لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا ابتداء من 11 نونبر الجاري بالرباط    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد مشعل: بنكيران قادر مع فريقه وشركائه على النجاح لصالح المغرب وشعبه
قال: تمنيت أن يحتذي زعماء عرب بالتجربة المغربية حقنا لدماء شعوبهم
نشر في المساء يوم 17 - 07 - 2012

أكد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، الذي زار المغرب بدعوة من حزب العدالة والتنمية
لحضور مؤتمره السابع، أنه قدم التجربة المغربية في تعاملها مع الربيع العربي خلال حديثه مع مسؤولين عرب كنموذج يستحق الدراسة. وقال مشعل إنه حريص على تلبية دعوات كل الأطياف السياسية بالمغرب وأنه ما زال يتطلع إلى لقاء الملك
محمد السادس. في هذا الحوار تحدث مشعل أيضا عن ملف اغتيال عرفات وعن العلاقة بين حركة «فتح» و»حماس» وعن العلاقة مع الأردن الذي أبعد منه سنة 1999.
- هذه أول مرة تزور فيها المغرب. ما هي انطباعاتك الأولى عن البلد؟
أنا جد سعيد بوجودي بالمغرب في أول زيارة لي. لقد سمعت الكثير عن هذا البلد وعن شعبه الكريم والمتميز في تفاعله مع القضية الفلسطينية، وكأن هذه المسافة التي تفصل المغرب الموجود في أقصى الغرب عن فلسطين في قلب الوطن العربي لا تأثير لها. كان إخواني وأصدقائي كلما زاروا المغرب حدثوني عن هذا التفاعل الاستثنائي المتميز، وإن كانت الأمة العربية كلها متفاعلة. لقد كنت متشوقا دائما لزيارة المغرب، وكنت حريصا على ذلك منذ سنوات، لكن لكل أجل كتاب، والحمد لله جاءت الفرصة. وفعلا ما سمعته عن المغرب في السنوات الماضية وجدته أمامي، إذ لم يكن فيما سمعته مبالغة، بل وجدته الواقع وزيادة. لقد كنت في غاية التأثر وأنا أرى الحشد الضخم الاحتفالي في مؤتمر الإخوة في حزب العدالة والتنمية، وكنت مسرورا أيضا للروح الوفاقية. أنا جد سعيد لأنني وجدت بأن ما كنت أعيشه في خيالي أمرا واقعا، فقد وجدت الضيافة والكرم والتفاعل والأخوة والمحبة، وأنا أيضا أبادل الشعب المغربي المحبة والتقدير والإعجاب، وأتمنى أن تتكرر هذه الزيارة، وإن شاء الله سيتحقق للمغرب كل خير.
- ما هي العراقيل التي كانت تحول دون زيارتك للمغرب في السابق؟
لكل أجل كتاب، وأي شيء في أوانه جيد.لقد كنت منذ التسعينيات حريصا على زيارتي للمغرب، وقد حاولت مرارا، كما حاول بعض أصدقائي المغاربة كذلك، ولعل الوقت الآن نضج للزيارة، لذا لن نضيع وقتنا في تحليل الماضي لأننا نريد أن نبني الحاضر والمستقبل، وأنا متفائل بهذه التجربة السياسية المتميزة، وكنت بصراحة مسرورا بها، وأتمنى لها النجاح والاستقرار والمزيد من الخير.
