تعيش مدينة ابن سليمان أزمة اقتصادية خانقة، أثرت بشكل كبير على جيوب المواطنين، وجعلت معظمهم يلجؤون إلى طلب من القروض التي زادت من معاناتهم، وأدخلت بعضهم في متاهات السجون والإحباط والنصب والاحتيال والسرقة. فالمدينة الصغيرة التي فقدت هويتها، بسبب ضبابية الاستثمار داخلها، وعدم الاستفادة من خيراتها الطبيعية ومناخها الصحي، أصبحت تعج بالبطالة و(الفراشة) والعمال الموسميين التائهين، وتتحكم فيها لوبيات تجارية وسياسية. وأزمتها الخانقة تولدت بسبب التلاعب في أسعار المواد الاستهلاكية والاحتكار الممنهج لتجار الجملة والمزودين الرئيسيين للمدينة، الذين يفرضون أسعارهم على تجار التقسيط، كما يفرض بعضهم أثمنة البيع على المستهلكين، يضاف إليها غلاء فواتير استهلاك الماء والكهرباء مقارنة بباقي المدن، وكذا ارتفاع قيمة الضرائب السنوية الخاصة بالنظافة والتعمير، وتلك الخاصة بالمحلات التجارية والخدماتية، وسيارات الأجرة و... وغيرها من الضرائب التي تزيد من معاناة الساكنة. علما أن سكان المدينة أغلبهم موظفون وفلاحون وعسكريون بسطاء بالكاد يستطيعون تلبية مصاريف أسرهم. وفي ظل غياب أية مراقبة من طرف مكتب حفظ الصحة التابع للبلدية ولا من طرف القسم الخاص بمديرية الفلاحة، تظل الساكنة تعاني من قلة الجودة والغش وارتفاع الأسعار. فقد توصلت «المساء» بعدة شكايات طيلة فصل الصيف، وخصوصا خلال شهر رمضان، أكد فيها المتضررون أن أسعار المواد الاستهلاكية بالمدينة أصبحت تشكل استثناء مقارنة بباقي المدن، وأن الباعة، سواء تجار الجملة أو التقسيط، يفرضون أثمنة لا علاقة لها بالأسعار الحقيقية لبعض المواد، مبررين تلك الزيادات، بندرة أو نفاد تلك السلع أو مصاريف النقل أو...وخصوصا باعة (قنينات الغاز، وبعض المواد التي لا تحمل علبها أو قنيناتها قيمة أسعارها...)، كما لاحظ المتضررون الغش الواضح الذي يسلكه بعض أصحاب (المخبزات)، الذين يبيعون أقراصا من الخبز ناقصة الوزن أو مصنوعة من مواد فاسدة أو غير ذات جودة. وقد كشفت مصادر «المساء» عن وجود لوبيات، تحتكر التجارة بالجملة في أهم المواد الاستهلاكية التي تروج بالمدينة. حيث ثبت ل«المساء» أن الخضر التي تروج بالتقسيط من طرف الباعة المتجولين وأصحاب المحلات، تعود لشخص واحد، هو من يتحكم في أسعارها وفي الكمية المراد ترويجها. كما أن هناك شخصا آخر يحتكر سوق الفواكه، ويتحكم في أثمنتها وكيفية بيعها للباعة بالتقسيط. ويحتكر شخص ثالث كل المواد الاستهلاكية الأساسية للأسر من (شاي وسكر ودقيق وخميرة...). وهو ما يجعل المدينة تحت رحمة هؤلاء الأشخاص، الذين يرغمون الباعة بالتقسيط والساكنة على العيش وفق ما سطروه من خطط وبرامج. ويوظفون احتكارهم للمواد الاستهلاكية في أعمالهم السياسية، بحكم أن معظمهم إما أعضاء مستشارون أو موالون لهم.