تفكيك خلية إرهابية خطيرة بعد عام من المتابعة.. تفاصيل إحباط مخطط "أسود الخلافة"    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    مدير "البسيج": القيادي في "داعش" عبد الرحمان الصحراوي بعث بالأسلحة إلى خلية "أسود الخلافة" التي فُككت بالمغرب    الاتحاد الأوروبي يعلن تعليق عقوبات مفروضة على قطاعات اقتصادية أساسية في سوريا    مراكش.. تنسيق أمني مغربي – فرنسي يُطيح بمواطنين فرنسيين مبحوث عنهما دوليا    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    وزير يقاتل في عدة جبهات دون تحقيق أي نصر!    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    ائتلاف مغربي يدعو إلى مقاومة "فرنسة" التعليم وتعزيز مكانة العربية    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    دينغ شياو بينغ وفلاديمير لينين: مدرسة واحدة في بناء الاشتراكية    ألوان وروائح المغرب تزين "معرض باريس".. حضور لافت وتراث أصيل    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    فتح بحث قضائي بخصوص قتل سبعيني لابنته وزوجها ببندقية صيد    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    ترامب يهنئ المحافظين في ألمانيا    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    هل الحداثة ملك لأحد؟    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاطنة أفيد: نحن في حاجة إلى مناظرة وطنية لإيجاد حلول لمشاكل التعليم
الكاتبة الوطنية للمنظمة الديمقراطية للتعليم قالت إن البرنامج الاستعجالي تم تنزيله بطريقة تعسفية لذلك كان مصيره الفشل
نشر في المساء يوم 09 - 09 - 2012


حاورها: محمد الرسمي
- بعث الخطاب الملكي الأخير رسائل قوية حول حالة التعليم في المغرب، كيف تلقيتم، كنقابات، مضامين هذا الخطاب؟
لقد كان الخطاب الملكي تحصيلَ حاصل، لأن ما يعيشه قطاع التعليم لا يمكن لرئيس الدولة إلا أن يتابعه من موقع المسؤولية، وبالتالي فإن الخطاب بالنسبة إلينا يجب أن تأخذه بعين الاعتبار الحكومة، وخاصة الوزارة المسؤولة عن القطاع، إضافة -بطبيعة الحال- إلى النقابات العاملة في حقل التعليم، لأن الدور الأساسي للنقابات هو متابعة الوضع، ومطروح عليها أن تساهم في الإصلاح، أولا من موقع مسؤوليتها التاريخية، بحكم أنها كانت متابعة دائما لأوضاع القطاع ودائمة المطالَبة بالإصلاح.
وليست هذه المرة الأولى التي نقف فيها على الوضع المزري الذي يعيشه قطاع التعليم، بل إن النتائج التي آل إليها هذا القطاع أصبحت تسجَّل علينا من طرف المؤسسات الدولية المانحة، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من خلال التقارير التي تشخص وضعية التعليم المزرية في المغرب.
- ما هي الأسباب التي أدت إلى هذه الوضعية الكارثية لقطاع التعليم ببلادنا؟
هناك مجموعة من الأسباب الموضوعية التي أدت إلى ما آل إليه قطاع التعليم في المغرب، نذكر منها أساسا غياب إرادة سياسية حقيقية في الإصلاح، لأن هذا القطاع، ومنذ استقلال المغرب، كان محط نزاع وصراع سياسي وفكري وإيديولوجي بين الأحزاب المختلفة دون أن يكون هناك من يحاول أن يجعل من التعليم، فعلا، قاطرة لتطور المجتمع وتقدمه وتنميته، بحكم أن التعليم كان يجب أن يتناسب مع التحولات والتطورات التي يعرفها العالم في مختلف المجالات، مع العمل على ربطه بسوق الشغل.