- عرفت المنطقة مجموعة من الثورات، أو ما يسمى بالربيع العربي، وعرف المغرب مجموعة من الإصلاحات السياسية. ما هو تقييمك للتعامل المغربي مع هذه المرحلة؟
لا بد أن أذكر بمسألتين: الأولى هي أن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» لا تتدخل في شأن أي بلد عربي أو إسلامي أو غيره، لأن هذه خصوصيات نحترمها، فهذه سياسة الحركة منذ أن نشأت. والثانية هي أن كل شعب أدرى بمطالبه وتطلعاته، فنحن لا نغني عن الشعب ولا نتحدث باسمه، ولا نضع فرضيات أو توقعات نيابة عن أحد، فكل شعب يعرف جيدا بلده، لذلك ينبغي أن أؤكد على هذين الأمرين. ولكن هذا لا يعني أن الهم العربي لا يعنينا، بل بالعكس، الهم العربي همنا والفرح العربي فرحنا والحزن العربي حزننا لأننا جزء من هذه الأمة، ولأن فلسطين هي قلب الأمة وهي بحاجة إليها، فكل جزء من هذه الأمة يعنينا حتى من زاوية الرؤية الاستراتيجية في صراعنا مع العدو الصهيوني. الأمر يعنينا وإن كنا لا نتدخل فيه. لا شك أنني شخصيا وإخواني كنا مسرورين بتجربة التعامل المغربي الرسمي مع الربيع العربي، وكيف صاغ المغاربة تجربتهم الخاصة عبر خطوات جريئة قام بها جلالة الملك محمد السادس، وأدت إلى هذه الحالة السياسية الداخلية التي نراها، فأنا لست في معرض التقييم، ولكنني أتكلم عن انطباع وعن شعور بأريحية تجاه هذه التجربة، بل إنني قدمتها كمثال خلال حديثي مع بعض المسؤولين العرب في المنطقة، وقلت لهم إن النموذج المغربي يستحق أن يدرس وأن يقرأ وينسج على منواله. طبعا لكل بلد خصوصيته، فالحالات العربية ليست نسخا فلكل بلد ظروفه ومتطلباته وما يناسبه وما لا يناسبه. لكن مثل هذا النموذج من حيث سرعة الاستجابة لحدث داخلي في ظل حدث عربي كبير، كان عين الحكمة التي أدت إلى خطوة سياسية كبيرة. وقد كنت أتمنى من زعماء كثيرين بالمنطقة، توفيرا للدماء وللأزمات وللصراعات الداخلية، أن يقوموا بخطوات مشابهة وليست مطابقة، بل تناسب حالتهم. ولا شك أن تجربتكم المغربية تجربة متميزة، وأنا لا أحكم عليها، ولكن انطلاقا من انطباع لدي، فالشعب هو الذي يحكم عليها، ونحن نتمنى الخير لأمتنا، وأن يحقق الجميع كل ما يتطلع إليه من خير، وأن يتم ذلك بتفاهم وتوافق وبعيدا عن الدماء والصراع.
- وما هو انطباعك حول رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي يعتبر أول رئيس حكومة إسلامي؟
أنا أعرف الأستاذ عبد الإله بنكيران منذ سنوات، وسبق لنا أن التقينا، وهذه أول مرة ألتقيه بعدما أصبح رئيسا للوزراء. هذا الرجل أقدره وأحبه، وأعجبني خطابه في المؤتمر، لأن منهجه المتمثل في الوسطية والاعتدال أتبناه، إلى جانب الحرص على استيعاب الآخرين والوصول إلى التوافق داخل الوطن وإيجاد معادلة سياسية تستوعب كل مكونات المجتمع الوطني وكل القوى الوطنية بشتى طيفها السياسي والفكري، لكي تشارك في بناء الوطن. لقد وجدت أخي رئيس الوزراء يتمتع بروح طيبة ورؤية صحيحة وحرص واضح ولغة جامعة، وهذا ما نريده، فهو واع بمتطلبات الحالة الوطنية الداخلية، وقد ارتحت لخطابه ولغته. هذه أمور عززت محبتي وثقتي به، وأظن أنه قادر مع فريقه في الحكومة ومع شركائه في القوى الأخرى على النجاح لصالح المغرب وشعبه واستقراره ونهضته وتنميته ودوره ضمن المنظومة العربية والإسلامية وعلى المستوى الإقليمي والدولي.
