طريق المخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا تتغير باستمرار. في أفريقيا يلتقي زعماء الكوكايين والحركات الإسلامية المتطرفة. وفي كثير من الأحيان يمتلكون أموالاً أكثر من الدولة التي يعملون فيها. بتاريخ 2 نوفمبر 2009، اكتشفت السلطات في مالي اكتشافاً مهماً: بالقرب من تاركينت، إلى الشمال من البلاد، هناك طائرة بوينغ فنزولية محترقة. يقول ألكسندر شميت من مكتب مكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة في داكار، السنغال، إن هذه الطائرة كانت تهرب على متنها عشرة أطنان من الكوكايين من فنزويلا إلى أفريقيا. وبعد أن هبطت الطائرة، أضرم طاقمها فيها النار. وفي الطائرة المحترقة وُجدت آثار كوكايين. في شهر فبراير من هذا العام أبلغت الجزائر عن اكتشاف طائرتين محملتين بالمخدرات. وهذا الخبر لم يتم تأكيده بعد. في يناير اعتقل عناصر من وكالة مكافحة المخدرات في غانا ولأول مرة ثلاثة رجال ماليزيين ينتمون لمنظمة القاعدة. وجهت إليهم تهمة "إرهاب المخدرات" وتم ترحيلهم إلى نيويورك. القاعدة تشير هذه الأحداث إلى وجود روابط بين الحركات الإسلامية المتطرفة وتجار المخدرات في أمريكا اللاتينية، والذين يستفيدون من بعض لتوسيع نفوذهم. تنظيم القاعدة في حاجة إلى المال بسبب مطاردة السلطات الجزائرية لفرع شمال أفريقيا للمنظمة. وحسب مصادر رسمية فإن المنظمة أكثر من قضي عليها في السنوات الأخيرة، ومن المحتمل أنه بقي هناك حوالي 400 مسلح عامل لا غير. من جانبهم، يستفيد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية من الحكومات غير المستقرة والفاسدة في العديد من البلاد في غرب أفريقيا لتهريب المخدرات إليها ومن ثم توزيعها في السوق الأوروبي عن طريق شمال أفريقيا. وحسب مكتب مكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، يتم تهريب ما بين 50 و 60 طنا من الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى غينيا بيساو ومختلف بلدان الساحل، وذلك بهدف تهريبها من هناك إلى أوروبا. لا يمكن ضبطها غينيا بيساو، وجزرها الثمانون التي لا يمكن ضبطها، هي واحدة من البلدان الأفريقية الأكثر ضعفاً: إنها دولة فقيرة والوضع السياسي فيها غير مستقر، كما يتضح من الانقلاب الأخير الذي أعاد إحياء المخاوف في البلاد. في نهاية العام المنصرم أكدت الأممالمتحدة في دراسة أن غينيا بيساو، بفضل مساعدة وكالات الاستخبارات الأوروبية، لم تعد مركزاً هاماً لتجارة المخدرات، وأن طرق التهريب انتقلت إلى جنوب ووسط القارة الأفريقية. لكن وزير العدل، مامادو سالي ديالو بيريز، ولوسيندا بربوزا أهوكاري، رئيسة البحث في غينيا بيساو، اعترفا السنة الماضية خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس بأن الوضع ليس تحت السيطرة على الإطلاق. يقول ديالو بيريز: "تجار المخدرات يعرفون تماماً مدى ضعف هذا البلد فيما يتعلق بالمراقبة الحدودية والشريط الساحلي. (...) ببساطة ليس لدينا الوسائل الكافية لاعتقال التجار واحتجازهم". وتضيف بربوزا أهوكاري: "من الواضح أن الجريمة المنظمة تمتلك وسائل أكثر مما تمتلكه الدولة". عناصر متسللة نلاحظ في بعض الدول الأفريقية مثل نيجيريا وتشاد ومالي وموريتانيا والمغرب والجزائر، انتعاش التعاون بين الإسلاميين المتطرفين والجماعات المتمردة مثل الفارك اليسارية المسلحة في كولومبيا. وعقب اعتقال ثلاثة ماليين في غانا، تقول إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية إن لها عناصر متسللة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب. وقد عمل هؤلاء على مدى أربعة أشهر كممثلين لمنظمة الفارك. وقد تمكنوا من الحصول على معلومات حول شحنات كبيرة من الكوكايين التي يتم تهريبها من أمريكا اللاتينية عبر البلدان الساحلية والصحراء إلى شمال أفريقيا. ويدخل الكوكايين عبر جنوب أوروبا إلى السوق الغربي. ويتقاضى المهربون حوالي سبعة آلاف دولار أمريكي للكيلو الواحد من الكوكايين. شبكات وافقت حكومات الجزائر ومالي وموريتانيا ونيجيريا على التعاون العسكري المشترك مع أمريكا وأوروبا لمكافحة الإرهاب والجريمة الدوليين. ولكن حتى الآن لا توجد آلية مدروسة لتجنب استفادة تجار المخدرات من شبكات منظمات مثل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في المغرب الإسلامي. وحتى الآن يتم استخدام هذه الشبكات لتهريب المخدرات والأسلحة والمهاجرين على نطاق صغير، وأما الآن يتم استخدامها لتهريب الكوكايين على نطاق كبير من أمريكا اللاتينية. أموال مخدرات أمريكا الجنوبية واضحة على الساحل الغربي لأفريقيا: تظهر هناك الفيلات الفاخرة في داكار، والتي يمتلكها تجار المخدرات. يزيد الوضع من عدم الاستقرار في منطقة الساحل، لأنه بالإضافة إلى الصراعات الإقليمية العرقية والفساد، هناك أيضاً الصراع على السلطة بين تجار المخدرات.