على مدى السنوات الماضية، ضبط الأمن الإسباني عشرات الأطنان من المخدرات القوية القادمة من أمريكا اللاتينية والتي رست في موانئ سرية أو علنية بمنطقة غاليسيا، كما قبض الأمن الإسباني على العشرات من أفراد هذه الشبكات، من بينهم قياديون كبار، سرعان ما يجدون من يخلفهم على رأس تلك الشبكات. تشير تقارير الأمن الإسباني إلى أن الشبكات المنظمة في غاليسيا اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع شبكات أمريكا اللاتينية للكوكايين. لقد كانت هذه الشبكات في الماضي مجرد مستقبل للكوكايين في انتظار توزيعها داخل إسبانيا وفي باقي الأسواق الأوروبية، إلا أنها تحولت الآن إلى مكوّن رئيسي من مكونات الشبكات العالمية لهذا المخدر. وعلى مدى السنوات الماضية، ضبط الأمن الإسباني عشرات الأطنان من المخدرات القوية القادمة من أمريكا اللاتينية والتي رست في موانئ سرية أو علنية بمنطقة غاليسيا، كما قبض الأمن الإسباني على العشرات من أفراد هذه الشبكات، من بينهم قياديون كبار، سرعان ما يجدون من يخلفهم على رأس تلك الشبكات التي تشبه تنينا بعدة رؤوس، بمجرد أن يتم قطع رأس حتى تنبت في مكانه رؤوس أخرى كثيرة. شبكات غاليسيا ربطت أيضا علاقات وثيقة مع شبكات تهريب المخدرات المغربية، والتي لم تعد مقتصرة على مدن شمال البلاد، بل إنها تمتد من طنجة في أقصى الشمال، إلى أقصى جنوب البلاد، مرورا بالمدن الكبرى مثل الدارالبيضاء والرباط وفاس ومراكش وأكادير والناظور والحسيمة. وتقول التقارير الأمنية الإسبانية إن عددا من أفراد الشبكات الغاليسية يتنقلون باستمرار إلى الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، مرة كل شهر على أقل تقدير، ما بين طنجة وسبتة، من أجل الإشراف شخصيا على مرور مخدر الحشيش والكوكايين إلى الضفة الشمالية. الأرقام أكبر شاهد على تنامي قوة الشبكات الغاليسية في مضيق جبل طارق. وحسب معطيات أوردها الأمن الإسباني، فإن كميات الكوكايين التي عبرت مضيق جبل طارق ارتفعت بنسبة مهولة خلال السنوات الأخيرة. ففي سنة 2005، ضبطت مصالح الأمن 180 كيلوغراما من هذا المخدر في مدينة قادس وسبتة، على ضفتي المضيق، لكن سنة واحدة بعد ذلك سيتم ضبط أزيد من سبعة أطنان ونصف طن من الكوكايين في المدينتين. ويُرجع المراقبون هذا الارتفاع الصاروخي إلى كون الشبكات الغاليسية نقلت أنشطتها إلى السواحل الإفريقية والمغربية بعد أن أصبحت شواطئ غاليسيا خاضعة لمراقبة مشددة. كما أن هذه الشبكات التي كانت تختص في السابق في استقبال الكوكايين اللاتيني وتخزينه، اكتسبت حاليا خبرة كبيرة في التسويق، وأصبحت سيدة نفسها بعدما أقصت عددا من الشبكات الكولومبية. كما أن الشبكات الغاليسية تستغل القرب الجغرافي لإسبانيا من المغرب ومن مضيق جبل طارق، لكي تهيمن على تجارة وتسويق الكوكايين من مجرد الاقتصار على تسلمه إلى عملية بيعه وترويجه. كانت بداية الشبكات الغاليسية في مجال التهريب مقتصرة على السجائر في البداية. ومع طفرة الحشيش القادم من شمال المغرب، دخلت هذه الشبكات في علاقة تعاون مع الشبكات المغربية، وأصبحت نسبة كبيرة من الحشيش المغربي التي توزع في إسبانيا وأوروبا تتم عن طريق الشبكات الغاليسية. لكن، عندما ازدهرت أسواق الكوكايين الأوروبية، فإن هذا الشبكات استغلت العزلة الجغرافية لإقليم غاليسيا، الموجود أقصى شمال غرب إسبانيا على المحيط الأطلسي وتميزه بأجواء باردة وممطرة طوال أيام السنة، واستقبلت مئات الأطنان من الكوكايين اللاتينية. وعندما اشتد الخناق على هذه المنطقة بعدما تلقت ضربات أمنية موجعة واعتقل كبار قادتها، فإنها حولت وجهتها نحو الجنوب، مستغلة في ذلك الهشاشة التي كان يعرفها مضيق جبل طارق. وتعكس حالة الشبكات الغاليسية واقع كل شبكات التهريب تقريبا، والتي ابتدأت قبل عقود في تهريب أشياء بسيطة مثل السجائر أو كميات محدودة من مخدر القنب الهندي، قبل أن تتحول إلى تهريب كميات وافرة من أغلى المخدرات في العالم. ويقول مصدر أمني مغربي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن هناك شبكات كانت خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات مختصة في جلب الأثواب الرخيصة من جبل طارق وإسبانيا، أو من سبتة أيضا، ثم تحول نشاطها إلى جلب السجائر الشقراء بكميات كبيرة، وعندما اكتشفت أن الطريق سهل عبر الرشوة والفساد الإداري، تحولت إلى ممارسة تهريب أكبر عبر المخدرات العادية، وبعض أفرادها تحولوا اليوم إلى تهريب الكوكايين. ويضيف المصدر أن أصعب ما في التهريب هو رسم طريق البداية، وعندما تصبح الطرق سالكة فإنه لا فرق بين تهريب قطعة ثوب أو علبة سجائر أو صندوق مخدرات أو حقيبة من الكوكايين.