- بعد التحقيق الذي بثته «الجزيرة» حول وفاة ياسر عرفات، وأنه تم اغتياله. ما رأيك في هذا الملف؟
عندما تدهورت الحالة الصحية للأخ أبو عمار، كان ذلك في شهر رمضان. كنت وقتها أؤدي العمرة في مكة المكرمة، وظللت أتابع حالته وهو في مستشفى بيرسي بباريس عن طريق أربعة من اللصيقين به. تابعت ذلك لحظة بلحظة إلى أن جاء خبر وفاته «استشهاده». وعندما أعلن عن ذلك كنت متقينا بأنه استشهد وبأنه قتل. وفي فجر ذلك اليوم عندما اتصلت بي «الجزيرة» كنت أول شخص يتهم إسرائيل بدم ياسر عرفات رحمه الله، وكنت مدركا بأن رحيل أبي عمار لم يكن طبيعيا، لأنني تتبعت حالته الصعبة وهو في مستشفى بيرسي، وحتى قبل أن يغادر رام الله، وبالتالي كان واضحا لدي أن الرجل تعرض لشيء ما أدى به إلى هذه الوفاة الغامضة، وبالتالي حملت العدو الصهيوني مسؤولية قتل ياسر عرفات، وهو إن شاء الله، تبعا لهذا، نعتبره شهيدا. ويبقى عرفات، وإن اختلفنا معه سنوات طويلة، رمزا فلسطينيا كبيرا، أدى دورا استثنائيا في القضية الفلسطينية، ونحن ندافع عن أي قائد ورمز فلسطيني، بل عن أي إنسان فلسطيني لأننا صف واحد في وجه عدونا المحتل، وإن اختلفنا في المسارات والاجتهادات. ووفاء لهذا الرجل أصررت على الإخوة في مصر أن نأتي للقاهرة لنشارك في جنازته، وفعلا أتيت رفقة وفد من الحركة لأجل ذلك، وعندما التقيت بعدد من القيادات في السلطة وفي حركة «فتح» قلت لهم لابد أن تلاحقوا قتلة ياسر عرفات، وأن تحققوا في الظروف الغامضة التي رحل فيها. لكن للأسف لم أجد ما طالبته به، فعرفات قتل بصورة ما، وسجل العدو الصهيوني حافل بالطرق الغامضة والبشعة وكل أشكال القتل من تسميم وتفجير وقصف من الجو واستعمال المسدسات كاتمة الصوت وباقي الأسلحة، فإسرائيل عاشت على القتل والإرهاب لأنها الكيان الإرهابي الأول في العالم.
لقد طلبت من أحد المعنيين بملف ياسر عرفات، بعد أن صدر التقرير الطبي لمستشفى بيرسي، أن يعلن ذلك للرأي العام، وإذا كانت فيه أشياء غامضة يعرفها الناس، وعندما نشرت «الجزيرة» ملفها الوثائقي طلبت مني مداخلة، ووجدت أن الأضواء سلطت على هذا الملف. لذلك أطالب من جديد السلطة والإخوة في حركة «فتح»، ونحن معهم جميعا، بمتابعة التحقيق في الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في ظل وجود شواهد على عملية القتل واستخدام الفوليوم، كي لا تعفى إسرائيل من هذه الجريمة، حتى وإن بدت هناك مساحات مجهولة، لكن مسؤوليتنا أن نبذل جهدا كما فعلت «الجزيرة»، التي بذلت جهدا وأتت بنتائج مهمة. فماذا لو تظافرت الجهود؟ أعتقد أننا قادرون على استكمال كل زوايا الملف حتى تحاسب إسرائيل على هذه الجريمة.
- هل ترى بأن السلطة الفلسطينية تهاونت في هذا الملف؟
أنا لا أريد أن أصدر أحكاما الآن، ولكن أطالب وأرجو أن يتحقق ما نريده.
- كيف هي علاقتك حاليا بحركة «فتح»؟
نحن نعاني من انقسام في الساحة الفلسطينية، وهو انقسام مؤسف ومزعج على كل المستويات. ومنذ سنوات ونحن نحاول الخروج من حالة الانقسام إلى مصالحة فلسطينية حقيقية وترتيب بيتنا الفلسطيني. لقد قطعنا شوطا جيدا، نجحنا في بعض الأمور وفشلنا في أمور أخرى. ولا شك أن حالتنا الفلسطينية معقدة لأنها مركبة من مؤثرات وتدخلات خارجية سلبية تعيق مسار المصالحة وتشكل ضغوطات وتهديدات أحيانا. وهناك أخطاء داخلية متنوعة هنا وهناك، لكن في تقديري ما زالت هناك معيقات، وحتى هذه اللحظة هناك ثغرات، إذ لم تتوفر البيئة الداخلية التي تساعد على نجاح المصالحة. أنا لا أريد نَكْء الجراح ولا الحديث عن مسؤولية أي طرف، ولكنني أكتفي بالقول إننا حريصون على المصالحة ولا بد أن ننجحها، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته.
