تؤكد بعض الدراسات أن زراعة نبات الكبار (كابنوس سبينوزا) لم تبدأ إلا في القرن الثالث عشر في إيطاليا ولم تنتقل زراعته إلى المغرب إلا في بداية سنة 1920 في بعض المدن المغربية وتحديدا في كل من تاونات وآسفي وتارودانت. و«الكبّار» من النباتات الشوكية المُعمّرة التي تعيش ما بين 20 و30 سنة، وهو عبارة عن شجيرات صغيرة لا يتجاوز علوها الثمانين سنتمترا ولا يتجاوز عرضها، في غالب الأحيان، المتر والنصف، وهو نبات يعيش في المناطق التي تتوفر على طقس جاف وشبه جاف وتوجد على ارتفاعات تصل إلى 1000 متر عن سطح البحر، ويتحمل الملوحة في المياه وتساعده بنيته على مقاومة الرياح، كما يتميز نبات «الكبار» بقدرته على النمو في أنواع مختلفة للتربة، إلا أنه يُفضَّل، حسب بعض الدراسات الأراضي ذات التربة الكلسية والأراضي الرملية.. المغاربة لا يعرفون قيمة الكبار يجهل الكثير من المغاربة مجالات استعمال نبات «الكبار» وكذا فوائده الغذائية والطبية، حيث تؤكد خديجة لمسلك، رئيسة مصلحة الإرشاد والدعم في المديرية الإقليمية للفلاحة في آسفي، أن نبتة «الكبّار» تحتوي على حوالي 2.9 في المائة من المواد المعدنية و88 في المائة من الماء و0.5 من المواد الدهنية و3.2 في المائة من البروتينات و5.44 في المائة من السكريات.. وهي مكونات جعلت نبات «الكبّار» يحتل مكانة متميزة في العديد من الاستعمالات التي تتنوع بين الطبية والغذائية وكذا مجالات التزيين... ويجهل الكثير من المغاربة القيمة الغذائية لنبات «الكبّار»، حيث يستعمل في إعداد السلطات وإعداد أطباق السمك والأطباق المعدة بعجات البيض وأكلات الطجين المغربي.. أول مصدر للكبار في العالم يعد المغرب أول بلد منتج ومصدر لنبات «الكبار»، حيث يساهم بثلثي الإنتاج الدولي من الكبّار، وتبلغ صادرات المغرب من نبات الكبار، حسب إحصائيات رسمية ما بين 12 ألفا و14 ألف طن سنويا، بقيمة مالية تقدر بحوالي 250 مليون درهم سنويا، ويساهم الكبّار بنسبة 10 في المائة من قيمة الصادرات المغربية من المصبرات ذات الأصل النباتي.. وتسجل الإحصائيات أن 95 في المائة من منتوج الكبار المغربي موجه، بالدرجة الأولى، للتصدير إلى الأسواق الأوربية، بنسبة 79 في المائة، والأمريكية بنسبة 8 في المائة، والأسيوية وباقي الدول بنسبة 13 في المائة. ويحقق الكبّار مدخولا سنويا للفلاحين يتراوح بين 26 و30 ألف درهم للهكتار الواحد، وتنتشر زراعة الكبار حاليا في مدن فاس و تاونات وآسفي وسيدي قاسم ومراكش وتارودانت.. إلا أن مدينة آسفي تبقى من أهمّ المدن التي تنتشر فيها نبتة الكبار. وعرفت هذه الزراعة تطورا ملحوظا في كل من مدن فاس وتاونات وآسفي نتج عنه تضاعف الإنتاج بثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة، وكذا بفضل الاهتمام الكبير الذي أولاه الفلاحون لزراعة «الكبّار» في هذه المناطق. آسفي نموذج لزراعة الكبار يعتبر إقليمآسفي من أهمّ المناطق المنتجة للكبار في المغرب، إذ تتراوح مساحة زراعة الكبار في هذا الإقليم بما بين 5000 و7000 هكتار، موزعة بين جماعات