الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب تستقطب أكثر من 403 آلاف زائر    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    المغرب يقترح منصة رقمية "صينية-عربية" وبرامج تكوين في الذكاء الاصطناعي لتعزيز التعاون    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    إيطاليا تعتقل المشتبه به في جريمة طعن مصلٍ داخل مسجد بجنوب فرنسا    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    انتشال جثة فتى من وادي ملوية بعد اختفائه    الأمن الوطني يوقف مروّج وشاية كاذبة حول جريمة قتل وهمية بابن أحمد    حزب الاستقلال بالحسيمة يكتسح الانتخابات الجزئية بفوزه بأربعة مقاعد    بوريطة: إفريقيا لم تعد في حاجة إلى الشعارات الإيديولوجية وإنما إلى العمل الملموس والحازم    عبد الله البقالي يترأس أشغال المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بالحسيمة    أسعار النفط تستقر مع بداية الأسبوع    كيم جونغ يقر بإرسال قوات إلى روسيا    مقتل 68 مهاجرا في قصف أمريكي    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    بنكيران وحزب العدالة والتنمية.. زعامة تتآكل وسط عزوف القيادات وهروب إلى المجهول    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    الصين: المغرب ضيف شرف النسخة ال11 لمؤتمر رواد الأعمال لمنتدى التعاون الصيني العربي    تيزنيت : الوقاية المدنية و الهلال الاحمر درعا السلامة و الأمان ب"سباق النصر النسوي"    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    أجواء حارة في توقعات طقس الإثنين    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    "منتخب U20" يواصل التحضيرات    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    فوزي لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تأهله إلى نهائي كأس الكونفدرالية    أزروال يهنئ لقجع إثر تعيينه نائبا أولا لرئيس الكاف: "إنجاز مشرف ويعكس الكفاءة العالية والعمل المتواصل"    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقاوي: النقاش حول الحريات الفردية مغلوط وهذا ردي على لكحل
أكدت أن بعض مؤسسات الرعاية الاجتماعية مستنقع متعفن وأن الخطة الحكومية للمساواة أصبحت جاهزة
نشر في المساء يوم 14 - 10 - 2012

بسيمة الحقاوي أول وزيرة محجبة في تاريخ المغرب، انتقلت من ناشطة في مجال المرأة وطنيا وعربيا
إلى وزيرة للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. يسلط عليها الضوء باعتبارها استثناء وسط حكومة من الرجال، كما يثار الكثير من الجدل حول أدائها «الإسلامي» في وزارة تعودت أن يتعاقب عليها وزراء بجرعة زائدة في «التقدمية». في هذا الحوار تتحدث بسيمة الحقاوي عن ملابسات اتهامها بتكفير سعيد لكحل، وعن الاحتجاجات التي ترافقها أينما حلت وارتحلت، وعن الأمهات العازبات، والإجهاض والحريات الفردية. كما تعرض لحصيلتها الوزارية، وتقف عند تحالفات العدالة والتنمية، موضحة أن الوضع السياسي اليوم لا يساعد على تشكيل كتل سياسية قوية.
- خلال مشاركتك الأخيرة في برنامج تلفزي بالقناة الثانية اتهمت الباحث في الحركات الإسلامية سعيد لكحل بعدم التدين. أليس هذا وصاية على معتقدات وأفكار الناس؟
ليس من حقي أن أقيّم مدى تدين الناس، ولا أملك أداة لذلك. كما أنني لا أشق على صدورهم، لكن الذي كنت أقصده، واستدركته في حينه، هو أن اتهامي بالسفر دون محرم في تناقض مع ادعاء الدفاع عن المرأة صادر عن شخص غير محسوب على التيار الديني، وهذا صحيح، وذلك في إطار إحاطة الضيفة المصرية، التي كانت تهاجمه على اعتبار أنه من الإسلاميين. لكن الذي حصل هو أن هذا الشخص اتهم الحكومة، في تصريحه، ب«الاعتداء العلني السافر» على المرأة، حيث قال بالحرف إن «التواطؤ بين الحكومة والتيارات الدينية في المغرب أو تونس أو ليبيا أو في مصر وفر حماية للتيار الديني ليمارس عنفه وتضييقه على المرأة في الحياة العامة وفي الشارع العام»، بل إنه تجاوز ذلك إلى اتهام المواطن بالقول إن «المواطن العادي لمّا يجد حماية للدولة لهذا التيار ينخرط هو الآخر ليستفيد من هذه الحماية، ويفرغ ويفجر أو يفتح مجالا لهذه الخلفية ويمارس أيضا اعتداءه وتضييقه على المرأة». أَوَ ليس هذا تحريضا بيّنا على الحكومة والمواطن؟!