- أي اتفاق ومصالحة يقتضيان تنازلات. هل حركة «حماس» متشبثة بمواقفها؟
بالعكس، حركة «حماس» قدمت تنازلات، وأي تنازل يهم الوضع الداخلي هو تنازل محمود لأنك تتنازل لأخيك ولشريكك في الوطن، و«حماس» قدمت مرونة، بل تنازلات عدة في محطات المصالحة.لقد كانت لنا في البداية مطالب، ثم عدلت هذه المطالب وجرت عليها تغييرات، وعلى رأسها تنازلنا وموافقتنا على رئاسة الأخ عباس أبي مازن للسلطة، مع أن اتفاق المصالحة في القاهرة كان ينص على أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة، ومع ذلك قبلنا أن يكون رئيس حركة «فتح» هو نفسه رئيسا للسلطة الفلسطينية، وهذا تنازل كبير من حركة «حماس»، وكان الدافع وراء هذه الموافقة هو تسهيل الأمر حتى نقطع المسافة نحو إنجاز المصالحة. إذ دائما في ترتيب الشأن الداخلي لا بد من مرونة ومن تنازلات من جميع الأطراف كي نقترب من نقطة الالتقاء، وهذا شيء مفروض، وإن شاء الله سنمضي في هذا الطريق. لكن الحالة، كما ذكرت سابقا، مركبة لأنها مزيج من إعاقات داخلية وأخرى خارجية، وإن شاء الله سنتغلب على ذلك، ولا شك أن للعدو الصهيوني دور كبير في توتير الأوضاع الفلسطينية وعرقلة أي خطوة نحو المصالحة.
- من بين النقاط الخلافية مع حركة «فتح» هناك المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. هل ما زلت ترى أنه لا جدوى من هذه المفاوضات؟
في ظل التعنت الإسرائيلي الواضح والسلوك الاستفزازي والإذلالي وما يفعله العدو على الأرض من استيطان وتهويد ومصادرة للأراضي واعتقالات وقتل في حق أبناء شعبنا، سواء في الضفة والقطاع، ورفض العدو للمطالب الفلسطينية، يكون استمرار المفاوضات في ظل هذا الوضع بلا أفق ولا جدوى، إذ تبدو كنوع من الركض وراء سراب، وسيكون ذلك على حسابنا وتمكين إسرائيل من تحسين صورتها أمام العالم واستثمار ذلك في علاقاتها العامة. ولا شك أن ذلك لا يخدم المصالحة ولا يوفر الأجواء المناسبة، خاصة أن التنسيق الأمني كان مواكبا لعملية المفاوضات، وهو موضوع خلافي جدا، خصوصا أن التنسيق الأمني ترفضه مختلف القوى الفلسطينية. ولا شك أن هذا يسمم أجواء المصالحة، لكن عندما قام الإخوة في السلطة الفلسطينية ببعض المراجعة لهذا الموقف، وأوقفوا المفاوضات ووضعوا لها شروطا، ساهم ذلك في توفير أجواء أفضل، وإن كان ذلك ليس كافيا. وأنا أرى بأن 20 عاما من المصالحة منذ مدريد 91 وتجربة أوسلو حوالي 19 سنة، أكثر من كافية للحكم على فشل هذه التجربة، وعلينا أن نبحث كفلسطينيين وعرب عن استراتيجية بديلة يمكن أن نتوافق عليها وعلى إطارها وتفاصيلها، وأعتقد أن لدينا هامشا في الاستطاعة أكثر مما يتوهم البعض بأننا لا نملك شيئا، فبين المفاوضات المفتوحة وبين الحرب خيارات عديدة، وإن كانت موازين القوى ليست في صالحنا، ولكن كل الشعوب التي تعرف الاحتلال لها خياراتها، مثل المقاومة بكل أشكالها، واستعمال أوراق الضغط وملاحقة العدو في كل المحافل الدولية واستجماع كل أوراق القوة الفلسطينية والعربية وحسن المناورة، وهكذا فالصراع له فنه وله أساليبه ومراحله، والشعوب لديها إبداعاتها، والمهم أن تكون القيادة مع شعبها وتتقدمه وتنهض به، وهذه هي مسؤوليتنا كقيادات في الساحة.
