في الوقت الذي تقول فيه مصادر رسمية مغربية إن المساحات المزروعة بالحشيش انخفضت من 140 ألف هكتار إلى 60 ألف هكتار حاليا، فإن رقعة الكوكايين في البلاد انتشرت بصورة مخيفة أصبح معها المختصون يدقون ناقوس الخطر. وعلى الرغم من أنه لا توجد حقول كوكايين في المغرب، فإنه صار معبرا عالميا للكوكايين القادم من أمريكا اللاتينية، حيث تعبره سنويا مئات الأطنان نحو أوروبا عن طريق عصابات أمريكية لاتينية ومغربية وأوروبية. ومنذ أن اكتشف الكولومبيون طريق الحشيش عبر مضيق جبل طارق بداية الثمانينيات، فإنهم ربطوا صلات وثيقة مع الشبكات المغربية، وأصبحت شحنات الكوكايين تعبر البحر جنبا إلى جنب مع الحشيش. وتصل سفن الكوكايين إلى بلدان غرب إفريقيا بما فيها المغرب، ويتم تخزينها في انتظار نقلها نحو أوروبا بعد توزيع نسبة مهمة منها في إفريقيا. وتقول السلطات المغربية إنها ضبطت خلال السنة الحالية أزيد من 25 طنا من مخدر الكوكايين، وهي نسبة كبيرة تؤشر على أن الكوكايين الذي استطاع الإفلات من قبضة الأمن يفوق الكمية المضبوطة بعشر مرات. وفي الوقت الذي تتحفظ فيه السلطات المغربية على الحديث علنيا في موضوع استفحال الكوكايين في البلاد، على الرغم من آلاف الحالات المعروضة على المحاكم، فإن الأمن الإسباني يتحدث عن مافيا دولية أصبحت مركزة ما بين الجنوب الإسباني في منطقة الكوستا ديل سول وبين شمال المغرب وصخرة جبل طارق. وتحاول الحكومتان المغربية والإسبانية خلق تعاون أمني وثيق من أجل الحد من تجارة المخدرات بين البلدين، سواء عبر البحر أو عن طريق الجو، بعد أن أصبحت الطائرات وسيلة أساسية لنقل المخدرات بين البلدين، غير أن اهتمام الحكومتين لا يزال منصبا على مخدر القنب الهندي، حيث يعتزم إنشاء مراكز أمنية متبادلة في كل من الجزيرة الخضراء وميناء طنجة. ومن بين مئات الأطنان العابرة، فإن نسبة من هذه المخدرات الخطيرة يتم ترويجها في مختلف المدن المغربية، وهو ما أدى إلى ظاهرة اجتماعية على قدر كبير من الخطورة، حيث إن أطفالا في العاشرة من العمر أصبحوا مستهلكين للمخدرات القوية. وتعتبر إسبانيا المستهلك الأول عالميا للكوكايين، وهو ما يعني أن المغرب يوجد بدوره من بين المستهلكين الأساسيين لهذا المخدر، وأن حبل الإدمان يلتف حول عنقه. ويقول البروفسور رشيد حسنوني علوي، إن ظاهرة الإدمان على الكوكايين والهيروين في المغرب خطيرة جدا ومقلقة إلى حد بعيد، وطالب الجميع بتحمل المسؤولية. وأدى انتشار شبكات المتاجرة بالكوكايين، وهو أغلى 100 مرة من مخدر الحشيش، إلى ظهور شبكات إجرامية تستعمل الأسلحة النارية ومختلف وسائل الإجرام لتصفية حساباتها، بالإضافة إلى تسلل المافيا الدولية إلى المغرب، بما فيها المافيا الإيطالية والروسية والإسبانية. وكان خوسي تشاميثو، مدافع الشعب في إقليم الأندلس الإسباني، اتهم أبناكا ومؤسسات مالية في المغرب وإسبانيا بتبييض أموال المخدرات، بالإضافة إلى استثمار أموال الكوكايين في عدد من المشاريع العقارية في البلدين. أنظر الملف الأسبوعي.