- أنت أول وزيرة محجبة في تاريخ المغرب، ما الذي يعنيه لك هذا؟
يعني أن المغرب تغير، وأن الديمقراطية أخذت مكانها في المناخ السياسي الوطني. كما يعني أيضا أن المواطنة أصبحت أقوى من أي اعتبار آخر، وأن التهميش والإقصاء والتمييز الذي يصوب إلى جهة بسبب الانتماء أو المظهر بدأ يتقلص، أو على الأقل بدأ يأخذ تمظهرات أخرى.
- تمظهرات من قبيل ماذا؟
المواقف المقنعة مثلا.
- نساء الحركة الوطنية، اللواتي كان أغلبهن ينهلن من مرجعية سلفية إسلامية، نزعن الحجاب وارتدين اللباس العصري، بمنطق أن حجابك يحجب تطورك وانخراطك في التقدم. فيما حركة التوحيد والإصلاح، التي ينتمي أغلب أعضائها إلى حزبكم، رفعت شعار: «حجابك عفتك»، وهو شعار فهم منه البعض أن العفة حكر على المحجبات.
لا علاقة لهذا العصر بالعصر الذي كان فيه الحجاب تقليدا. صحيح أن الحجاب لا يختزل في العفة، لأنه أكبر من ذلك، فهو طاعة لله. كما أن العفة لا تختزل في الحجاب، لأنها قيمة إنسانية قد تتحقق عند المتحجبة وغير المتحجبة.
- هذا يعني أنك تربطين ارتداء الحجاب باجتهاد بشري محدد في الزمن وفي الفئات المستهدفة، وليس بمفهوم الحلال والحرام؟
شخصيا لا أعيش رداء الحجاب بالمنطق الذي يجعل المرأة حبيسة الشكل، وكذلك ليس بمنطق من يحتكر العفة أو الأخلاق أو السلوك المستقيم. هذه قناعة واختيار. الحجاب لم يمنعني ولم يعقني يوما عن ممارسة ما تقوم به امرأة اشتغلت بالعمل الجمعوي، وأيضا بالعمل السياسي، الذي يتطلب الحركة بين المدن والبلدان، والتحدث إلى عموم الناس في فضاءات عامة وخاصة.
- يعني هذا أنك لا تتفقين مع شعار «حجابك عفتك»؟
هذا شعار تربوي من حق حركة التوحيد والإصلاح أن ترفعه في حملتها لتحصين الفتيات من السقوط في وضعية الاستغلال، خصوصا الاستغلال الجسدي والجنسي، ومن حق هذه الجهة أن ترفع الشعار التخليقي الذي تراه مناسبا.
- مؤخرا نظمتم في وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية الندوة الإقليمية للوقاية ومحاربة العنف ضد النساء. وقد احتجت الجمعيات النسائية على تغييبها من هذا اللقاء.
لقد وجهنا الدعوة إلى كل الجمعيات النسائية المسجلة لدى الوزارة، بما فيها فروعها في عدد من المدن، وأكدنا الدعوة التي أرسلناها مكتوبة بالاتصال الهاتفي، وخصصنا نصف يوم من أشغال الندوة لجمعيات المجتمع المدني، ناهيك عن أن عموم المدعوين جمعيات، وكان يفتح مجال للحضور عقب كل جلسة من جلسات الندوة الخمس للمشاركة في النقاش، حيث خصصت ساعة بعد كل جلسة كغلاف زمني للنقاش.
النقطة التي ربما كانت ذريعة للقيام بردود فعل غير مفهومة هي أن بعض الجمعيات طالبت بأخذ الكلمة من فوق المنصة، وأنا منذ توليت تدبير هذه الوزارة أخذت على نفسي أن أكون عادلة بين كل الجمعيات، وأن أجعل بيني وبينها نفس المسافة، وألا أميز جمعية على أخرى، وأن أساوي فيما بينها من حيث الحق في الدعم، والحق في التدخل والتواصل. فما هو المعيار الذي يمكن أن أعتمده لاختيار جمعية دون أخرى لتتفرد بالمنصة؟ ليس من العدل أن أخص جمعية دون أخرى بهذا الامتياز. أما اللوحات التي رفعت في الجلسة الافتتاحية للندوة، فلا علاقة لها بالموضوع، بل تخص مواضيع نشتغل عليها، وقد رفعت بشكل حضاري، لذلك فلا بأس، فقط لم يكن السياق مناسبا لذلك.