- وما هو الخيار الذي تراه مناسبا؟
تبقى المقاومة الخيار الاستراتيجي لأي شعب يتعرض للاحتلال، وعلى رأسها المقاومة المسلحة، فالمقاومة هامشها واسع، منها المقاومة الشعبية، فقد كانت الانتفاضتان الأولى والثانية، وأيضا ذكرى الأرض خلال سنة 1976، فشعبنا لديه إبداعاته، وكل الخيارات مفتوحة في ظل الربيع العربي، وقد نجحنا في ملاحقة قيادات العدو قانونيا وقضائيا في المحافل الدولية من خلال جهد الجاليات الفلسطينية والعربية والمسلمة، والتنسيق مع العرب لاستعمال كل أوراق الضغط، وهكذا. فعندما نتوحد فلسطينيا وننسق مع الأمة العربية وندرس خياراتنا ونأخذ الدروس والعبر مما مضى والأخذ بالمتغيرات، خصوصا مع الربيع العربي الذي يعطينا خيارات أوسع، إلى جانب زيادة الغضب العالمي على إسرائيل، خاصة على مستوى النخب وتراجع صورتها بسبب جرائمها في غزة وجنوب لبنان...، كل هذه المعطيات يجب أن توظف.
إن خياراتنا أوسع بكثير مما نتوقع على خلاف ما يحاول البعض بأن يحشرنا في زوايا ضيقة، فالشعوب لم تتوقف أبدا عند حالة العجز، فالشعوب التي تعرضت للاحتلال دائما كانت تناور وتقدم مفاجآت، فالشعوب التي تعرضت للاحتلال لم يكن توازن القوى بالنسبة إليها هو المدخل للانتصار على القوة المحتلة، فالشعوب كانت القوة العسكرية الأضعف، لكنها تكون قوية في الإرادة وعدالة القضية وطول النفس والاستعداد لبذل تضحيات، فتكون هي المنتصرة في النهاية.
- على ذكر المتغيرات، هل تعول على صعود تيار الإسلاميين في عدد من البلدان العربية؟
نحن سعداء بالربيع العربي بشكل عام، سواء جاء بالإسلاميين أو بغيرهم، فالمهم أن يعكس إرادة الشعوب، وهي التي تترجم في الديمقراطية وفي صناديق الاقتراع. ولا شك أن الإخوان الإسلاميين قوة وطنية مخلصة وصادقة وتعرضت للكثير من الظلم في العقود الماضية وقدمت الكثير من التضحيات، فهم جزء أصيل من شعوب هذه الأمة، ولا شك أن نجاحهم يشكل أملا بالنسبة إلينا، لكننا لا نحصر الأمل فيهم وحدهم، بل بالعكس نحن نريد الإسلاميين إلى جانب القوى الأخرى المختلفة القومية والليبرالية، ونريد الجميع أن يشتركوا ماداموا أبناء وطن. نحن أسعد الناس بهذا الربيع الذي يجدد روح الأمة ويعطيها قوة ونهضة لأن هذا سيكون صالحا لشعوب الأمة ولصالح قضية فلسطين، ولذلك يرى الجميع بأن إسرائيل قلقة من نتائج الربيع العربي، الذي ليس فقط ديمقراطية وعدالة اجتماعية محاربة فساد واستبداد، ولكنه أيضا عزة وكرامة وإعادة الاعتبار للأمة ونهضة واستقلالية في القرار الأمني والسياسي والاقتصادي وتعامل مع القضايا الإقليمية والدولية بروح جديدة وبقدر كبير من الندية والمصالح المشتركة. وهذا سيجعل الأمة، تتعامل، بالتالي، مع ملفاتها- سواء فيما يتعلق بأمن كل وطن واستقلالية وحراسة حدوده أو مسألة الأمن القومي العربي بشكل أساسي على قضية فلسطين وعلى الصراع العربي الإسرائيلي- أقدر على التعامل مع هذه القضايا بشكل أفضل وفعالية، وسيجعل قواعد اللعبة تتغير بعيدا عن حالة الضعف المزري الذي كانت تعاني منه الأمة.