الإقليم، وتحتل جماعة «نكا» المرتبة الأولى من حيث نسبة الإنتاج، بحوالي 47 في المائة، تليها جماعة «أولاد سليمان» بحوالي 18 في المائة، ثم جماعة «المْراسْلة» ب10 في المائة، فيما تتوزع باقي نسبة الإنتاج بين جماعات حرارة، بوكدرة سيدي تيجي ولعمامرة.. وتنطلق عملية زراعة الكبّار بإنتاج الشجيرات في المشاتل، عن طريق البذر داخل أكياس بلاستيكية، ويتم غرسها في بداية شهر أبريل من كل سنة، ويسع الهكتار الواحد من الأرض ما بين 800 و1000 شجيرة، وتخضع شجيرات نبات الكبّار لنظام سقي مضبوط، خاصة في الشهور الأولى، حيث تسقى مرة في الأسبوع، ولا تستعمل الأسمدة والمبيدات في زراعة الكبّار.. وبعد نضج النبتة، تنطلق عمليات جني نبتة الكبّار، التي تستمر حوالي ستة أشهر من ماي إلى أكتوبر، ويحرص الفلاحون على القيام بعملية الجني في الساعات الأولى من اليوم، على أن تتوقف العملية في حدود الساعة العاشرة صباحا، على أن تستمر العملية مساء بعد الساعة الخامسة، وتسجل الإحصائيات الرسمية تزايدا ملحوظا في المساحات المخصصة لزراعة نبات الكبار، حيث انتقلت من 2000 هكتار سنة 1999 إلى 5000 هكتار سنة 2011، كما ارتفعت كميات إنتاج الكبار من 4000 طن سنة 1999 إلى 12000 طن سنة 2011، وشجرة الكبار لا تعطي منتوجها إلا في السنة الثانية من عمرها. تحت رحمة الوسطاء والسماسرة رغم الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي توفرها بها زراعة الكبار في منطقة آسفي، التي تتوفر على مؤهلات طبيعية ملائمة لممارسة هذا النشاط الزراعي، ورغم توفر هذا المنتوج على الصعيد الوطني في مجموعة من مناطق المغرب ورغم كون إمكانية غرسه متاحة في العديد من المناطق المغربية، التي تتوفر على طقس جاف أو شبه جاف، فإن الفلاحين الممارسون لهذه الزراعة ما يزالوا يعانون من غياب التأطير الكافي للنهوض بجودة منتوج الكبار، كما أن احتكار الوسطاء للسوق الداخلية يضع الفلاحين تحت رحمة هؤلاء الوسطاء والسماسرة، الذين يحددون ثمن شراء الكبار من الفلاحين، والذي يكون في الغالب متدنيا، ولا يولي اعتبارا لمعايير الجودة، في غياب تثمين المنتوج وفق معايير دولية، كما أن حصر المنتوج النهائي من الكبّار في المحلول الملحي ومعالجته عن طريق عملية «التّرقادْ» وعدم تنويعه والتبعية الكاملة للسوق الأوربية المشتركة وضعف التنظيم المهني في القطاع وكذا تمركز وحدات التصبير في مدن بعيدة عن مدينة آسفي (فاس، مكناس، الدارالبيضاء ومراكش).. كلها عوامل تؤثر كذلك على القيمة المادية للمنتوج. وتراهن منطقة آسفي مستقبلا على الرفع من جودة الكبّار في المنطقة، في أفق حمله لعلامة مميزة و«ترميزه» ليجد مكانته اللائقة في السوق الداخلية والخارجية، كما تسعى الوزارة الوصية، عبر هذه المبادرات، إلى الانتقال بقطاع إنتاج الكبّار من قطاع تقليدي غير منظم وغير مندمج إلى قطاع حديث ومتطور يوفر مجموعة واسعة ومتنوعة من المنتجات عالية الجودة وذات القيمة المضافة في الأسواق الوطنية والدولية. كما يسجل المهتمون بالقطاع الضعف الكبيرَ في عدد التنظيمات