سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمام شح الترجمة ندوة «الكتاب المترجم» في الرباط تدعو إلى خطة وطنية شاملة ممثل يونسكو قال إن من 11700 ترجمة اقتصر المغرب على 335 كتابا مترجما مقابل 4677 كتابا لمصر
وضع المترجمون والمهتمون المغاربة واقعَ الترجمة تحت المجهر، في إطار ندوة نظموها في الرباط احتفاء باليوم العالمي للترجمة، والذي وافق ال30 من شتنبر الأخير. فقد نظمت جمعية التراجمة المقبولين لدى المحاكم (التاج) وجمعية الترجمة العربية وحوار الثقافات (عتيدة)، بالتعاون مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، ندوة تحت عنوان «الكتاب المترجم ودوره في التنمية الثقافية»، تطرقت للمراحل التاريخية للترجمة في المغرب وللأوضاع الراهنة للكتاب المترجم والصعوبات المادية والتقنية التي تعوق ترجمة الكتاب وترويجه والقيود القانونية والإكراهات المعنوية في مجال ترجمة الكتب. وهكذا، نادى المشاركون بإقرار «الخطة الوطنية للترجمة»٬ والتي تهدف إلى إنشاء مرصد يباشر إجراء الدراسات الإحصائية والاستقصائية الضرورية ذات الطابع التمهيدي وإنشاء المعهد الوطني للترجمة، الذي يتولى تنفيذ أهداف الخطة الوطنية للترجمة واعتماد مشاريع طموحة٬ من قبيل «مشروع ترجمة الألف كتاب» في جميع ميادين المعرفة٬ للارتقاء بحركة الترجمة إلى مستوى «الورشة الكبرى» على الصعيد الوطني. وطالب «نداء الرباط»، الذي أطلق على هامش الندوة، بالنهوض بالكتاب الإلكترونيّ٬ المؤلَّف منه والمترجَم٬ وتيسير سبل ترويجه وتداوله وإعادة تحديد أهداف تعليم الترجمة وترشيد وظائف هذا التعليم كي يلائم احتياجات الترجمة المهنية٬ بما في ذلك ضبط فئات شهادات الترجمة المحصل عليها عند التخرج وتوفير الظروف الملائمة لتطوير الدراسات والبحوث الترجمية بالاعتماد على الخبرات الوطنية٬ بما في ذلك خبرات «مغاربة العالم» من أهل الاختصاص وتطوير محتويات المناهج الدراسية واعتماد أحدث التكنولوجيات الخاصة بتدريس الترجمة. ومن جهة أخرى، انتهى «نداء الرباط» الى الدعوة إلى ضرورة إدماج صفة «مترجم» في لوائح الوظيفة العمومية وتعميم التعامل مع المترجمين، باعتبارهم أصحابَ مهنة من المهن الحرة وتحسين قدرة سوق العمل على استيعاب أفواج المتخرجين الجدد٬ في القطاعين العامّ والخاص٬ بتوسيع نطاق وظائف الترجمة في الوزارات ووسائل الإعلام وغيرها من هيئات القطاع العام ومرافقه وتقديم جميع أنواع الدعم للجمعيات المهنية الفاعلة، التي تبذل قصارى جهودها لخدمة الترجمة والمترجمين ونشر ثقافة الترجمة على أوسع نطاق وجعلها في متناوَل الجيل الجديد من المترجمين وتحفيز الأفراد على الإسهام في تنميتها٬ ولاسيما عبر وسائل الإعلام والتواصل الحديثة. ويتوجه هذا النداء، الذي أنجزه٬ فضلا على منظمي الندوة٬ أصحاب الاختصاص والمهتمون بمستقبل حركة الترجمة في المغرب٬ لمؤسسات العمومية المعنية والمعاهد والمدارس العليا والكليات ولجميع العاملين في قطاع الترجمة وللباحثين في مجال دراسات الترجمة ولجمعيات المترجمين في المغرب ولمكونات المجتمع المدني.. من أجل حشد جميع الجهود وتسخيرها في سبيل الارتقاء بحركة الترجمة في المغرب وفقا ل»الخطة الوطنية للترجمة». ويذكر أن ممثل «يونسكو»، ماريوش توكاي، كان قد أشار في مداخلته حول مساهمة «يونسكو» في