لقد كانت القوة الإقليمية تتنافس على بلادنا وتتصارع حولها وتلعب في ملعبنا ونحن نتفرج، مع أن هذه أرضنا وثرواتنا، واليوم لا نسمح لأحد بأن يتصارع حولنا، فنحن لاعب أساسي، ولنا قوة لها قرارها، ويجب أن يحسب لها ألف حساب، فنحن لا نعادي أحدا إلا من يعادينا ولن نعلن الحرب على أحد إلا إذا حاربنا وغزانا.
- مجموعة من الصحف العبرية ذكرت بأن «حماس» منتشية بفوز محمد مرسي رئيسا لمصر. هل هذا الفوز أكسب «حماس» قوة، أم أن الحركة قوية بدون هذا المعطى؟
«حماس» قوية بنفسها وشعبها وبعدالة قضيتها وبتاريخها والتفاف شعبها حولها، ولكن «حماس» أيضا قوية بأمتها، التي لا تستغني عنها. نحن محتاجون إليها، فكيف إذا تعلق الأمر بمصر، التي لها مكانتها الكبرى على رأس الأمة العربية وأهميتها بالنسبة للقضية الفلسطينية؟ لا شك أننا سعداء بنهضة مصر وبوجود الرئيس الدكتور محمد مرسي، ونتطلع إلى مصر جديدة لما فيه صالح الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية، وبشكل خاص لما فيه صالح قضية فلسطين.
- تعرضت إلى الإبعاد عن الأردن خلال مرحلة التسعينيات. هل هناك حاليا بوادر لفتح مكتب للحركة بهذا البلد؟
حصل تطور إيجابي في السنوات الأخيرة مع الإخوة في الأردن، ونحن مسرورون بذلك، ونحن منذ أن أبعدنا سعينا وما زلنا إلى استعادة العلاقة مع الأردن لأن هذه سياستنا، فنحن حريصون على علاقتنا مع كل الأمة، ولكن للأردن خصوصية بحكم تاريخ العلاقات الأردنية الفلسطينية وبحكم الجوار، ونحن لا نحمل أحقادا على أحد فلدينا مرونة ولياقة لطي صفحات الماضي بما لها وعليها، وقد نشأ عن ذلك تطور، إذ زرت الأردن مرتين في إطار الزيارات السياسية دون الزيارات الإنسانية، والحمد لله سنبني أسس علاقة نرجو أن تكون جديدة ومتواصلة.
