معه تتحول كل الأشياء إلى متعة صامتة، متعة صنعها تراقص الأقدام.. بودربالة، لا بد أن هذا اللاعب خلق ليرسم بالكعب لوحة الإبهار.. تعددت ألقابه وظل دائما وفيا لسحره، لعادة المراوغة التي تلازمه كظله. كان اللاعب قد جاء إلى فريق الوداد البيضاوي سنة 1977، حين استقدمه المرحوم كاباطاس وأحمد لكميري، وكانت سنه آنذاك 16 سنة، كان مع الوداد يحيك لنفسه ثوب الزفة في لحظات كثيرة، وكان الكل من حوله يحتفلون معه بمراسيم العيد، ومع المنتخب المغربي أكمل ملاحم الإبداع.. كان نجما فوق العادة، هتف الجمهور المغربي باسمه طويلا. «المساء» تسافر معكم في ذاكرة عزيز بودربالة وتدعوكم إلى اكتشاف تفاصيل غير مسبوقة من حياة مليئة بالأحداث المثيرة. عزيز الفنان.. الذين يعرفون اللاعب عزيز بودربالة يعرفون، أيضا، أنه فنان. وقد سبق الفن عنده الرياضة، فقد دخل، في بداية سبعينيات القرن الماضي، إلى المعهد الموسيقي. تعلَّم العزف على آلتي العود والبيانو. تستهويه الموسيقى الشرقية. يستمع إلى عبد الحليم حافظ وأم كلثوم والسنباطي، ويُكنّ إعجابا خاصا لعبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي ونعيمة سميح وإبراهيم العلمي وأحمد البيضاوي... يعزف أنغام رواد الموسيقى المغربية، وكان للمسرح دور كبير في صقل مواهبه الفنية، حيث تعرَّف من خلاله على فنانين كبار ما زالت تربطه بهم علاقة وطيدة. بعد إشباعه ميوله الموسيقية، دخل اللاعب، مؤخرا، عالم التمثيل، في تجربة أخرى جديدة من خلال سلسلة «الفرقة»، حيث أسند إليه المخرج دور البطولة، إلى جانب أسماء فنية كبيرة كمحمد مجد، نزهة الركراكي، آمال عيوش، محمد خويي وأسماء أخرى لفنانين معروفين في الساحة الفنية الوطنية. وقد اعترف عزيز بصعوبة التجربة، إذ انخفض وزنه في ظرف شهرين من العمل. وأكد بودربالة اعتزازه الشديد بكل الفنانين المغاربة. وهكذا يحكي تفاصيل دخوله مجال التمثيل: «لم يكن لديّ حماس كبير لدخول التجربة، رغم أنني استفدت كثيرا من تجاربي داخل معهد الموسيقى ومن تجاربي المسرحية. ولكنني حين قرأت السيناريو، أعجبني الدور، لأنه يناسبني، فوافقت على العمل. وقد وجدت مساندة كبيرة من طرف الطاقم المنتج ومن فريق العمل الفني، قضينا ستة أشهر في التصوير، وخرج العمل بالشكل الذي شاهدتموه على الشاشة الصغيرة»... بعد تجربته في مسلسل «الفرقة»، أعجب عزيز بالمجال الفني وفضّل دخول تجربة أخرى، وهو الآن يهيئ لعمل جديد. يتحدث بودربالة عن تجربته الجديدة: «أعمل حاليا مع شاب يكتب السيناريو، والفكرة من مخيلة الممثلة نجاة خير الله، في عمل يحمل اسم «دفء الحياة»، وقد اشتغلنا عليه طيلة شهر رمضان، وانتهينا من تصحيحه، وننتظر الموافقة عليه ليتم إخراجه إلى الوجود، فقد أصبح العمل الفني يغريني بدرجة كبيرة، واستأنستُ، فعلا، بالعمل مع ممثلين في المستوى، أفادوني كثيرا في تجربتي الفنية». ميولات سياسية.. يعترف عزيز بودربالة بميولاته السياسية ويختصر مساره السياسي في مجموع كلمات: «للتوضيح، يجب