رغم توالي السنوات ما يزال سكان المدينة القديمة في الدارالبيضاء يفتخرون بإنجاب منطقتهم أسماء كثيرة كان لها وقع كبير في شتى الميادين، ولم تنس الأيام نجوم المدينة القديمة اللحظات التي قضوها في دروبها وأزقتها الضيقة، ولم تتمكن هذه الأيام من محو ذكريات جميلة من الزمن الرائع لهؤلاء النجوم في المدينة القديمة. يتحدث بطلاقة عن ذكرياته الرائعة في المدينة القديمة للدار البيضاء نسج خيوطها في أيام الصبى رفقة مجموعة من الأطفال الذين يتقلدون حاليا مناصب ووظائف مهمة في مجالات مختلفة. لم تتمكن السنوات من أن تمحو من ذاكرة هلال بوبكر، فنان ومندوب لمقابلات النخبة بقسميها الأول والثاني، القصص الكثيرة له في المدينة القديمة، فهو يعشق مسقط رأسه إلى حد الجنون، ويختزن في ذاكرته روائع من عالم الطفولة بالمدينة العتيقة، حينما يتحدث عن هذه المنطقة يسرع كثيرا لرصد أهم ما اختزنته ذاكرته، ويكفي أن تدردش معه ولو لدقائق معدودة حتى تدرك أنه ممن لا يتنكرون لمناطقهم، وممن يحبون أن يتحدثوا بإسهاب عن مسقط رأسهم، فهو ابن رجل خبر جيدا عالم التحكيم، فوالده كان فقيها تتلمذت على يديه مجموعة من الأسماء الفنية والرياضية، ويقول هلال بوبكر عن والده « كان رحمه الله فقيها تتلمذ على يديه مجموعة من الرياضيين والفنانين، كما أنه مارس التحكيم». ويعتبر هلال بوبكر المدينة القديمة الأصل والمنبع الذي كان له الدور الكبير في تفجير مواهبه، سواء الفنية أو الرياضية، ففيها تعلم أبجديات التمثيل، فهو يتذكر كثيرا مخيم لالة مريم، ويقول «إذا سألت أي واحد في المدينة القديمة عن مخيم لالة مريم فلن تتعب كثيرا في التوصل إلى جواب يشفي غليلك حول هذا المخيم، فلقد كانت للعديد من الأطفال ذكريات كثيرة في هذا المخيم، الذي يضم مجموعة من الأطفال في فترة الصيف»، وأضاف أن في هذا المخيم مارس التمثيل وتعلم أبجديات هذا الفن، وزاد قائلا «في مخيم لالة مريم مارست التمثيل وعشقت كثيرا هذا الفن، ولي ذكريات لا تنسى في هذا المخيم، الذي كان فضاء ترفيهيا بالنسبة للأطفال». ففي حي عرصة افتيحات صرخ هلال بوبكر أول صرخاته، وفي هذا الحي شرب حب المدينة القديمة، وشرب معه حب الفن والرياضة، في إحدى ساحات هذا الحي كانت تنصب من حين إلى آخر خشبة، ولم يكن هلال يتردد في الإقبال عليها، وهو يتذكر بشكل مفصل هذه الأيام، ويقول « كانت تقام في مناسبات كثيرة خشبة وسط عرصة افتيحات، وكان ذلك مناسبة للتفرج مباشرة على بعض الفنانين عن قرب». وشارك هلال بوبكر في مجموعة من الأفلام والمسلسلات، ويقول «لقد كان لي الشرف أن شاركت في العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات، وفي الحقيقة يصعب أن أتذكر عدد الأعمال الفنية التي شاركت فيها». ويحلو له أن يتحدث كثيرا عن الأسماء التي أنجبتها عرصة افتيحات، ويقول في هذا الصدد، لقد فرخت هذه العرصة مجموعة من الأسماء من قبيل المرحوم عبد الرحيم بركاش، ومصطفى سلمات، وبوجمعة ودالقدميري وعبيسلام، وكبور، وبلفقيه والباقيري والشريف وغيرها من الأسماء الأخرى التي لمعت نجومها في السنوات الماضية، فكانت هذه العرصة والأحياء المجاورة لها فضاء لإنجاب أسماء رياضية وفنية كثيرة استطاعت أن تبصم على حضور قوي في مجالاتها». في سن مبكرة داعب هلال بوبكر كرة القدم وتمكن من اللعب في صفوف شباب الوداد البيضاوي، وبعد ذلك انتقل إلى فريق الراك، يعشق الرياضة كثيرا، كيف لا وهو واحد من أبناء المدينة القديمة، الذين يتنفسون الرياضة بجميع أنواعها، فالمدينة القديمة تزخر برياضيين كثيرين. وكان الذهاب إلى شاطئ «بيبسي» بالنسبة لهلال وأصدقائه لا يتم إلا عن طريق «أطوسطوب»، حيث كانوا يحرصون على الذهاب إلى هذا الشاطئ للسباحة ومزاولة كرة القدم، وبقدر ما يحب هلال المدينة القديمة، فإنه يعتبر أنها لم تتلق الاهتمام الكبير، وقال «لا أنسى مرزيكة والمسبح البلدي، فهناك قضيت ساعات طوال في اللعب رفقة الأصدقاء، وفي الحقيقة إنها ذكريات جميلة جدا، مارسنا كرة القدم والمسرح، وكانت هناك العديد من الدوريات التي تقام في المدينة القديمة من حين إلى آخر، وكانت تعتبر فرصة للمنافسة الشريفة وإثبات الذات. ولحد الساعة يتذكر هلال بوبكر جميع تفاصيل الطفولة، وكيف كانت الأجواء في عرصة افتيحات والمدينة القديمة عموما، فقد كان يقضي جل وقته في ممارسة الرياضة والمسرح، ويقول «لقد مارست المسرح في دار الشباب الزرقطوني، ولعب الكرة في أحياء المدينة ورفقة نادي الوداد والراك»، ومهما طالت السنون بهلال وبجميع مشاهير المدينة القديمة، فإنهم لن ينسوا الدفء الذي كانت توفره لهم هذه المنطقة وذكرياتهم الكثيرة وسط أحيائها ودروبها الضيقة.