في الوقت الذي كان المراقبون للبورصة يترقبون عقوبات رادعة، بعد تسرب معلومات حول أوامر شراء مخفية، فإن المجلس الأخلاقي اكتفى بتحذير الفاعلين في السوق المالي، محملا المسؤولية كاملة للإدارة الجماعية للبورصة، التي أوصى بإقالة أعضائها. المراقبون رأوا في ما انتهى إليه المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة تبرئة لشركات البورصة التي كان الشك يحوم حول مخالفتها للقوانين الجاري بها العمل في التعامل في بورصة القيم، واعتبوا أن دركي البورصة فضل تحميل المسؤولية للإدارة الجماعية، وإن كانت لا تتحملها كاملة، في نظرهم. فقد خلص التحقيق الذي قام به دركي البورصة إلى أن تسريب معلومات غير عامة إلى زبناء شركات الوساطة المالية يعد خطأ مهنيا وتقصيرا ارتكب من طرف الشركة المسيرة لبورصة الدارالبيضاء، وبالتالي طلب المجلس من وزير المالية والاقتصاد إعفاء أعضاء مجلس إدارة الشركة المسيرة واستبدالهم بآخرين. التقرير- الذي قدم خلال اجتماع المجلس الإداري لمجلس أخلاقيات القيم المنقولة، يوم الأربعاء الماضي، برئاسة صلاح الدين مزوار، ونشر أول أمس الأحد على الموقع الإلكتروني للمجلس- ناقش كذلك أسباب الانخفاض الكبير لمؤشرات البورصة خصوصا أيام 15 و16 و17 شتنبر 2008، حيث استنتج التقرير، بعد عدة عمليات تدقيق لمئات المعاملات وأوامر بالبيع، أن الانخفاض لم يكن ناتجا عن محاولة تلاعب في سوق القيم ولا عن ممارسة واسعة النطاق للبيع، بل إن انخفاض سوق القيم خلال شهر شتنبر تسببت فيه عدة عوامل لخصها تقرير دركي البورصة في إيقاف بعض الشركات لبرامج إعادة شراء أسهمها، حيث بلغت، في عدة حالات، أدنى سعر، وهو الأمر الذي استدعى إيقاف العملية، مما أجج حركة البيع لتلك الأسهم، وبالتالي هوت قيمتها. العامل الثاني يتمثل في صناديق الاستثمار المشتركة OPCVM الخاصة بالأسهم، حيث اتجهت هي الأخرى ت نحو بيع حصة من أسهمها بسبب فائض في الاشتراكات منذ شهر غشت الماضي. وثالث العوامل المؤثرة في انهيار البورصة هو البيع المكثف للمستثمرين الأجانب الذين أرادوا التخلص من أسهمهم مدفوعين في ذلك بتوجسهم من الأزمة المالية العالمية، مع توضيح أن الاستثمار الأجنبي داخل بورصة الدارالبيضاء يبقى ضئيلا من حيث الأسهم المسومة، حيث لم تتعد النسبة 1.8 في المائة من الرسملة السوقية خلال السنة الماضية، بينما حجم التداولات بلغ 15 في المائة إلى غاية النصف الأول من هذه السنة، وخلال شهر شتنبر باع المستثمرون الأجانب أسهمهم مرتين أكثر مما اشتروه منها. التقرير أشار إلى أن المعلومات، التي سربت عن طريق الخطأ من طرف بورصة الدارالبيضاء، تتحمل الشركة المسيرة للبورصة المسؤولية الكاملة عنها، حيث كان من المفروض أن تتأكد الشركة من سلامة الانتقال إلى النظام المعلوماتي الجديد الذي استبدلته بورصة الدارالبيضاء بداية هذه السنة، مما أتاح لعدد كبير من المتعاملين المنخرطين بشركات الوساطة المالية الوصول إلى معلومات تعتبر سرية، بما في ذلك زبناء شركة «بورسوماروك»، حيث تبين من خلال تحقيق مجلس أخلاقيات القيم المنقولة أن معاملات الشركة لا تأثير مباشر لها على انهيار البورصة خلال أيام 15-16-17 شتنبر الماضي، وأكد دركي البورصة أن التحقيق خلص إلى عدم وجود أدلة تشير إلى أن شركة الوساطة المالية «بورسوماروك» حاولت استخدام تلك المعلومات من أجل الحصول على مكاسب تجارية. وقرر المجلس في الأخير اتخاذ جملة من الإجراءات من أجل تأطير عدة مجالات أهمها الحظر المفروض على بيع الأسهم، حيث أشار التقرير إلى أنه يجب أن يكون أكثر وضوحا في التنظيم، وبالنسبة إلى القروض الخاصة باقتناء الأسهم يجب أن تخضع لضوابط محددة، بالإضافة إلى تقنين عملية إعادة شراء الأسهم من طرف الشركات المسومة بالبورصة، أما في ما يتعلق بنشر المعلومات عن حالة السوق، بما في ذلك عن طريق البث الذي تشرف عليه شركات الوساطات المالي، فيجب أن يضبط من خلال التأكد من قدرة الناشرين وكذا المعلومات المنشورة. كما دعا المجلس جميع الجهات الفاعلة وأصحاب المصالح داخل السوق المالي إلى إظهار نوع من الموضوعية والانضباط والدقة في عملهم وتخليق تعاملاته لتجنب تعطيل أعمال السوق وتأمين بورصة القيم المغربية.