المهنية، خاصة في صفوف الفلاحين، والتي لا تتجاوز 11 تعاونية على الصعيد الوطني، منها خمس تعاونيات في جهة دكالة عبدة، في الوقت الذي يتكتل مصنعو ومصدرو الكبّار في إطار تنظيمات محكمة التنظيم. كما تعاني زراعة الكبار من مشكل التحكم في الجودة والاعتماد على الزراعة التلقائية للنبتة وقلة المزارع المُستعمَلة للأصناف المختارة. مبادرات للرفع من الإنتاج تسعى وزارة الفلاحة، في إطار مشروع «المغرب الأخضر»، إلى الرفع من نسبة إنتاج الكبار وكذا الرفع من جودته عبر مشروع لتوسيع وتحسن إنتاجه في إقليمآسفي، وسيكلف المشروع، الذي يمتد على مدى ست سنوات، حوالي 60 مليون درهم، ويهدف إلى غرس 5000 هكتار من الكبّار وكذا تكثيف المساحات المتواجدة حاليا على مساحة 1000 هكتار. ويهدف المشروع، كذلك، إلى بناء وتجهيز ثلاث وحدات لجمع وتسويق الكبّار، إضافة إلى وضع برنامج للمرافقة التقنية من أجل تتبع عملية الغرس وبناء الوحدات وتأطير التنظيمات المهنية في المجال. وتضمّنَ الجزء الأول من تنزيل البرنامج سنة 2011 بناء وتجهيز وحدتين لتثمين منتوج الكبّار، الأولى لفائدة «تعاونية الأزهر»، في إطار شراكة للجمعية جمعتها مع الجماعة القروية «أزكان» ومخطط «المغرب الأخضر» وبرنامج «التنافسية الأمريكية» و«المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، والوحدة الثانية لفائدة «تعاونية الخضراء»، جمعت الجمعية نفس الشركاء في تراب جماعة «جزولة». كما تعتزم الوزارة الوصية، في إطار تنزيل نفس المشروع، بناء وحدتين لتثمين الكبّار وغرس 800 هكتار من شجيرات الكبّار خلال سنة 2012، كما يهدف المخطط إلى تنظيم الفلاحين في إطار تعاونيات وجمعيات لتسهيل عمليات التأطير والحد من تدخل الوسطاء والسماسرة، عبر دعم التعاونيات بجميع الوسائل اللوجيستيكية في المعارض المحلية والوطنية وكذا الدولية. كما يتم تنظيم زيارات ميدانية للتعاونيات الناجحة الناشطة في القطاع. وتسعى الوزارة إلى تزويد التعاونيات ببعض اللوازم التقنية، كالبراميل المُستعمَلة في «ترقيد» الكبّار وآلات طحنه، مع زيت الزيتون والقنينات الزجاجية المخصصة لتعليب المنتوج. ويسعى المسؤولون في وزارة الفلاحة إلى تطوير النسيج الصناعي والتحويلي الداخلي عبر إحداث المزيد من الوحدات الصناعية قصد العمل على تصدير المنتوج في شكل نهائي من حيث المعالجة والتوضيب، كما تراهن الوزارة على وضع برنامج مكثف لتحسيس المستهلك المغربي بالقيمة الغذائية والصحية للكبّار، في أفق تطوير السوق الداخلية للمنتوج. في أفق ترميز «كبّار» آسفي تعد عملية ترميز المنتجات المحلية ومنحها علامات مميزة للمنشأ والجودة من أهم الأهداف التي يسعى المسؤولون إلى تحقيقها مستقبلا لتطوير منتوج الكبّار في منطقة آسفي، ويعتبر الكبّار منتوجا مميزا ومتأصلا في المجال الجغرافي وشهرته مرتبطة بالتراث المحلي. وتهدف الوزارة من وراء سعيها نحو ترميز كبّار آسفي إلى الزيادة في إشهاره وطنيا ودوليا وحماية مصالح المنتجين وجعله منتوجا مجاليا مميزا لجهة دكالة عبدة. وتتم عملية ترميز المنتوجات