كانت طريق الكوكايين بين أمريكا اللاتينية وأوربا الغربية تتم عن طريق منطقة واحدة تقريبا هي غاليسيا (شمال غرب إسبانيا)، وفي صيف سنة 2004، سيتم لأول مرة اكتشاف طرق جديدة هي بمثابة صلة الوصل بين أمريكا اللاتينية وأوربا، وهذه الطريق الجديدة هي المغرب. العملية الأمنية جرت في ليلة الرابع من غشت 2004 في مدن مالقة وقادس ومدريد، وخلالها تم القبض على 5 أشخاص، بينهم مغربيان، الأول اسمه كريم، في الثانية والثلاثين من العمر، والثاني اسمه العربي، في الخامسة والثلاثين من العمر، وكولومبيان كلاهما في الخامسة والثلاثين من العمر، وضبطت بحوزتهم كمية 120 كيلوغراما من الكوكايين و1200 كيلوغرام من الحشيش. هذه العملية كشفت عن وجود طريق جديدة للكوكايين الكولومبية تمر حتما عبر المغرب إلى إسبانيا، حيث يتم تفريغ شحن الكوكايين في سواحل إفريقيا الغربية التي لا تحظى بحماية أمنية كافية، ويتم تخزينها في عدد من البلدان، من بينها المغرب، قبل أن تأخذ طريقها نحو التوزيع. اختيار السواحل الإفريقية جاء بعد أن تلقت الشبكات الإسبانية ضربات أمنية موجعة، وتم بشكل شبه نهائي توقيف أغلب المتاجرين بالكوكايين في عدد من المدن الإسبانية، كما خضعت الموانئ الإسبانية لمراقبة مشددة، وهي الموانئ التي كانت تنزل فيها كميات كبيرة من الكوكايين وسط حاويات كبيرة تأتي على سفن عملاقة. اختيار المغرب لعبور الحشيش تم لسبب وجيه، وهو أن هذا البلد يتوفر على شبكات مغربية إسبانية محترفة ومجربة في مجال تهريب الحشيش عبر مختلف الطرق، لذلك قررت الشبكات الكولومبية استغلال طريق الحشيش من أجل تمرير الكوكايين. هكذا بدأت شحنات هذه المخدرات القوية تعبر ليلا مضيق جبل طارق على متن نفس الزوارق الحاملة للحشيش، والتي كانت تصل إلى يد شبكات إسبانية تكون في انتظارها في سواحل قادس أو مالقة. اكتشاف مضيق جبل طارق والسهولة الكبيرة في عبوره شكل حلا سحريا للمصاعب التي اعترضت عبور الكوكايين نحو أوربا. وبعدما كانت سفن كبيرة تنطلق من مياه أمريكا اللاتينية عبر المحيط الأطلسي نحو أوربا وتعاني الأمرّين من أجل الرسو في أحد الموانئ الغاليسية أو الباسكية، فإنها بدأت تتوجه مباشرة نحو السواحل الإفريقية غير المحروسة، وفيها تفرغ حمولتها وتستريح قبل التوجه شمالا. الروابط التي بدأت تتوثق بين الشبكات الكولومبية والشبكات المغربية تحولت إلى حلف استراتيجي بين الطرفين، بحيث إن تجار الكوكايين الذين كانت تستهدفهم العمليات الأمنية في إسبانيا وفي عدد من البلدان الأوربية ويلقى القبض عليهم إثرها كان يوجد دائما مغاربة ضمنهم، وهؤلاء المغاربة هم الذين ساعدوا في البحث عن أسواق داخلية لتوزيع الفائض ونشر الإدمان بشكل كبير في عدد من المدن المغربية.