اعتقلت شرطة الحدود بمطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، الأسبوع الجاري، مواطنا إسبانيا قادما من دكار ومتوجها إلى إسبانيا، بعد الاشتباه فيه. وبعد التحقيق معه، تبين أنه كان قد ابتلع كبسولات محشوة بالكوكايين، كان ينوي تهريبها نحو التراب الإسباني. وكشفت هذه الحالة، التي توجد حالات كثيرة مشابهة لها، حسب مصادر موثوقة، أن المغرب أصبح واحدا من المعابر الرئيسية التي يمر عبرها مهربو الكوكايين وأنواع المخدرات الأخرى القادمون من بلدان إفريقية والمتوجهون نحو أوربا، إذ بالرغم من تشديد المراقبة على الحدود فإن المهربين كثيرا ما ينجحون في التحايل على الأمن وتمرير بضاعتهم إلى الضفة الأخرى. وحسب آخر تقرير صدر في العام الماضي عن شرطة الأوروبول، التابعة للاتحاد الأوربي، فإن مهربي المخدرات والكوكايين يفضلون مطارات لا تخضع للمراقبة بشكل مكثف، مثل مطار الدارالبيضاء ومطار طرابلس، وهي نفس المطارات التي تستعمل من قبل مهربين قادمين من غرب إفريقيا. ويكشف التقرير عن «وجود معابر برية عبر الصحراء لتهريب الكوكايين، ترتبط بمعابر تقليدية لتهريب القنب الهندي في اتجاه الاتحاد الأوربي، ويستفيد المهربون من اللوجستيك والخبرة اللذين يوفرهما مهربون ذوو تجربة». وتؤكد بعض المؤشرات أنه، إلى جانب السجائر وسيارات الدفع الرباعي والأسلحة والمهاجرين السريين، تمر كميات كبيرة من الحشيش والكوكايين، إذ يوجه الحشيش نحو الشرق الأوسط والأقصى، حيث يبدو أن الطلب في تزايد مستمر، بينما يوجه الكوكايين نحو أوربا. ووفق مصادر مطلعة تحدثت إليها «المساء»، فإن كميات كبيرة من الكوكايين يجري تهريبها، سواء عبر بعض مطارات المغرب التي لا تخضع للمراقبة الصارمة أو بعض الموانئ، ومنها ميناء أكادير، بحيث يتم شحن البضاعة في شاحنات تبريد أو في بواخر صيد صغيرة لنقلها إلى الأسواق الأوروبية. وقد أصبحت ظاهرة تهريب المخدرات تتجاوز غرب إفريقيا، إذ بات المغرب يشكل محطة مفضلة لنقل المخدرات نحو إسبانيا، التي تمثل البوابة الرئيسية لمرور المخدرات إلى أوربا (نسبة حجز المخدرات المهربة وصلت إلى 49 في المائة عام 2007)، غير أن سياسة محاربة تهريب وزراعة المخدرات التي دخلها المغرب منذ عام 2003، بتوصية من الاتحاد الأوربي الذي قدم دعما ماليا ولوجستيا للسلطات المغربية، حدّت نسبيا من هذه الظاهرة، بعدما كان المغرب المزود الرئيسي لأوربا من المخدرات المستهلكة بنسبة 80 في المائة. وإذا كان المغرب حاليا لا يزال هو المنتج الرئيسي في العالم للقنب الهندي، بما حجمه ألف طن في السنة (مقابل 3000 طن عام 2003)، فإنه لا ينتج سوى أقل من 18 في المائة من الحشيش المروج في أوربا، بعد خمس سنوات من نهج تلك السياسة، إلا أن تراجع الحشيش قابله انتشار مخدر آخر بدأ يأخذ مكانه، وهو الكوكايين.