أماطت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط اللثام عن «شلل» يهدد أنظمة التقاعد في المغرب في حالة لم يتم التدخل العاجل، وتوقعت الدراسة بعنوان «استدامة استمرار نظام التقاعد بالمغرب»، أن تمثل المصاريف الإجمالية لأنظمة التقاعد 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق سنة 2050 مقابل 3 في المائة فقط سنة 2010، وأن تعرف الموارد تراجعا بنسبة 0.6 في المائة في الأربعين سنة القادمة مقارنة مع ما تم تسجيله قبل ثلاث سنوات، إذ سينتقل من 3.2 في المائة سنة 2010 إلى 2.6 في المائة سنة 2050. وأظهرت الأرقام التي أعلن عنها خلال لقاء للمندوبية نظمته أول أمس، أن الفارق «المتنامي» بين المصاريف والموارد سيترتب عنه عجز «ملموس» في هذه الأنظمة بنسبة 7.4 في المائة، مقارنة مع فائض «طفيف» بلغ 0.23 سنة 2009. وطرحت الدراسة التي أنجزت بتعاون مع مركز الدراسات الاستشرافية والمعلومات الدولية بفرنسا، سيناريوهات عدة على أساس مجموعة من الفرضيات المتعلقة بنظام التقاعد، ويتدارس السيناريو الأول ضمن هذه الدراسة، انعكاسات الانفجار الديمغرافي على الوضع المالي لأنظمة التقاعد في حالة لم يتم تغيير شيء، ويتعلق الأمر بالصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد. ويؤكد السيناريو الثاني وفقا للدراسة أن ارتفاع معدل النشاط المتوقع ابتداء من سنة 2015، سيساهم في ارتفاع معدل التشغيل على المستوى الوطني بأكثر من 21.5 نقطة في أفق 2050، وهكذا يتوقع «في مثل هذه الظروف» أن يمثل العجز الإجمالي لمجموع أنظمة التقاعد 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل نسبة 7.4 في المائة المتوقعة من خلال السيناريو الأول. وشدد السيناريو الثالث، على ضرورة الرفع من معدلات الاشتراك بالنسبة لصناديق التقاعد كلها لضمان التوازن، في حين تناول السيناريو الرابع تخفيض تعويضات مختلف الأنظمة، لتصل إلى 23 في المائة في أفق سنة 2015 بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد، ونسبة 20 في المائة بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونسبة 49.4 في المائة بالنسبة للصندوق المهني المغربي للتقاعد وحوالي 60 في المائة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. ويقوم السيناريو الخامس المقترح على الرفع من سن التقاعد إلى 62 ابتداء من سنة 2015 مقابل 60 سنة حاليا، الذي سيكون له -حسب الدراسة- تأثير إيجابي على عدد العاملين الذي قد يرتفع إلى 0.5 نقطة، أما السيناريو السادس، فيفترض تغطية إجبارية لكل العاملين الجدد مما سيمكن من «الرفع تدريجيا من نسبة التغطية»، والتي يمكن أن تصل إلى نسبة 90 في المائة في أفق 2050 مقابل نسبة 30 في المائة وفق السيناريو الأول. وأشارت الدراسة، إلى سيناريو أخير يهدف إلى تقليص العجز في أفق سنة 2050، من خلال دمج جميع صناديق التقاعد في نظام واحد، باستثناء الصندوق المهني المغربي للتقاعد وذلك في أفق 2015، أو اندماج النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد في نظام واحد. وقال أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط، إن الصناديق تعيش وضعا «حرجا» في مواجهة التحول الديمغرافي الذي يشهده المغرب، والذي يتسم بارتفاع مضطرد في فئة الشيخوخة. مشيرا في تصريح للصحافة قبل تقديم الدراسة، أنه في حال بقيت الصناديق على حالها فإن احتياطها لن يغطي العجز أيضا. وأكد أن المندوبية وضعت سيناريوهات حسب الوضعية الاقتصادية للبلاد، وقدمت تأثير الفرضيات على الوضعية المالية للصناديق وأيضا تأثيرها على الوضع الاقتصادي والشغل والاستهلاك والنمو.