عندما شاهدت القناة الأولى المغربية تحاور المخرج السينمائي رومان بولنسكي عند مدخل قصر المؤتمرات الذي يحتضن الدورة الثامنة للفيلم الدولي أصبت بالصدمة. وحضرت إلى ذهني قصة «سان أوكستين» التي تخبرنا بأن الإسكندر العظيم ألقى القبض على أحد القراصنة وقال له: كيف تجرؤ على قرصنة البحر؟ فأجابه القرصان: كيف تجرؤ على التحرش بالعالم بأكمله؟ وأضاف: أنت تعتبرني سارقا وخارجا على القانون لأنني اعترض السفن بقارب صغير، أما أنت الذي تعترض معابر السفن ببحرية ضخمة تعتبر نفسك إمبراطورا! إمبراطور التحرش الجنسي المشين بولنسكي يسخر من ذكائنا ويقول إنه يحب مراكش والشعب المغربي. وفي نفس الوقت يشوه صورة العرب في فيلمه «حرم» وينعتنا بالشعوب الهمجية المتوحشة التي تعتدي على النساء. وهذا الاعتداء، في رأيه، ما هو إلا نتيجة التخلف البربري المدفون في المكبوتات الجنسية! ومن تم يتولد العنف! إن فيلمه «حرم» استخف بقيمة الإنسان العربي والمسلم وجعل من العنف مادة يومية يترعرع عليها الإنسان العربي، وصولا إلى حفلات الرقص والموسيقى الصاخبة، والبدع المتطرفة، إلى حد إلغائنا ثقافيا، ويصل الفيلم إلى نقطته الحساسة وهي أن العنف في العالم العربي-الإسلامي إفراز طبيعي لمجتمع يغذي العنف الداخلي! ويطلق بولنسكي العنان لمخيلته ليسخر من الثقافة العربية-الإسلامية ومن تركيبتها الهشة -على حسب ادعائه- وخرافاتها وأكاذيبها السائدة، في محاولة منا للهروب من واقعنا المحتوم الذي يلاحقنا على شكل كساد ثقافي! تعامل هذا المخرج بطريقة ذكية في هذا الفيلم لرسم صورة ذهنية تتعلق بالعرب والمسلمين وتؤثر على الكثير من الحقائق، وهو يدرك جيدا أن الصورة الزائفة أمر خطير! نحن لسنا بصدد الفصل أو الاختلاف في الفكرة والرؤية، ولكن بصدد إثبات الانغلاق والتقوقع واحتكار الفن. فهذا المخرج الذي يحط من شأن العرب يوظف موهبته السينمائية بشكل أساسي لإبراز التفوق اليهودي في فيلمه «عازف البيانو» الذي يحكي قصة يهودي موهوب سحر بعزفه أعداءه من الألمان فقرروا إنقاذه عوض اقتياده إلى معسكرات الاعتقال! هذا هو التناقض بعينه في أفلام بولنسكي عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين واليهود. فهو يتهمنا في أفلامه بالانحطاط الخلقي، والعنف المتفشي في مجتمعنا (تماما كما حصل مع القرصان والإسكندر العظيم) وينسى أنه هو نفسه مطلوب من العدالة الأمريكية بتهمة الاغتصاب التي اعترف بها وفر بعدها إلى أوربا إلى يومنا هذا. ففي سنة 1977 أغرى بولنسكي فتاة أمريكية في الثالثة عشرة من عمرها، تصلح أن تكون ابنة له، بذريعة أخذ صور لها فخدرها واغتصبها في منزل صديق له! ولا يزال مشواره التحرشي يتواصل، حيث صرح في إحدى المقابلات الصحفية أن قلبه على عهده السابق يحب الفتيات دون السادسة عشرة من العمر! وفي سنة 2003 حصل على جائزة أوسكار أفضل إخراج عن فيلمه المذكور «عازف البيانو»، لكنه لم يتمكن من الحضور لتسلم جائزته، فهو لا يستطيع الدخول إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وإلا اعتقل بسبب جريمته. وسقط هذا المخرج الكبير، الذي يتهمنا بالعنف، ضحية العقلية الإجرامية التي تسود في الولاياتالمتحدةالأمريكية، معقل الانفتاح الجنسي. ففي سنة 1969، اغتال «ريتشارد مانسن» وبوحشية زوجة بولنسكي الحامل في شهرها الثامن «شارون تايت» ومن معها. وأثبتت التحاليل السيكولوجية أن «مانسن» كان مصابا بالهستيريا والجنون الناتجين عن العنف في المجتمع الأمريكي. كان حريا ببولنسكي أن يخرس ويأخذ المال الطائل المتوفر له من طرف مؤسسة المهرجان، وأن يكون منصفا مع نفسه وألا يتفوه بأنه يحب مراكش والشعب المغربي!