سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بودربالة: الحسن الثاني هو الذي وضع لنا خطة نهاية الألعاب المتوسطية ل1983 بعد توقيعي لفريق «سيون» انتقلنا من المدينة القديمة واقتنيت شقة لأمي في «المعاريف»
معه تتحول كل الأشياء إلى متعة صامتة، متعة صنعها تراقص الأقدام.. بودربالة، لا بد أن هذا اللاعب خلق ليرسم بالكعب لوحة الإبهار.. تعددت ألقابه وظل دائما وفيا لسحره، لعادة المراوغة التي تلازمه كظله. كان اللاعب قد جاء إلى فريق الوداد البيضاوي سنة 1977، حين استقدمه المرحوم كاباطاس وأحمد لكميري، وكانت سنه آنذاك 16 سنة، كان مع الوداد يحيك لنفسه ثوب الزفة في لحظات كثيرة، وكان الكل من حوله يحتفلون معه بمراسيم العيد، ومع المنتخب المغربي أكمل ملاحم الإبداع.. كان نجما فوق العادة، هتف الجمهور المغربي باسمه طويلا. «المساء» تسافر معكم في ذاكرة عزيز بودربالة وتدعوكم إلى اكتشاف تفاصيل غير مسبوقة من حياة مليئة بالأحداث المثيرة. عزيز دوليا... كان اللعب للمنتخب المغربي قد أعطى لعزيز صفة الدولية، وبعد خسارة الجزائر، جاء المدرب الفرنسي جيست فونتين، الذي احتفظ باللاعبين أنفسهم، وتأهل المنتخب إلى نهائيات كأس إفريقيا في نيجيريا 1980، والتي احتل فيها الرتبة الثالثة، بعد أن انهزم في مباراة النصف أمام منتخب البلد المنظم بهدف لصفر. واستمر المنتخب المغربي على إيقاع التألق، منتخب أصبح يبشر بالخير، ثم جاءت الإقصائيات الخاصة بكأس العالم في إسبانيا 1982، والتي أخفق المغرب في التأهل إليها بعد هزيمته في المباراة الأخيرة أمام الكامرون. وبعد ذلك بأشهر، كان للمغرب موعد مع حدث تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الدارالبيضاء سنة 1983. يحكي عزيز عن الحدث الرياضي الذي أهدى المنتخب المغربي ميداليته الذهبية قائلا: «في سنة 1983، احتضن المغرب منافسات الألعاب المتوسطية في الدارالبيضاء، وقد كانت المناسبة فرصة لتألق مجموعة من اللاعبين الموهوبين، خاصة أن المنتخب المغربي كان آنذاك في أمسّ الحاجة إلى نصر يرفع من معنويات اللاعبين بعد الإقصاء من المونديال. وقد استقبلنا، آنذاك، الملك الراحل الحسن الثاني في قصر الصخيرات، قبل المباراة النهائية، وشجعنا مما جعلنا نحقق نتائج جيدة خلال تلك المنافسات. وأذكر أنه أخرج من جيبه أوراقا على شكل مثلثات، وضعها فوق الطاولة وبدأ يشرح لنا خطة اللعب التي تناسبنا والتي بفضلها يمكن أن نفوز بلقب الألعاب، وهو ما تحقق فعلا، حيث استطاع منتخبنا أن يفوز ويتوج بالميدالية الذهبية، في مباراة قوية ضد منتخب تركيا.. لم أفهم ساعتها شيئا من هذه العملية ولم أستوعبها إلا بعد سنوات وأنا لاعب محترف. عرفت أنه نظام تدريب يستوجب توفر اللاعب على دراية كبيرة بالكرة وبأساليبها المعتمدة، من أجل تطبيق هذا النظام في التدريب، وأدركت بعد ذلك أن الراحل كان يملك دراية كبيرة بكرة القدم». عروض احترافية... بعد الألعاب المتوسطية التي تألق فيها