-هل هناك آفاق في هذا الإطار؟
نحن نحرص أن تكون علاقتنا جيدة مع الدول، وأن لا تكون هناك قطيعة، وأن نتواصل مع القيادة السياسية، وأن ننسق معهم ونتعاون معهم، سيما في موضوع فلسطين، خاصة أن ل«حماس» مجموعة من الأسس، يحترمها الجميع، ومنها عدم التدخل في الشأن الداخلي، وعدم المس بأمن أي بلد، واحترام خصوصيته، والالتزام بما يتفق عليه، و علاقة أي بلد ب«حماس» هي لمصلحة الطرفين ولمصلحة قضية فلطسين وليست عبئا على أحد، وحتى إن كانت هناك تدخلات خارجية تنفر من العلاقة مع «حماس»، فالعقلاء بالعكس هم الذين يصنعون العلاقة مع «حماس» ولو في ظل مؤثرات خارجية، خاصة أن العلاقة مع «حماس» ليست علاقة مع قوة معارضة تقليدية، لأن الحركة ليست قوة معارضة، بل لها صورتان: صورة مقاومة ضد الاحتلال وليست معارضة ضد نظام، وهذه المقاومة مشروعة، وقضية فلسطين تعني كل العرب والمسلمين ولها بعد إنساني. والصورة الثانية هي أن «حماس» جزء من الشرعية الفلسطينية، إذ فازت في انتخابات نزيهة سنة 2006، وحصلت على أغلبية، وشكلت حكومتين، الحكومة الأولى والحكومة الثانية، بعد اتفاق مكة، وما زالت لها هذه الشرعية، فالعلاقة مع «حماس» أمر طبيعي، حركة تقاوم العدو الغاصب لها وللأمة، وبالتالي فإن من مصلحة أي دولة أن تتعامل مع حركة «حماس» لأن لها وزنها وتأثيرها ومكانتها في الساحة الفلسطينية وفي المنطقة، وأيضا حركة «فتح» جزء من الشرعية.
- تعرف سوريا أوضاعا دموية ومأساوية. ما رأيك فيما يحدث؟
لا أدخل في تفاصيل هذا الموضوع، سيرا على القاعدة التي ذكرت سلفا. نحن لا نتدخل في شؤون وأوضاع الدول العربية الداخلية، وما يجري يعنينا، نعم تعنينا الدماء والمعاناة وهذا الوضع غير المستقر في سوريا وفي أي بلد عربي آخر، وأكتفي بالمبدأ الذي قلته، وأتمنى أن يتوقف نزيف دم الشعب السوري، وأن يتحقق له العديد مما يتطلع إليه من حقوق ومطالب، وأن تخرج سوريا من محنتها بعيدا عن الدماء وعن هذا النزيف المتواصل، فسوريا عزيزة علينا وعلى كل عربي مسلم.



الثورات خلطت أوراق الغرب في التعامل معنا
- بعيدا عن الدول العربية، هل يمكن أن تكون الدول الغربية إلى جانب فلسطين وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؟
للأسف الغرب، وأنا هنا لا أعمم، وقف مع الصف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وضد مصالح الأمة، سواء كان الدافع إلى ذلك هو القناعة بما تفعله إسرائيل والالتقاء مع مشروعها الاحتلالي، أو النظر إليها كأداة يستخدمونها للمنطقة لتقسميها واستنزافها لصالح مشروع الهيمنة الأمريكية والغربية، وكانت النتيجة النفاق مع إسرائيل عبر الانحياز إلى جانبها والسكوت عن جرائمها. ولا شك أن هذا ما عرفته المرحلة السابقة، إلا استثناءات بسيطة، لكن الحالة العامة هو التواطؤ والتغطية على جرائم إسرائيل، كما يحولون دون معاقبتها في أي محفل دولي. وهذا الأمر يؤلمنا ويزعجنا بلا شك. ولا أظن أن هناك ملامح تغيير في مواقف الغرب ليس لصالحنا، بل لصالح الموقف المتوازن. هناك غضب يتنامى ضد إسرائيل، ولكن لم يصل بعد إلى حالة التحول الموضوعي في الموقف، ولكن التغيير في مصر وفي دول عربية أخرى عرفت الربيع العربي أجبر الغرب وأمريكا على التعايش معه على قاعدة التعامل مع الأمر الواقع.إذ لم يكن بوسعها مقاومته والحيلولة دون حصوله. وأعتقد أن هذا سيفرض على القوى الدولية، على المدى البعيد، أن تتعامل مع المنطقة بمنظار مختلف، وأن تنظر إلى ما يجري في المنطقة، بما فيها الصراع العربي الإسرائيلي، من زوايا مختلفة، وهذا ما كنت أقوله في السابق. ليس الاستجداء هو الذي يدفع أمريكا والغرب إلى التغيير، ولكن عندما نغير واقعنا نفرض عليهم أن يتغيروا لأن العالم اليوم لا يحترم إلا الأقوياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.