فوجئ العديد من مستشاري مجلس الرباط بأن المدرسة الأمريكية تستغل عقارا بمساحة 22 ألف متر مربع في حي أكدال الراقي في الرباط بدرهم واحد سنويا، فيما القيمة الحقيقية لهذا العقار هي 65 مليار سنتيم. وقد تم اكتشاف هذه «الفضيحة» عندما تقدمت المدرسة المذكورة بطلب تمديد عقدة الكراء التي تجمعها بالبلدية. وذكر مصدر مطلع أن القيمة الحقيقية لهذا الوعاء العقاري (أي 65 مليار سنتيم) هي تقريبا الميزانية العامة للعاصمة، في الوقت الذي تشهد الرباط أزمة مالية خانقة دفعتها إلى مراجعة عدد من التحويلات والاعتمادات، وهو ما جعل عددا من الأصوات ترتفع من داخل المجلس من أجل عرض هذا العقار للبيع لحل مشاكل الرباط، قبل أن يفجّر أحد المستشارين فضيحة أخرى حين كشف وجود عقار آخر تصل مساحته الإجمالية إلى 33 ألف متر مربع يستغل ب10 دراهم سنويا، وطالب بضرورة حصر ممتلكات البلدية وإعادة النظر في طريقة استغلالها. وقال رضا بن خلدون، نائب عمدة الرباط، في الدورة التي عقدها المجلس أول أمس بخصوص الأرض التي تشغلها المدرسة الأمريكية، إنه تفاجأ من «اقتصاد الريع والفساد»، وأن «هذا الموضوع أحد أشكاله»، وأشار إلى أن الواقفين وراء المدرسة يريدون عقد كراء ينتهي بالتمليك، وهو الأمر الذي تمّت معارضته بشدة من طرف أعضاء المجلس، الذين طالبوا بمناقشة هذا النقطة بما يحقق المصلحة المالية للبلدية، علما أن المدرسة تفرض رسوما تصل إلى 14 مليون سنتيم عن كل تلميذ سنويا، وهو ما يُمكّنها من تحقيق أرباح ضخمة. ولم يكن موضوع هذه الممتلكات التي من شأنها أن تخرج البلدية من حالة «السكتة القلبية» من الناحية المالية ليخرج إلى دائرة النقاش لو لم يتقدم مدير المدرسة الأمريكية بطلب تمديد عقد الكراء الذي جعل المدرسة تتمتع بأرض بحجم حي سكني، منذ سنة 1967 مقابل درهم واحد في السنة، وهو الدرهم الذي أكد أحد المستشارين أن البلدية لا تقوم بتحصيله، علما أن عقد الكراء الحالي سينتهي في سنة 2017، غير أن الأمريكيين يرغبون في حسم تمديد العقد مبكرا وبشكل يُمكّنهم من حيازة الأرض بشكل نهائي بعد أن وصلت أثمنة العقار في حي أكدال إلى أرقام فلكية. واحتج عدد من المستشارين عما وصفوه بالمحاباة التي يدفع بها البعض من أجل توقيع العقد بطريقة ستجعل الأرض التي تساوي ذهبا في يد الأمريكيين لسنوات أخرى مقابل خمسين ألف درهم سنويا، رغم أن لجنة تقييم حددت المبلغ في 200 ألف درهم سنويا، بعد خبرة قامت بها سنة 2007، في حين أن مدرسة خاصة تبلغ مساحتها 500 متر فقط تم كراؤها ب15 مليون سنتيم. وصرخ أحد المستشارين في وجه أعضاء المجلس قائلا: «هاد الأرض ماشي غادي تعطيوها لإريتيريا.. راه مريكان هادي وعندهوم لفلوس».. فيما قال المستشار عبد السلام بلاجي: «لنا علاقة طيبة مع الأمريكين، لكن توقيع هذا العقد يجب أن يراعيّ مصالح المدينة وساكنتها» وقال: «نحن نحابي أحيانا أكثر مما يتوقعه الطرف الآخر».