النهوض بالكتاب المترجم إلى المشاكل التي تعترض هذه العملية، منها ما يتصل بتعقيد عملية قاعدة معطيات بيبليوغرافية٬ فضلا على العراقيل المرتبطة بتجميع المعطيات والصعوبات التي تعترض التحقق من الإحصاءات الموثوق بها٬ كما تهمّ الترجمة في حد ذاتها٬ خاصة ترجمة أسماء بعض المؤلفين التي تكون مكتوبة بحروف غير معروفة وكيفية ضبطها في اللغة المستقبلة. كما أن كتابة بعض أسماء المؤلفين العرب القدامى لا تكتب بنفس الطريقة في البلدان العربية. واعتبر توكاي أنه «عندما تتم مراجعة فهارس الكتب٬ لا نجد ما يكفي من المعلومات حول الكتب المترجمة في العالم العربي»٬ نجد فقط 11700 ترجمة يقتصر المغرب فيها على 335 كتابا مترجما٬ بينما تصل مصر إلى 4677 كتابا. ومن جهته، قدم فؤاد بوعلي، ممثل مركز البحوث والدراسات الإنسانية والاجتماعية في وجدة٬ تقريرا لربع قرن من الترجمة في المغرب٬ حيث قام بتقديم إحصاءات عن الترجمة وعن عدد الكتب التي تصدر سنويا٬ مشيرا إلى أن العدد تراوح في السنوات الأخيرة بين 10 كتب إلى 55 كتابا في السنة الواحدة. واقترح بوعلي إستراتيجية وطنية للترجمة في المغرب، تمكّن الباحثين من تكوين صورة واضحة حول الترجمة٬ وحدد خمسة مجالات يمكن أن تعتمدها هذه الإستراتيجية، لخّصها في مجالات التكوين والتنظير والتأليف والبحث والجانب المهني. أما فاتحة الطايب، من جامعة محمد الخامس، والتي تناولت «الترجمة إلى العربية في المغرب بين الفرد والمؤسسة»، فقد قدّمت مداخلة عن الترجمة منذ كانت الأخيرة تهمّ فقط بعض السلاطين في المغرب وبعض الوثائق التي لها علاقة بالأسلحة أو بالعلاقات الدبلوماسية٬ إلى أن وصلت إلى مرحلة الحماية الفرنسية، معتبرة أن الترجمة عرفت أكثر من مسار، منها ما يخدم المستعمر ومنها ما يخدم الحركة الوطنية٬ مشيرة إلى أن اللغة العربية كانت في وضع لا تُحسَد عليه٬ بعد أن صارت حصص اللغة الفرنسية أكبرَ بكثير من حصص العربية٬ لهذا السبب لم تحظ جريدة «السعادة» بثقة المغاربة، على اعتبار دعمها من طرف الحماية.. غير أن جيل 1930، الذي تكوّنَ في عهد الحماية وأفرز مثقفين يتكلمون اللغتين معا٬ بدأ ينشر في المجلة٬ وفكّ عنها بذلك «الحصار». ومن جهة أخرى، اعتبر أحمد العلوي، من جامعة ابن طفيل في القنيطرة ،في مداخلته «دور الجامعة في النهوض بالكتاب المترجم»، أن الكتب تُترجَم من العربية وإليها لتمكّن المتلقي من التعرف على قيّم ومَعارف لم يكن على معرفة بها٬ مشيرا إلى أنه «بدون ترجمة لن تكون هناك تجارة ولا دبلوماسية ولا هذا المستوى من التقدم».. ولم يفُتِ المشاركَ الحديث عن إنشاء ثقافة الترجمة في الشرق الأوسط ذات الشأن الثقافي وترجمة الكتاب الإلكترونيّ. كما شدد على ضرورة إنشاء شُعب للترجمة داخل كليات الآداب بالخصوص، متحدثا عن الخصائص التي يجب توفرها في الراغب في شعبة الترجمة٬ وهي شغفه باللغات وإتقانه لغتين، على الأقل والدقة، والصبر والالتزام والقدرة على التحليل وعلى الانخراط في العمل الجماعي وشغفه بالقراءة.. إلخ. وخلص إلى أنه لا بد من إنشاء المجلس الأعلى للترجمة، على أن يقوم، من بين ما يقوم به٬ بتنظيم ندوات محلية حول الكتاب المترجَم وبترجمة الكتب الجامعية التي تحتاجها المكتبات وتعميم الكتب المترجَمة وتحرير مقالات بشأنها في الجرائد والمواقع الإلكترونية.