هناك اليوم من يريدون تبخيس المدرسة العمومية، في ما يبدو أنه مخطط خفي لتدميرها، ليصبح، بالتالي، البديلُ لدى المواطن العادي هو المدرسة الخاصة، مع العلم أن هذه المؤسسات الخاصة لا يمكن أن تكون في بلد نعرف مستوى مواطنيه، في ظل الاختلالات التي تعرفها العدالة الاجتماعية، ما يعطينا أكثر من مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالي فإنه في بلد يعيش سكانه في هذه الوضعية المزرية لا يمكن أن نتحدث عن خوصصة للمدرسة العمومية، وبالتالي فنحن ندعو إلى القطع نهائيا مع فكرة خوصصة قطاع التعليم، على اعتبار أن المدارس الخصوصية لا يمكنها، بأي حال من الأحوال، أن تعوّض المدرسة العمومية.
نحن الآن ندعو إلى مناظرة وطنية لحل إشكالات القطاع، لأن كل هذه الوصفات والمخططات التي جُرِّبت في هذا القطاع، منذ سنوات، فشلت، بما فيها ميثاق التربية والتكوين وما يسمى «المخطط الاستعجالي»، والذي قمنا بمواجهته على اعتبار أنه مخطط فاشل، منذ وضعه على عهد وزير التربية والتعليم السابق.
- ما هي، في نظرك، الأسباب التي أدت إلى فشل هذا المخطط الاستعجالي؟
هناك سببان رئيسيان لفشل ما يسمى المخطط الاستعجالي: أولا، لم يتمّ إشراك المعنيين، أي رجال التعليم والإدارة والنقابات وجمعيات الآباء، بل تم تنزيله بطريقة متسرعة ومتعسفة، دون تشاور مع باقي الأطراف، رغم أن حيوية القطاع كانت تستلزم نوعا من التريث، خاصة إذا علمنا أن القطاع يضمّ أكثرَ من 260 ألفَ موظف، إضافة إلى سبعة ملايين، ما بين تلاميذ وطلبة، ما يجعله العمودَ الفقري لكافة القطاعات في البلد.
من هذا المنطلق، فلا يمكن لقطاع حيويّ مثل قطاع التعليم أن يخضع لتدبير سياسوي أو إيديولوجي ضيّق، بل يجب أن يخضع -كما هو الشأن في الدول المتقدمة- إلى منظومة شاملة ومتكاملة، تدخل في إطار إستراتيجية التنمية الوطنية. أما في المغرب، فإننا يمكن أن نعتبر ما تقوم به الدولة في قطاع التعليم عبثا، وهو ما قد نؤدي ثمنه غاليا في المستقبل، سواء على المستوى المجتمعي أو الاقتصادي، والتي يكون الأصل فيها هو عدم تلقي الناشئة التربية المناسبة، وهو ما يُترجَم على أرض الواقع بالنسبة المرتفعة للهدر المدرسي التي يعرفها المغرب، باعتراف المسؤولين عن القطاع أنفسهم.
- هل يمكن القول إن الخطاب الملكي الأخير قد جاء كإعلان وفاة لهذا البرنامج الاستعجالي؟
يجب أن نسمي الأسماء بمسمياتها: المخطط الاستعجالي كان توجها للدولة ككل، رغم أنه كان من اقتراح الحكومة السابقة، وبالتالي فهو ليس عملا خاصا بالوزير السابق أحمد اخشيشن. وقد جاء الخطاب الملكي في وقت يعرف فيه القطاع احتقانا على مستوى الشارع، في ظل احتجاجات الطلبة وتلويح الحكومة بإلغاء مجانية التعليم، رغم المحاولات التي قام بها المسؤولون عن تنزيل المخطط الاستعجالي، والتي باءت جميعها بالفشل..
إن السبب الرئيسي الذي وقف حجر عثرة أمام تطبيق المخطط الاستعجالي هو أن العمل كان على المستوى الأفقي وليس على مستوى القاعدي، من خلال محاولة الإيحاء بأنّ كل شيء يسير على ما يرام، في حين أن حقيقة ما كان يجري في الخفاء لم تكن تظهر للجميع، بما فيها مصير الاعتمادات المالية التي خُصِّصت للبرنامج، والتي لم نحصل بخصوصها، إلى حد الآن، على أي تقرير موضوعيّ يوضح بالتفصيل أوجه صرف تلك المَبالغ الهائلة التي خُصِّصت له، ورغم ما حاول الوزير الحالي محمد الوفا أن يقدمه أمام البرلمان من وثائق، فإن الكثير من الغموض ظل يحيط بهذا الملف.
