رغم توالي السنوات ما يزال سكان المدينة القديمة في الدارالبيضاء يفتخرون بإنجاب منطقتهم أسماء كثيرة كان لها وقع كبير في شتى الميادين، ولم تنس الأيام نجوم المدينة القديمة اللحظات التي قضوها في دروبها وأزقتها الضيقة، ولم تتمكن هذه الأيام من محو ذكريات جميلة من الزمن الرائع لهؤلاء النجوم في المدينة القديمة. في حي بوسبير بالمدينة القديمة للدار البيضاء أطلقت صرختها الأولى في الحياة وسط أسرة لم تكن تختلف عن باقي العائلات المغربية، تعرف عنها الجمهور المغربي كثيرا في مسلسل «راضية»، الذي عرض أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وكان هذا المسلسل ثاني تجربة فنية لها بعد الفيلم القصير «المؤسسة»، إنها سعاد العلوي، واحدة من مشاهير المدينة العتيقة للدار البيضاء، الجلوس مع سعاد العلوي لدقائق معدودة يشعرك بأنك تعرفها منذ سنوات، فهي تحرص أن تكون علاقتها مع الجميع على أحسن ما يرام، لأنها تعتبر أن رأس مال أي فنان هو سمعته في الوسط الفني. ذكريات سعاد العلوي في المدينة القديمة ليست كثيرة كما قالت ل «المساء»، إذ لم تمارس الشغب الطفولي في زقاق المدينة القديمة بحكم صرامة والدها رحمه الله، الذي كان يمنعها من اللعب خارج المنزل، وقالت «كان والدي رحمه الله يمنعني من اللعب خارج المنزل، لأنه كان يخاف علينا كثيرا، الشيء الذي حرمني للأسف من مشاركة الأطفال اللعب خارج جدران بيتنا في حي بوسبير»، وأضافت أن عشق الأسرة للمدينة القديمة كان يدفعها في كل مرة للرجوع إليها، إذ لم يكن يطيب لعائلتها البقاء في أي مكان بعيدا عن أجواء أحياء ودروب المدينة، «لقد سبق للأسرة أن انتقلت إلى بوسيجور ودرب السلطان، لكن المقام لا يدوم طويلا، إذ سرعان ما نعود إلى أجواء المدينة القديمة لأن سحرها يجرنا إليها في كل حين». ورغم أن سعاد العلوي تستقر حاليا بحي أناسي، لكن دواخلها تعيش لحد الساعة في المدينة العتيقة، وتقول «أشعر وكأني طائر يعيش خارج حضن أمه، فكلما أتيحت لي فرصة لزيارة المدينة القديمة لا أتردد، فهناك أجد حفاوة الاستقبال وطيبوبة الجيران، لقد افتقدت كثيرا أجواء هذه المدينة، ما يجعلني أحرص على زيارتها بشكل كبير لإحياء صلة الرحم مع الأهل والجيران». حينما تسأل سعاد العلوي عن شعورها وإحساسها عندما تتابع في وسائل الإعلام أخبار انهيار منازل بالمدينة القديمة، لا تتردد في القول «إنها جدران الذات التي تنهار، لابد أن يتخذ قرار بترميم جميع المنازل، لأنها تشكل ذاكرة جماعية». في الشهور الأخيرة بدأت سعاد العلوي تفكر جديا في الانتقال إلى مكان آخر بدل حي أناسي الذي تستقر فيه حاليا، ولا تشغل بالها في البحث في مكان آخر سوى بالأحياء المحيطة بالمدينة القديمة، وكأنها تبحث عن شيء ضاع منها لسنوات طوال، فالمدينة القديمة عشقها الذي لا ينتهي، وتقول «حينما أدردش مع بعض الأصدقاء بالمدينة القديمة في الفايس بوك لايخفون إعجابهم الكبير بالأدوار التي أقوم بها، ويقولون لي أنت شرف لنا، ولا أخفيك أن ذلك يؤثر في كثيرا، ولقد رفضت مجموعة من الأدوار الإباحية احتراما لهم ولباقي الجمهور المغربي». وتصر سعاد العلوي أسبوعيا على أكل السمك في «السماط»، وهو سوق لبيع السمك بالمدينة القديمة، وهي العادة التي تحتفظ بها العلوي منذ سنوات طوال، البحر بالنسبة لها يعني «مرزيكة» هنا مارست هواية السباحة رفقة أقرانها، ولكن كان ذلك بعد وفاة الوالد، وتقول «لو أطال الله في عمر الوالد ما كنت أعتقد أنني سأذهب يوميا إلى مرزيكة أو أدخل إلى عالم الفن، فقد كان يرفض ذلك جملة وتفصيلا». لسعاد العلوي أربع أخوات وأخوان، وهي تفتخر بالجو العائلي الذي عاشت وتربت فيه بحي بوسبير، الذي يشهد على ميلاد ممثلة شاركت في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وتقول في هذا السياق « شاركت في عدد كبير من الأفلام السينمائية وفي الحقيقة نسيت عددها، فطيلة 28 سنة من التجربة السينمائية والتلفزيونية راكمت خبرة طويلة وأحتفظ بعلائق إنسانية مع الجميع وأصر دوما على الحفاظ على هذه العلائق. وكانت سعاد العلوي حاضرة بقوة في الأعمال الفنية الرمضانية لهذه السنة، وذلك عبر مشاركتها في مسلسل «دارت ليام»، الذي عرض على قناة ميدي 1 تفي، و«أحلام النسيم» و«شبح الماضي» في القناة الأولى، إضافة إلى الفيلم القصير»رشوة قاضي»، وأكدت أنها دخلت إلى عالم الفن والتمثيل صدفة ودون موعد سابق، ففي سنة 1984 بدأت بوادر ممثلة جديدة تظهر على السطح ليستمر وجودها في المجال الفني حتى الآن. من خلال الحديث معها تدرك جيدا أن عشقها للفن هو الدافع وراء تواجدها على الساحة، وتعتبر أن جميع الأعمال الفنية التي شاركت فيها في كفة واحدة وليس هناك فرق بين هذا الفيلم أو ذاك، مضيفة بابتسامة «شوف أخويا ما باغيا نتخاصم مع تواحد».