- هل فعلا وقفت على جملة من الاختلالات المالية تعود إلى مرحلة الوزيرة السابقة نزهة الصقلي تتعلق بالدعم والشراكة بين الوزارة والجمعيات؟
نحن لم نقم بأي افتحاص حتى نقف على الاختلالات أو التجاوزات، فقط بين أيدينا تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وأيضا تقرير المفتشية العامة للمالية.
- راج بأنك وقفت على عدد من الاختلالات تتعلق بتمتيع جمعيات دون أخرى بالامتيازات والدعم لاعتبارات غير موضوعية.
كل جمعية مغربية لها الحق في الدعم العمومي، لذلك لا يمكن أن نبني اتهاماتنا على بعض الفرضيات التي قد تكون واردة، لكنها إلى حد الآن مجرد فرضيات، لذلك أنا لا أصدر الأحكام اعتباطا، وتبقى المواكبة والافتحاص هما الفرصة الوحيدة لإظهار جدية الجمعيات، ومدى استثمار القطب الاجتماعي في الدعم الذي يقدم لها في إطار تنزيل السياسة الحكومية. لكن على العموم، الثقة حاصلة بالقدر الذي يجعل الشراكة المواطنة إحدى دعائم هذه العلاقة.
- قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، خلال الندوة الأخيرة التي نظمتها وزارتك، إن الذين يطالبون بالتنزيل الحرفي لما هو غربي في مجال محاربة العنف ضد النساء يغامرون بمستقبل المغرب. هل تتفقين معه في هذا؟
رئيس الحكومة، كعادته، كان واضحا ودقيقا في التعبير عن فكرة أساسية مفادها أن كل مجتمع يستحق أن تجتهد حكومته والفاعلون والمتدخلون في مجال من مجالات عمله لإبداع سياسات تتلاءم مع طبيعته، وإنتاج قوانين تلبي انتظارات مواطنيه وتغطي حاجياتهم. كما أن أي مجتمع يحتاج إلى أن يعترف بكيانه وهويته، وبحاجته إلى إصلاح جاء من أجله. هذا هو عمق الفكرة التي عبر عنها رئيس الحكومة. لكن هذا لا يعني أن نبدع دون أن نطلع على تجارب الآخرين، ونستوحي من الصالح منها ما يلبي انتظارات مجتمعنا. أنا أومن بالتراكم البشري الذي أنتجه التثاقف الحضاري، وبالانفتاح الضروري لإغناء التجربة الإنسانية.
- لنقم بتفصيل موقف بنكيران هذا. ما رأيك في تقنين الإجهاض، على الأقل بالنسبة إلى المغتصبات والحوامل من زنا المحارم؟
هذا موضوع نقاش في الكثير من الدول، يشارك فيه الأطباء والفقهاء وعلماء النفس والاجتماع، وكل من له رأي في الموضوع.
- تعنين أننا لسنا بحاجة إلى موقف عام وشامل، بل أمام مواقف تخص كل حالة بعينها؟
لا يمكن أن تحسم القضايا المجتمعية الحساسة بالتقسيط، كما لا يجب أن يبخس النقاش بالتعميم.
- دائما في سياق ما أسماه بنكيران «التنزيل الحرفي لما هو غربي»، صرح، مؤخرا، سعيد السعدي، الوزير الذي سبقك إلى مجال الأسرة والتضامن، بأن المساواة في الإرث لا تتعارض مع جوهر الإسلام. هل تتفقين معه؟
كل شيء قابل للنقاش وللمراجعة إلا ما جاء فيه نص قطعي، والإرث جاء فيه نص قطعي، خصوصا أن المغرب بلد إسلامي، ونظامه مؤسس على إمارة المؤمنين. وإذا كانت ظروف العيش قد تغيرت ثقافيا واقتصاديا، مما جعل لها انعكاسات اجتماعية، حيث يطرح في مقابلها مدى تكفل الذكور بالإناث، وعلاقته بحصص الإرث لنفس درجة القرابة من الهالك، مما لا يبرر استفادة الأخ من ضعف ما ترثه أخته، وبتطفل كبير على ذوي الاختصاص، أزعم، من خارج الدائرة الشرعية، إمكانية التكييف الاجتماعي بمعالجة قانونية، أي أن يكون هناك نص قانوني يلزم الأخ بالتكفل بأخته تماما كما يلزمه بالتكفل بالوالدين، وتكون له تبعات زجرية. وهنا نكون قد عالجنا وضعية اجتماعية دون المس بالنص، وحققنا العدل بين الطرفين. وهذا اجتهاد بسيط يدخل في الإجراءات القانونية الضامنة للحقوق، ولا علاقة له بالاجتهاد الشرعي.