وهناك حديث عن مشاريعَ لم تُنجز في إطار هذا المخطط، رغم الاعتمادات المالية التي رُصِدت لها. لكن في غياب تقرير شامل ومفصل عن تفاصيل المشروع، ومكامن قوته وضعه، وبالتالي فقد اخترنا أن ننظم ندوة فكرية، في الأيام المقبلة، من أجل تسليط المزيد من الضوء على الوثائق التي قدّمتها لنا وزارة التربية الوطنية، بهدف دراستها بشكل أكبر وأعمق مع باقي الشركاء في القطاع، كما أننا سنعرض خلال هذه الندوة الورقة النقدية التي أنجزناها في مقابل البرنامج الاستعجالي.
- ما هي المؤشرات في الميدان على فشل برنامج المخطط الاستعجالي؟
أولا، من يقولون الآن إن البرنامج الاستعجالي هو برنامج فاشل، فأنا أقول لهم إنه كان عليكم أن تقولوا هذا الكلام خلال تولي الوزير مسؤوليته، وليس بعد أن غادر منصبه كوزير مسؤول عن القطاع.. ثم إن التقارير الدولية التي تنجزها مجموعة من الجهات المانحة للمغرب، وعلى رأسها البنك الدولي، كانت هي السبب في اتخاذ قرار النقص من الخدمة العمومية، وأيضا إطلاق عملية المغادرة الطوعية، التي تسببت في أزمة كبيرة للقطاع وفي خصاص مهول على مستوى الأطر التربوية والإدارية، في مواجهة الاكتظاظ الذي تعرفه الأقسام، خاصة في العالم القروي، الذي يضم ستين في المائة من المدارس العمومية..
لقد جاء المخطط الاستعجالي كوصفة تطبيقية للميثاق الوطني للتربية والتعليم، والذي واقفا عاجزا عن تغيير مبدإ مجانية التعليم، بحكم أن الملك الراحل الحسن الثاني لم يكن يريد أن يتحمل مسؤولية قرار كبير كهذا، أي خوصصة قطاع التعليم، رغم أن الميثاق حمل إشارات إلى أن التعليم الأساسي وحده ما سيبقى عموميا في المستقبل، وهو ما استعان به وزير التعليم العالي الحالي ليتخذه سببا من أجل تحقيق مشروعه القائم على إلغاء مجانية التعليم العالي.
لا يحتاج القطاع حاليا إلى وصفات جديدة ومنفردة، بل يجب أن يجتمع المعنيون بالأمر في مناظرة وطنية لمناقشة الحلول الممكنة بطريقة جماعية، بمن فيهم الحكومة والنقابات وممثلو المجتمع المدني، من أجل الوصول إلى أجوبة متفق عليها من طرف كافة الفرقاء على المشاكل المطروحة، عوض الاكتفاء بالنقد وتبادل الاتهامات حول المسؤول عن الوضعية الحالية للقطاع، عوض ترك المجال مفتوحا أمام كل مسؤول جديد للبدء من الصفر في عملية الإصلاح.
يجب أن تبدأ عملية الإصلاح بنشر تفاصيل مشروع المخطط الاستعجالي، خاصة في ما يتعلق بالجانب المادي، إذ سمعنا عن اعتمادات تفوق 43 مليارا، لذلك فمن حقنا أن نعرف الطريقة التي صرفت بها هذه المبالغ الكبيرة، حتى تُبرَّأ ذمة الأبرياء وتتم متابعة من يثبت تورطهم في أي اختلاسات للأموال العمومية.. ولن تعدم الحكومة وسيلة للتأكد من أوجه صرف هذه المُعتمَدات، سواء عبر لجن وزارة المالية أو المجلس الأعلى للحسابات.
