فتح أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، مؤخرا، حوارا إلكترونيا عموميا حول الشيخوخة وآفاق إصلاح أنظمة التقاعد في أفق 2050، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على دراسة تُعدّها المندوبية حول «الشيخوخة والادخار والنمو الاقتصادي في المغرب». وينطلق الحوار المفتوح، الذي سيستمر إلى غاية 15 أكتوبر المقبل على الموقع الإلكتروني للمندوبية السامية للتخطيط، من النتائج الأولية للأبحات التي أجريّتْ في وقت سابق في الموضوع نفسه. وأكدت المندوبية أن الآراء التي سيُعبَّر عنها في هذا الحوار ستؤخذ بعين الاعتبار في صياغة النص النهائي لهذه الدراسة وقياس تأثير الشيخوخة على أنظمة التقاعد ومستويات التغطية ومعدل النشاط بهدف بلورة «سيناريو مرجعيّ وسيناريوهات بديلة على أساس البيانات المُقدَّمة من مختلف صناديق التقاعد في بلادنا حول وضعها الحالي»، حسب بيان للمندوبية، أصدرته صبيحة أمس الثلاثاء. وأكد البيان ذاته أن «السيناريوهات «البديلة» التي ستقترحها «ستبنى على فرضيات تهُمّ عوامل من شأنها أن تؤثر على تطور أنظمة التقاعد، وخاصة معدل الاشتراكات ومعدل الاستبدال ومعدل الانخراط وسن التقاعد ومعدل النشاط في سوق العمل أو إعادة التنظيم المؤسساتي لهذه الأنظمة». ووجّه أحمد الحليمي، كذلك، دعوة مفتوحة للجنة التقنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد وغيرها من المؤسسات للمشاركة إلى جانب عموم المواطنين في هذا الحوار قصد «محاكاة التأثيرات المُحتمَلة لأي إصلاح مطروح من لدن هذه اللجنة أو منبثق عن الحوار الذي دار في إطارها بين الشركاء الاجتماعيين». وفي هذا الإطار، كشفت النتائج الأولية للدراسة التي أنجزتها مندوبية الحليمي أن الساكنة النشيطة المنخرطة في صناديق التقاعد المغربية سجلت نموا سنويا بمعدل 3.9 في المائة في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2009. وفي السنة الأخيرة، وصلت تعدادها إلى 3 ملايين و200 ألف عامل، وهو ما يعادل 30 في المائة من إجمالي السكان النشيطين في المغرب في سنة 2009. وقد وصفت المندوبية هذا المعدل ب«الضعيف نسبيا» في الدول الصاعدة اقتصاديا، التي تصل فيها هذه النسبة إلى 60 في المائة، وكذا دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي تبلغ فيها النسبة نفسها 80 في المائة. وفسرت الدراسة ذاتُها ضعف هذا المعدل بعوامل مهيكلة ذات علاقة وثيقة بسوق الشغل، ولاسيما معدل التشغيل، الذي لا يتجاوز 45 في المائة، إضافة إلى ضعف معدلات نشاط النساء وعدم تطور النسيج الإنتاجي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف توظيف التكنولجيات الحديثة، وهو ما يؤدي إلى إضعاف قدرات المغرب على امتصاص تنامي الطلب على الشغل. وسلطت الدراسة الضوء، كذلك، على الدور السلبي الذي يلعبه القطاع الفلاحي في تكريس هذا الضعف، لأسباب عديدة، أبرزها موسمية المناصب التي يخلقها. وبالموازاة مع تراجع عدد المنخرطين النشطين، عرف عدد المستفيدين من أنظمة التقاعد ارتفاعات متسارعة في السنوات الأخيرة، حيث وصل معدل نموه ما بين 2000 و2009 إلى 6.9 في المائة، وهو ما يقارب ضِعفَ معدل نمو المنخرطين في هذه الأنظمة، الشيء الذي يهدد بتعميق العجز الذي تعاني منه صناديق التقاعد المغربية. وأكدت الدراسة سالفة الذكر أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعتبر الأقل معاناة من تنامي الفارق بين عدد السكان النشطين وعدد المستفيدين من خدماته، حيث يضمّ 8 منخرطين نشطين مقابل مستفيدة واحد، مقابل 2.7 منحرطين نشطيين للصندوق المغربي للتقاعد و2.1 منخرط نشيط للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وتؤدي هذه الوضعية، حسب المندوبية السامية للتخطيط، إلى تراجع موارد صناديق التقاعد. فقد انتقل إجماليُّ مداخيل الاشتراكات من 3.43 في المائة من إجماليّ الناتج الداخلي الخام في 2005 إلى 3.2 في المائة فقط في 2009.