المجالية المحلية عبر ثلاث مراحل: ظهور مجموعة مُقدِّمة للطلب وإعداد دفتر التحملات، ثم تسجيل كبّار آسفي من قبل اللجنة الوطنية لعلامات الميزة لمنشأ وجودة.. ويوجد المشروع الآن، حسب مسؤولين في المديرية الإقليمية للفلاحة في آسفي، في مرحلته الأولى بعد ظهور مجموعة مُقدِّمة للطلب، تمثلت في اختيار جمعية منتجي الكبّار في إقليمآسفي كمجموعة مقدمة لطلب ترميز كبّار، آسفي في انتظار باقي مراحل الترميز. يُعدّ الكبّار أحد أهم المنتوجات الفلاحية الطبيعية التي تميز المغرب ومنطقة آسفي بالخصوص، وإلى حدود الساعة، تستفيد السوق الأوربية ودول أمريكا وآسيا من حصة الأسد من المنتوج الوطني من هذا النبات، في وقت تكاد تنعدم نبتة الكبّار في الأسواق المغربية، كما تستحوذ الشركات المصنعة للكبار والوسطاء والسماسرة الناشطين في المجال على الجزء الأكبر من عائدات هذه الزراعة، في الوقت الذي يحترق الفلاحون وتكتوي أصابعهم بلسعات أشواك شجرة الكبّار الشائكة وصعبة المنال اثناء عملية الجني، والتي تدوم شهورا.. وتتطلب كل هذه المؤشرات، وأخرى تم ذكرها سالفا، من المسؤولين إيلاء الأهمية اللائقة لهذا المنتوج الفلاحي وسن قوانين لسد الطريق على السماسرة المتاجرين في عرق الفلاحين الناشطين في مجال زراعة الكبّار، كما يجب الاستماع إلى كافة الفاعلين في القطاع، بدءاً بالفلاحين واللاقطين وشركات التصبير والشركات المُصدِّرة لإعادة النظر في الأثمنة «البخسة» التي يتم تحديدها «قسرا» لشراء الكبّار من الفلاحين.. وكذا تسريع وتيرة المسطرة المُعتمَدة لترميز الكبّار المغربي وكبّار آسفي بالخصوص حتى يحظى بالمكانة اللائقة به وطنيا ودوليا.
مورد مهم في آسفي يعتبر نبات الكبّار أحدَ أهمِّ الأنشطة الفلاحية في إقليمآسفي ، وحسب الأرقام الرسمية التي أوردتها مصلحة الإرشاد والدعم في المديرية الإقليمية للفلاحة في آسفي، فإن المردودية المسجلة لهذه الزراعة تتراوح بين 1.5 و 2.5 طن للهكتار الواحد ويوفر ما يناهز 26000 درهم. كما تسجل الإحصائيات أن القيمة المالية لإنتاج الكبار على مساحة 5000 هكتار تمثل القيمة المالية لإنتاج الحبوب على مساحة 34000 هكتار، وتعتمد حوالي 2000 عائلة في منطقة آسفي على مداخيل نبات الكبار، الذي يمثل بالنسبة إليها مدخولا سنويا رئيسيا، وتوفر أنشطة زراعة الكبار في المنطقة ما يناهز مليونين و160 ألف يوم عمل. بعد عمليات جني منتوج الكبار، التي تكلف الفلاحين جهدا ووقتا مهما، يجد الفلاحون أنفسَهم مُجبَرين على بيع محصولهم السنوي لوسطاء يجتاحون الأسواق الأسبوعية، حيث يفرضون عليهم ثمنا زهيدا يقدر ب13 درهما للكيلوغرام الواحد، ويتكفل هؤلاء الوسطاء بدورهم ببيعه للوحدة الصناعية المصدرة للكبّار بأثمنة لا تخضع لأي معايير ولا تستقر على حال، إذ تصل في بعض الأحيان إلى 40 درهما للكيلوغرام الواحد، وقد تزيد على ذلك. وتتواجد في إقليمآسفي ثلاث وحدات لتصبير حوالي 5000 طن من نبات الكبّار، أي ما يعادل 90 في المائة من الإنتاج المحلي، فيما يتم تصبير باقي المنتوج خارج مدينة آسفي.