هناك مؤشر آخر من مؤشرات فشل البرنامج الاستعجالي، يتجلى في الوضعية المزرية التي يعيشها رجال ونساء التعليم في المغرب، خاصة في ظل المشاكل التي يعانونها في مراكز اشتغالهم في القرى النائية، والعراقيل المنصوبة أمامهم من أجل تحقيق «حلم» الانتقال، إضافة إلى انتشار الرشوة والمحسوبية بين صفوف المكلفين بتدبير الحركة الانتقالية، دون الحديث عن افتقارهم إلى أبسط وسائل العمل ومعاناتهم من شتى أنواع الاعتداءات، الجسدية والنفسية، خاصة حين يتعلق الأمر بالعنصر النسوي، ما ينعكس سلبا على المعرفة المُقدَّمة من طرف هؤلاء للتلاميذ المغاربة.
- يعيب البعض على النقابات أنها كانت تكتفي بالانتقاد دون أن تكون جزءا من الحل، ما هو ردك على ذلك؟
لم يكن بإمكان النقابات أن تتدخل في نقاش مضامين المخطط الاستعجالي، لأنه تم إقصاؤها مبكرا من طرف واضعيه ولم يتمّ إشراكها في صياغته، على اختلاف نسبة تمثيلية كل نقابة على حدة، وبالتالي لم يكن بأيدينا شيء لنفعله. لكن هذا لا ينفي أن النقابات تتحمل، أيضا، جزءا من المسؤولية، فأنا كمسؤول نقابي إذا لم يعجبني قرار لوزير التربية الوطنية فسأقوم باعتصام داخل الوزارة، حتى يتراجع عنه.. فنحن، حين أصدرنا بيانا نقول فيه إن المخطط الاستعجالي جاء ليضرب أسس المدرسة العمومية، اتُّهِمنا بأننا «عدميون» وبأننا لا نملك التمثيلية التي تجعلنا نتحدث باسم موظفي قطاع التعليم، رغم أننا كنا نعبّر عن رأينا في مخطط أقصينا من المشاركة في صياغته، في حين تهربت النقابات الأكثر تمثيلية من النقاش و«انبطحت» لقرارات الوزارة..
الآن، أنا أطالب بإصلاح داخلي لنقابات التعليم، حتى تصبح النقابات قوية قادرة على مواجهة قرارات المسؤولين عن القطاع واقتراح الحلول والبدائل، وهذا لا يمكن أن يكون إلا من خلال تشبيب قيادات هذه النقابات، في حين نجد أن أغلب قيادات النقابات الحالية هم من المتقاعدين.. وبالتالي فلا يُعوَّل عليهم لقيادة النضال ضد القرارات التي تمس بمصالح نساء ورجال التعليم، خاصة أنهم بعيدون عادة عن معاناة هذه الفئة، التي تشتغل في ظروف صعبة. إضافة إلى ذلك، فأنا أدعو كافة النقابات إلى التنسيق في ما بينها من أجل إنجاح المناظرة الوطنية حول التعليم، حتى نخرج ببرنامج مُوحَّد للإصلاح، عوض أن تبقى اجتهاداتنا الفردية مشتتة، ومتضاربة في بعض الأحيان، مع العمل على القضاء على الريع النقابي، في إطار نقد ذاتي للنقابات.
- في حال ما إذا ثبت وجود اختلالات مالية في البرنامج، هل يمكن أن نشهد تقديم المسؤولين عنها للمحاسبة؟
أنا مع محاسبة وتقديم من تورط في اختلالات مالية للمحاكمة، عبر الافتحاص التي تقوم به وزارة المالية أو المجلس الأعلى للحسابات، لكنْ يجب أن تكون الاتهامات مبنية على دلائل قوية، إذ لا يمكن توجيه تُهم لأشخاص دون أن نملك أدلة ضدهم.
- هل يمكن لهذا الفشل أن يحرم المغرب، مستقبلا، من هبات الجهات المانحة؟
هذا أمر طبيعي جدا، فالبرنامج الاستعجالي، على سبيل المثال، يتدخل فيه خمسة أو ستة مانحين، بما فيهم البنك الدولي والاتحاد الأوربي وبعض دول الخليج.. لكنْ كيف يعقل أن يستمر هؤلاء المانحون في تمويل مشاريع أناس يسيئون التدبير أو يسيئون تقدير احتياجاتهم.. على سبيل المثال، حينما حصل المغرب على مبالغ مهمة من الدعم، قام باستدعاء شخص يدعى كزافيي ومنحه 12 مليارا مقابل وضعه بيداغوجيا الإدماج، في الوقت الذي نتوفر على أساتذة وعلماء تربية واجتماع على مستويات عالية..
