كشف مصدر مسؤول داخل نادي قضاة المغرب أن هناك سجونا إدارية بعدد من مدن الجنوب غير خاضعة لوزارة العدل، يتم اعتقال المواطنين فيها بشكل غير قانوني وفي ظروف غير إنسانية من طرف أفراد القوات المساعدة. وطالب ياسين مخلي، رئيس نادي القضاة، في تصريح خاص ل«المساء» بضرورة إغلاق تلك السجون الإدارية، التي يعتبر استمرار وجودها أمرا غير قانوني، والتي تفتقر إلى أدنى الشروط الإنسانية كالأكل والتطبيب وأجنحة خاصة بالنساء. وأكد مخلي أن استمرار تلك السجون الإدارية يعتبر خرقا كبيرا للقانون، مضيفا، في السياق ذاته، أن أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية، سواء التابعة للأمن الوطني أو الدرك الملكي، لا تحترم إنسانية الإنسان ويجب العمل على تحسينها. إلى ذلك، وفي أول رد فعل للقضاة على تصريحات حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، التي حمل فيها القضاة مسؤولية اللجوء المفرط إلى الاعتقال الاحتياطي وعدم قيامهم باستعمال الوسائل البديلة للعقوبات، أكد رئيس نادي القضاة أن تصريحات بنهاشم تعتبر تدخلا في عمل السلطة القضائية وضربا لاستقلاليتها. وأشار مخلي إلى أن مثل هذه العينة من التصريحات (يقصد تصريحات بنهاشم) تنهل من معين تغول السلطة التنفيذية بكل تلويناتها على القضاء والقضاة، مضيفا أن للقضاة الشجاعة الكاملة لتحمل مسؤولياتهم في القرارات التي يصدرونها طبقا للقانون وفي إطار حماية حقوق وحريات المواطنين. واعتبر مخلي أنه لا يحق لأي جهة كانت التدخل في سلطة الملاءمة التي منحها القانون لقضاة النيابة العامة، وكذلك السلطة الممنوحة لقضاة التحقيق بخصوص الاعتقال الاحتياطي، مضيفا أن تصريحات بنهاشم تعتبر تدخلا في السلطات المخولة حصريا للقضاة، مؤكدا أنه ليس لأي جهة الحق في تقييم قرارات القضاة إلا عبر الطرق التي نص عليها القانون. وأكد مخلي أن تصريحات المندوب العام لإدارة السجون حول الاعتقال الاحتياطي ونصحه القضاة بالتحلي بالشجاعة أمر غير مقبول، مضيفا أن قضاة المغرب لديهم الشجاعة ليتخذوا القرارات المناسبة في احترام تام للقانون. ودعا مخلي إلى تنزيل تقارير قضاة تطبيق العقوبات حول السجون التي ظلت حبيسة الرفوف، مضيفا أن نادي القضاة سيضع تقريرا دوريا يرصد الواقع الحقيقي للسجون ببلادنا من طرف النيابة العامة وقضاة التحقيق الذين يزورون السجون في إطار مهامهم. وفي سياق متصل، أبدى نادي قضاة المغرب استغرابه واستنكاره لما وصفه بالتدخل السافر في اختصاصات السلطة القضائية، إثر تقييم المندوب العام لإدارة السجون لسلطة التقدير والملاءمة التي أعطاها القانون لقضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق من أجل وضع الأظناء بارتكابهم جرائم رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار بت المحكمة في ملفاتهم، وكذا تدخله لنصح القضاة بالتحلي بالمسؤولية والشجاعة لاتخاذ القرارات. وأكد بيان للنادي، تلقت «المساء» نسخة منه، أن النادي الذي سبق له أن أصدر بيانا للمطالبة بأنسنة ظروف الاعتقال وتابع باهتمام وقلق تقرير اللجنة البرلمانية الذي رسم صورة سوداء لواقع السجون بالمغرب، وهو تقرير جاء ليصادق على تقارير مجموعة من الجمعيات الحقوقية التي سبق أن دقت ناقوس الخطر في الموضوع، ليأبى أن يتخذ مندوب السجون من القضاء والقضاة شماعة يعلق عليها فشل سياسته في تدبير القطاع، داعيا وزير العدل، باعتباره نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء ومسؤولا عن تدبير هذه المرحلة الانتقالية، إلى تحمل مسؤوليته في هذا الصدد.