- هناك توقعات تحذر من أن المغرب مقدم على إنجاب نصف أبنائه (50 بالمائة) خارج إطار الزواج، بفعل الفصل 446 الذي يعتبر الأمهات العازبات عاهرات، ويدين كل من ثبت أنها حملت أو أنجبت طفلا سفاحا بعقوبة حبسية مدتها ستة أشهر، وهو فصل يتناقض مع مقتضيات قانون الأسرة.
أين يتناقضان؟
- يتناقضان في كون قانون الأسرة يجبر الأب المفترض على إجراء فحص الحامض النووي للتأكد من نسب الطفل إليه من عدمه، ولا يدين الأم العازبة.
هناك زواج وفق الشرع والقانون، وهناك ممارسة بجميع وضعياتها خارج الشرع والقانون. لكن المشكل بالتأكيد يتعلق بوضع الأطفال.
- أنا أتحدث عن حقوق عشرات آلاف الأطفال المغاربة الناتجين عن علاقة خارج مؤسسة الزواج.
بالفعل يجب أن تكون هناك مساطر تنصفهم بما يخول لهم وضعية كباقي الأطفال، مع الحرص على تمكينهم من ظروف الإيواء والرعاية داخل المجتمع إذا لم تكن الأم قادرة على ذلك، وأيضا بما يمكنهم من تجاوز كل العراقيل القانونية للعيش بكرامة، متمتعين بجميع الحقوق. علينا الاجتهاد في القوانين من أجل إنصاف هؤلاء الأطفال.
- هل يشمل إنصاف هؤلاء الأطفال عدم تجريم أمهاتهم؟
المغرب بلد القانون، لكن المقاربة القانونية لا تكفي. علينا أن نستثمر في الوقاية والمعالجة بتحميل المسؤولية للجاني وحماية المجني عليه، واحتضان الضحية وضمان حقوقها.
- أنا أتحدث عن أمر واقع: هناك إحصائيات تؤكد وجود نصف مليون طفل في المغرب خارج إطار الزوجية، وهناك توقعات بأن يصبح 50 بالمائة من أبناء المغرب، خلال ال 20 سنة القادمة، في نفس الوضعية. والكل يؤكد على أن أحد الأسباب التي تمنع من إلحاق هؤلاء الأطفال بآبائهم البيولوجيين هو خوف الأم العازبة من الاعتقال والسجن؟
حق الطفل على المجتمع عندما لا يتحمل الآباء مسؤولياتهم.
- أثارت قضية انتحار أمينة الفيلالي نقاش تزويج المغتصبة من مغتصبها، حيث اعتبر البعض بأن الأسر تبارك مثل هذه الزيجات لاعتبارين: الأول لتفادي العار، والثاني لعدم توفير الدولة بنيات استقبال للمغتصبات. ألا تفكر الوزارة في إنشاء مؤسسات من هذا النوع؟
على مستوى الوزارة هناك برنامج لاستحداث مراكز لليقظة والتبليغ لرصد الاعتداءات على النساء والأطفال اللائي يذهبن ضحية ممارسات منحرفة من عنف واعتداء تحطم حاضرهم ومستقبلهم. التدخل الاستعجالي مطلوب في هذه الحالة، لذلك فإن مراكز اليقظة والتبليغ هذه كفيلة بأن تكون جهة مستقبلة، سواء بالنسبة إلى الحالات أو الذين يبلغون بوقوع حالات أو الاستعداد لوقوعها، أو أن هناك بيئة لانتعاش مثل هذه الممارسات. هذا جزء من استراتيجيتنا، التي من خلالها سنعمل على القضاء على وجود خادمات صغيرات في البيوت، ونقلص من حجم الاعتداءات على النساء والأطفال.
- الاحتجاجات تتبعك أينما حللت وارتحلت. هل تعتبرينها احتجاجات موضوعية على أداء وزيرة في أول تجربة لها؟ أم ترين أنها تخضع لأجندة سياسية معينة؟
أنت تبالغ، لكن لا بأس أن نؤكد على أن الحكم تداولٌ، والمواقع السياسية مسؤوليات، ولربما لم يستوعب البعض بعد ما يحدث في المغرب، والذي سألت عنه لا يعني وزيرة أو حكومة، بل يعبر عن عقلية لا تزال سائدة، تحتاج إلى الدمقرطة.