عزيز، بدأت عروض احترافية تنهال على اللاعب. كانت البداية مع «ستراسبورغ» و«نانسي»، وكان المسؤول عن التنقيب عن اللاعبين، والد اللاعب الفرنسي ميشال بلاتيني، الذي حضر إلى المغرب من أجل جلب عزيز إلى النادي الفرنسي. ولكن لم يتم التفاهم بين «الوداد» و«نانسي»، وتوقفت المفاوضات سريعا، فدخل على الخط فريق «سيون»، السويسري.. يصف عزيز ظروف انتقاله إلى الدوري السويسري قائلا: «في سنة1983 ، حل بالمغرب فريق «سيون»، السويسري، وتحديدا بالدارالبيضاء، في معسكر تدريبي. كان الفريق يتدرب في مركب الوداد، وسمع مسؤولوه عن عزيز بودربالة، إذ لم يسبق للفريق أن شاهدني ألعب، واتصل رئيس الفريق السويسري بعبد الرزاق مكوار، الذي قدم له صورة طيبة عني. ومن الصدف الغريبة أنه وفي مباراة إعدادية في ملعب الأب جيكو، كنت مصابا في رجلي، وعندما جاء المسؤولون لمتابعتي، سجلت هدفا في المباراة، فحول المسؤول السويسري تقريرا إلى نادي «سيون» يبلغه فيه أنني اللاعب الذي يبحث عنه الفريق.. وكانت تلكم بداية الالتحاق بعالم الاحتراف في عقد مدته أربعة أعوام. بعد الفحص الطبي، أدخلت فورا إلى المصحة من أجل إجراء عملية جراحية في رجلي قبل اللعب للفريق. وكان القانون، حينها، يخول للأندية السويسرية إمكانية الاعتماد على لاعب أجنبي واحد فقط. تم تسريحي في إعارة للوداد، فأكملت معه موسم 1983 لأنضم، بعد ذلك مباشرة، إلى فريق «سيون»، السويسري، سنة 1984، بموجب عقد قيمته 230 ألف فرنك فرنسي (حوالي 115 مليون سنتيم) تسلمها فريق الوداد. وقدم رئيس الفريق السويسري مبلغ 150 ألف درهم للوداد كدعم شخصي في إطار المساهمة في إصلاح مركب بنجلون، حصلتُ منه على مبلغ 30 مليون سنتيم وعلى راتب شهري قيمته 25000 درهم. كان علي، آنذاك، ألا أضيع الفرصة، وتحقق حلمي سريعا في دخول مجال احترافي قدم لي الشيء الكثير»...
عزيز يقتني شقة لأمه... بعد احترافه في سويسرا وحصوله على منحة التوقيع، بادر عزيز إلى شراء شقة جديدة لوالدته، إذ غادر المدينة القديمة و«عرصة بنسلامة» وانتقل مع عائلته إلى «حي المعاريف». كان الحدث يتطلب أن ينبش عزيز في ذاكرته ليروي بعضا من تفاصيل تغيير السكن: «عندما تحقق حلمي في دخول التجربة الاحترافية، وبعد أن حصلت على منحة التوقيع من فريق «سيون»، أضفت إليها بعضا مما كنت أذخره من رواتبي الشهرية مع الفريق، وكان أول ما فكرت فيه هو أن نغادر «منزل الكراء» في المدينة القديمة وأن «أكافئ» الوالدة التي سهرت على تربيتنا ووفرت لنا كل سبل العيش الكريم بإمكانيات مادية محدودة. كان علي، ساعتها، أن أفكر في البحث عن سكن يؤوي عائلتي، فاشتريت شقة في «حي المعاريف»، ما زالت والدتي تسكنها حتى الآن.. كان أمر انتقالنا من المدينة القديمة و«درب الطاليان» صعبا للغاية، إذ كيف يعقل أن نترك جيرانا كانوا لنا بمثابة الأهل؟... ودعنا الجميع واستقرت العائلة في «حي المعاريف»، ولكننا كنا نقوم بزيارات متقاربة للجيران كلما أتيحت لنا فرصة لذلك».