانه، في بيان صحافي، أن وزير المالية يعتزم قضاء وقت أطول في الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل استقطاب استثمارات في مجال التكنولوجيات الحديثة في أقرب وقت ممكن قبل أن تظفر بها دول أخرى كانت تنافس فرنسا على الانطلاقة بقوة في عالم «الاقتصاد الجديد». ولم يتقبل فاعلون سياسيون كثر، ضمنهم اشتراكيون، أن يغيب وزير المالية مدة طويلة عن مكتبه في الوزارة من أجل إقناع الشركات الناشطة في صناعة الحواسيب والهواتف بجدوى نقل جزء من أنشطتها وتكنولوجيتها نحو القارة العجوز. والأهم من ذلك كله إقناع الشركات العملاقة بأن فرنسا تظل الموقع المناسب لأنشطتها لغزو الأسواق الأوربية. غير أنه سرعان ما خفت الانتقادات الموجهة إلى وزير المالية الاشتراكي بعد أن كشفت صحف أمريكية عن أنباء تنفي أن يكون ستراوس كان قدم تنازلات للشركات الأمريكية العملاقة نظير تنفيذها استثمارات في بلاده. الصحف ذاتها أكدت أن الوزير الفرنسي ركز في جل لقاءاته مع شركات الاقتصاد الجديد على الفوائد التي ستجنيها هذه الشركات من العمل في فرنسا بفضل توفر الموارد البشرية المؤهلة بوفرة. عند عودته إلى مكتبه بوزارة المالية، أطلق ستراوس كان حملة تواصلية للدفاع عن قراره البقاء فترة أطول من المتوقع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونفى تقديم تنازلات لشركات سيليكون فالي قد تضر بمصالح المقاولات الفرنسية. وقد استهل القيادي الاشتراكي هذه الحملة التواصلية المضادة بتصريح أكد فيه قدرة فرنسا على انتزاع مكان لها في سوق التكنولوجيات الحديثة وضمان موقع ريادي في الاقتصاد الجديد. إذ قال ستراوس كان في أول خرجة إعلامية له بعد عودته من ولاية كاليفورنيا الأمريكية: «فرنسا بلد مهندسين. يمكننا بكل سهولة أن ننتج بدورنا هذه التكنولوجيا الحديثة». وفي خضم هذه الحملة، عمل على إقناع ليونيل جوسبان بخطة عمله الجديدة على رأس وزارة المالية. وتنبني هذه الخطة على المنطق التالي: الذكاء ينتج العلم، الذي ينتج التكنولوجيا التي تنتج النمو الذي يخلق فرص العمل.
يوم غضبت القيادية الاشتراكية مارتين أوبري حقق دومنيك ستراوس كان نجاحات هامة في وزارة المالية، نجاحات يعترف بها خصومه ومناصروه على حد سواء. غير أنها لم تجنبه غيرة الكثيرين، ضمنهم قياديون اشتراكيون بارزون. كانت مارتين أوبري، التي تتزعم حاليا الحزب الاشتراكي الفرنسي، أول من انتقد ستراوس كان من داخل حزب ليونيل جوسبان. فقد وصفت في تصريحات صحافية، خلقت بها الحدث في فرنسا، وزير المالية الفرنسي وقتها ب«البيروقراطي» بعد خلاف بين الطرفين على مناصب شغل كانت ابنة جاك دولور تمني النفس بأن يقتنع رفيقها في الحزب بجدوى تخصيصها للشباب أثناء مرحلة إعداده أول مشروع قانون مالية بعد تعيينه وزيرا للمالية. ولذلك كانت صدمتها قوية حين علمت بأن ستراوس كان ارتأى إحالة تلك المناصب على جوسبان للحسم في أمرها، رغم أنه كان بإمكانه أن يستجيب لطلب أوبري بتخصيصها للشباب ويكسب شعبية في صفوف هذه الفئة قد ترفع رصيد شعبية الحزب الاشتراكي وتضمن له أصواتا في الاستحقاقات الانتخابية الموالية. ورغم أن ستراوس كان لم يقل قط بأنه أخطأ حين آثر عدم الاستجابة لطلب أوبري متسببا في إغضابها، فإن متتبعي الشأن السياسي الفرنسي يعتبرون قراره بإحالة الحسم في أمر مناصب الشغل المخصصة للشباب أحد أخطائه الفادحة في وزارة المالية. غير أنهم يرجعون هذا الخطأ إلى طبيعة الأسلوب الذي يشتغل به ستراوس كان المختلف كليا عن أسلوب جوسبان. ستراوس كان يعطي الأولوية لمنهجية اتخاذ القرارات وجوسبان يولي اهتماما أكبر للصرامة في تنفيذ القرارات.