- من المسائل التي يؤاخذها عليكم خصومكم السياسيون أن حزب العدالة والتنمية يقف موقفا محافظا ومتصلبا من مسألة الحريات الفردية.
كيف؟
- أنا فقط أنقل ما يقال عنكم. هل لكم مقاربة بديلة، وغير عقابية، لكل من اختار غير الإسلام دينا من المغاربة، ولذوي الميولات الجنسية المثلية، على الأقل الذين وجدوا أنفسهم كذلك بيولوجيا؟
هذه قضايا ملغومة ونقاش خاطئ. الحريات يجب أن تكفل لكل المواطنين في إطار القانون، ونحن جئنا لنطبق القانون ونشتغل في إطاره. وكل من يمارس حريته في إطار القانون المغربي نحن معه، وكل من يمارس حريته خارج القانون المغربي سنحرك الأداة القانونية لضبطه.
- لماذا يظل حزب العدالة والتنمية شاردا في مسألة بناء التحالفات الاستراتيجية؟
أنت تقول كلام «صعيب». العدالة والتنمية لا يمكن أن يكون شاردا، لأن حضوره اليوم محوري في الحياة السياسية، وناجح في تحالفاته.
- أنا لا أتحدث عن التحالف الحكومي المرحلي وغير المنسجم، مثل التحالف مع التقدم والاشتراكية، بل أتحدث عن تحالف استراتيجي أو إيديولوجي مع أحزاب تربطها قواسم هوياتية بحزبكم؟
الوضع السياسي اليوم لم يساعد عموما على تشكل كتل قوية، وهناك ربما تصدعات داخل بعض الأحزاب. حزب العدالة والتنمية والحمد لله موفق في تحالفه الحكومي، الذي سيعزز التقارب بين هذه الأحزاب، لأن ما يجمع الفرقاء داخل تحالف سياسي معين هو العمل السياسي الذي يقوم على تدابير سياسية وليس على الإيديولوجيا. الإيديولوجيا ورقة يستعملها البعض ل«التسخين» وللتمايز، لكن عندما تكون هناك إرادة قوية للبناء والإنجاز وتجاوز التحدي تختفي الإيديولوجيات، وتختفي معها الانتماءات الحزبية والاعتبارات الشخصية، ليبقى الوطن ومصلحة المواطنين هي الأولوية، وهذا ما حصل اليوم.
- ما هي الإضافة التي حملتها لوزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية خلال هذه المدة؟
خلال التسعة أشهر التي مضت، وضعنا أسس العمل، وحددنا أدوات الاشتغال، واتضحت رؤيتنا للعمل المستقبلي، من خلال صياغة استراتيجية موحدة للقطب الاجتماعي، وأيضا صياغة دليل مساطر جديدة وموحدة للشراكة والتعاون مع الجمعيات ومع باقي الفرقاء.
كما أن الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة «إكرام» أصبحت جاهزة، إضافة إلى المخطط التشريعين، الذي سيقدم للبرلمان بداية هذه السنة التشريعية، ونذكر من مشاريعه العديدة مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء، ومشروع قانون خاص بالأشخاص في وضعية الإعاقة، ومشاريع القوانين ذات السند الدستوري وذات الأولوية في عملنا، والمتعلقة بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.
- وماذا عن مراكز الرعاية الاجتماعية التي تعرف تدهورا كبيرا؟
نحن نشتغل الآن على تنظيم مجال المراكز ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، فبعضها مستنقع متعفن ولم يعد ممكنا أن يستمر على ما هو عليه، لذلك شكلت لجن قامت بالتقييم الميداني للكثير منها، وبين يدي الآن تقرير تفصيلي تحليلي للوضع الذي يحتاج إلى اتخاذ إجراءات صارمة وتدخل تنظيمي وتشريعي.
- مثل ماذا؟
إصلاح القانون رقم 14.05 المتعلق بفتح مؤسسات الرعاية الاجتماعية لأهميته، وكذلك لما وقفنا عليه من تجاوزات في التطبيق أو في عدم احترام النص القانوني أصلا. وهناك قانون خاص بمحاربة التسول، وقانون خاص بالتدخل الإسعافي في الكوارث والنكبات، ومجموعة من القوانين نأمل أن تخرج في هذه المرحلة كترسانة قانونية تعوض الفراغ التشريعي الذي كان يعرفه القطاع، إذ على مدى عشرات السنين لم يستطع القطاع إخراج أكثر من قانون واحد هو القانون رقم 14.05 المتعلق بالرعاية الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.