أن نعلم أننا، جميعا، نمارس السياسة، بطريقة أو بأخرى، نخاف فقط دخول تجربة الحقل السياسي بشكل مباشر. هناك اهتمام كبير من الشباب بالسياسة الوطنية والدولية، لأنه يحب دائما معرفة كل الأحداث والوقائع، وقد دخلت الحقل السياسي كعضو في المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، باقتراح من فؤاد عالي الهمة وحميد نرجس، رئيس جهة مراكش -تانسيفت -الحوز، ولاهتمامي الشخصي بالمجال أيضا. ونعمل جادّين لخدمة هذا البلد الأمينّ. يهوى عزيز، أيضا، القراءة، ويمارس كرة المضرب، ويعشق فريق الوداد إلى حد الجنون ويعتبر أن أجمل ذكرياته قضاها داخل الملاعب. أسرة طيبة .. كان لزاما على عزيز أن يدخل، يوما، قفصه الذهبي، أن يكمل سنة الحياة. وفي «سيون»، شاءت الأقدار أن يتعرف اللاعب على شريكة عمره. تزوج وأنجب ثلاثة أطفال، وعاش حياة سعيدة. يروي اللاعب -الفنان حكاية زواجه وتكوينه أسرة طيبة: «تعرفت على شريكة حياتي في «سيون». كانت، يومَها، تتابع دراستها، وقد تعرفتُ عليها عن طريق أخيها ووالدها، اللذين كانا من المنخرطين في فريق «سيون»، وكانت تربطني بهما علاقة صداقة متينة. ومرة، دعاني شقيق زوجتي إلى بيته في زيارة مودة، وهناك تعرفتُ على زوجتي ناتالي كريستين. أعجبني وسطها العائلي وأخلاقها العالية، واستمرت علاقتي بالعائلة، وفي ظرف قصير تم عقد قراننا في مدينة باريس في فرنسا، في المركز الثقافي الإسلامي، كان ذلك في سنة 1988. رُزِقتُ منها بابني الكبير «حنفي» سنة 1991 في مدينة «ليون»، ثم ازداد «ياسين» سنة 1993، و«كامل» سنة 1996 في مدينة «سيون»، ونعيش في وسط عائليّ منسجم، بمباركة والدتي الطيبة، التي تشملني برضاها الكبير». شبيه بودربالة.. في المدينة القديمة، في «درب الطاليان»، استغل شاب شبَهَهُ بعزيز بودربالة وتقدم لخطبة العديد من الفتيات. شاع الخبر في أحياء المدينة القديمة، قبل أن يفتضح أمر الشاب، الذي كاد يتسبب للاعب في بعض المشاكل. يحكي عزيز بقية الحكاية الطريفة: «عندما كنت ألعب لفريق الوداد البيضاوي، كان ولعي، كباقي الشباب، بالشعر الكثيف، وكان هناك شخص يشبهني، تقدَّم لخطبة العديد من فتيات الحي على أساس أنه هو «عزيز بودربالة».. شاع الخبر في الحي وجاءني البعض يباركون لي «الخطوبة».. أنا الذي لا أعرف شيئا عن الموضوع، وحدث أن جاءني شقيق إحدى الفتيات وسألني عن الحكاية، فأكدت له أنني لم أتقدم يوما لخطبة أي فتاة، قبل أن يفتضح أمر الفاعل، وكانت فعلا حكاية طريفة لن ينساها أبناء عرصة بنسلامة أبدا». هذا هو عزيز بودربالة، اللاعب الذي تغنّى باسمه الجمهور المغربي طويلا، وما زال اسمه محفورا في ذاكرة العديد من المحبين وفي ذاكرة كل من يستهويهم اللعب الجميل، فقد ظل، طيلة سنوات، واحدا من نجوم الرياضة المغربية، الذين دافعوا عن القميص الوطني في كل المحافل الدولية ونقل صورة طيبة عن اللاعب المغربي في الدوريات الأوربية، واستحق، بعد ذلك، الإشادة والإعجاب من طرف كل المتتبعين للشأن الرياضي المغربي...