لو كانت الحكومة تراعي الجانب الاجتماعي في تدبيرها القطاع، فإنه يتوجب عليها أن تستثمره في البنية التحتية، خاصة في المناطق النائية، التي تنعدم فيها هذه البنيات، كل في إطار نظام للأولويات تحدده الحكومة في إطار برنامج واضح. إذا كانت الحكومة تريد أن تستعيد ثقة المانحين فعليها أن تطلب الدعم لتدعيم البنيات التحتية وتوظيف الأطر اللازمة لسد الخصاص في القطاع ومواجهة الاكتظاظ، رغم أننا مبدئيا نسعى إلى التخلص من كثرة القروض التي تثقل كاهل الدولة.
- كيف ساهمت مؤسسات التعليم الخاصة في إفشال المخطط الاستعجالي؟
كان للبرنامج الاستعجالي هدف مستتر، وهو دفع الناس إلى هجر المدرسة العمومية والتوجه نحو التعليم الخصوصي.. من خلال تشجيع الخواص على الاستثمار في قطاع التعليم، وهو ما ظهر من تصرفات بعض المسؤولين الذين طبّلوا وهلّلوا للبرنامج.
في الحقيقة، فإن أهم شيء يُميّز القطاع الخاص هو توفيره أمنَ التلاميذ، أما سوى ذلك، في ما يتعلق بالمضمون البيداغوجي الذي يتلقاه هؤلاء الصغار، فالأمر يعتبر كارثة على جميع الأصعدة، بسبب عدم احترام تلك المؤسسات دفاتر التحملات التي توقع عليها مع الوزارة المعنية، إضافة إلى غياب مراقبة دورية من هذه الأخيرة على تلك المؤسسات وللكتب التي تستخدمها والمناهج التي تتّبعها.
يعرف الكل أن المسؤولين المتعاقبين على تدبير القطاع بذلوا ما في وسعهم من أجل تشجيع الخواص على الاستثمار في القطاع الخاص، فقد منحهم الوزير الأول السابق إدريس جطو ثمانية ملايير كدعم، إضافة إلى الوعاء العقاري بالمجان.. بل وصل به الأمر إلى تفويت مدارس عمومية للخواص من أجل تدبيرها، مما يُبيّن المنطق الليبرالي التي تتعامل به الحكومات المغربية في قطاع حساس مثل قطاع التربية والتعليم. لكنْ رغم كل هذا فقد فشل القطاع الخاص في المهمة التي أسندت إليه من طرف الدولة، بالنظر إلى أن أحسن النتائج هي التي سُجلت في المدرسة العمومية.. كما أن القطاع العام يضم أكثر من 90 % من التلاميذ المغاربة، لذلك فنحن نطالب الدولة بالتراجع عن دعمها للقطاع الخاص وتوجيه ذلك الدعم نحو تحسين بنيات المدرسة العمومية.
- كيف ترى تدبير القطاع حاليا على عهد الوزير محمد الوفا، خاصة أنه لا يتوفر على الإمكانيات التي رصدت للوزير السابق أحمد اخشيشن؟
رغم تسجيلنا قيام الوزير الحالي بالإدلاء بمجموعة من التصريحات، فإنه لم يخرج عن عادة باقي وزراء الحكومة الحالية، والذين يبدون كأنهم مختصون في إطلاق التصريحات دون تنفيذها، وعلى رأسهم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بينما يجب أن يكون التصريح الذي يطلقه المسؤول مُلزِما له.
فالوزير محمد الوفا يدلي بتصريحات ثم يعود لينفيّها.. لكنه يبقى ملزما بإطْلاعنا على الوثائق التي تتوفر عليها وزارته، والتي تخص المخطط الاستعجالي للتعليم، والذي سبق له أن صرح بأن 45 في المائة من مُعتمَداته المالية فقط هي التي صُرفت، وأنه بصدد إجراء شامل لميزانية البرنامج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.