عادت حكومة عبد الإله بنكيران إلى خطاب التفاؤل عبر لعبة الأرقام، وهي تعرض مشروع القانون المالي لسنة 2013 على أنظار الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري المنعقد أول أمس الخميس بالقصر الملكي بمراكش، مبشرة بتحقيق نسبة نمو تقدر بحوالي 4.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال سنة فلاحية متوسطة. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «المساء»، فإنه في مقابل نسبة النمو، التي تبقى إشارة دالة على خروج البلاد من الأزمة، توقع مشروع قانون المالية الجديد تخفيض عجز الميزانية من 7 في المائة حاليا إلى 4.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وتبدو نسبة النمو، التي تراهن الحكومة على تحقيقها خلال السنة القادمة، قريبة إلى النسبة التي توقعها بنك المغرب نهاية شهر شتنبر الماضي، بعد أن أعلن عن توقع حدوث انتعاش خلال 2013، بمعدل يتراوح بين 4 في المائة و5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. فيما كانت الحكومة قد وجدت نفسها بمناسبة أول تمرين مالي في وضع لا تحسد عليها، بعد أن اضطرت إلى مراجعة توقعاتها لمعدل نمو من 5 في المائة في التصريح الحكومي إلى 4.2 في المائة في مشروع القانون المالي لسنة 2012، قبل أن يستقر في 3.4 في المائة. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «المساء»، فإن تقديرات وزارة الاقتصاد والمالية بنيت على متوسط سعر برميل البترول في حدود 105 دولارات أمريكية، ومعدل صرف يبلغ 8.5 دراهم مقابل دولار أمريكي واحد. إلى ذلك، تكشف التوجهات العامة للقانون المالي عن توجه حكومة بنكيران للحفاظ على سياسة التقشف، التي نهجتها بشأن مصاريف الإدارات العمومية والتي مكنت من توفير 800 مليون درهم، وربط نفقات الإدارات العمومية بالحاجيات الضرورية. وحسب مصادر حكومية، فإن الحكومة تروم من خلال مشروع القانون المالي الجديد بالأساس التحكم في عجز الميزانية ومؤشر الموجدات الخارجية، مشيرة إلى أن هناك توجها نحو منح الميزانيات حسب البرامج عبر ربط منح الاعتمادات بالقدرة على إنجاز المشاريع المتفق عليها، فضلا عن مواصلة العمل على ترشيد النفقات العمومية. وكان بنكيران قد استبق المشروع ببعث منشور إلى وزرائه والمندوبين السامين، حدد فيه الأهداف الرئيسية لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة في «مواصلة التحكم في النفقات وترشيد استعمالها والرفع من المداخيل وتثمينها والحرص على الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية». من جهة أخرى، يورد مشروع قانون المالية الجديد الذي ينتظر أن يتم عرضه على البرلمان بعد المصادقة عليه في المجلس الوزاري القادم، مجموعة من التدابير تتلخص في ضمان ديمومة موارد صندوق دعم التماسك الاجتماعي، قصد مواصلة تمويل العمليات المتعلقة ب: تعميم نظام المساعدة الطبية، الذي أشرف ملك البلاد على إعطاء انطلاقته في شهر مارس من هذه السنة، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج «تيسير» للمساعدات المالية المباشرة لفائدة تمدرس أبناء الأسر الفقيرة، وكذا دعم أسر الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن التدابير المقترحة في قانون المالية للسنة القادمة تعزيز الإمكانيات المالية لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية لتصل إلى 1.5 مليار درهم عوض 1 مليار درهم سنة 2012، منها 500 مليون درهم ستخصص للمناطق الجبلية وفق مقاربة تتضمن مشاريع من شأنها أن تضمن الالتقائية والاندماج الترابي. ويبدو لافتا من خلال توجهات مشروع القانون المالي توجه حكومة بنكيران نحو تفعيل تدابير جديدة ترمي إلى الرفع من محتوى التشغيل في النمو، وكذا توسيع مجال تدخل صندوق التضامن للسكنى والاندماج الحضري ليشمل العمليات التي تهم البنايات الآيلة للسقوط مع تعزيز موارده. بالإضافة إلى تفعيل عقود تنمية الصادرات من أجل تحسين العرض التصديري وتسهيل الولوج إلى الأسواق الجديدة. ويتوخى مشروع قانون المالية تحقيق ثلاثة أهداف ذات أسبقية٬ تتعلق بتفعيل الإصلاحات الهيكلية الضرورية وتحسين الحكامة مع الحرص على استعادة التوازنات الماكرو- اقتصادية والمالية٬ والرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني٬ وتخفيض الفوارق الاجتماعية والقطاعية٬ من خلال مواصلة تأهيل منظومة التعليم٬ ومحاربة الأمية والفقر والهشاشة٬ وتيسير الولوج للخدمات الصحية الأساسية وللسكن٬ وتعزيز آليات التضامن٬ وتحسين ظروف عيش المواطنين٬ وخاصة بالوسط القروي والمناطق المعزولة. وحسب بلاغ صادر عن الديوان الملكي، سيتم تعزيز موارد صندوق دعم التماسك الاجتماعي٬ وذلك لتمكينه من استكمال تعميم نظام المساعدة الطبية٬ وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج المساعدات المالية المباشرة لفائدة تمدرس الأطفال المعوزين٬ ومن تقديم الدعم المباشر لعائلات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.