سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يونس يسافر إلى باكستان رفقة إخوته بعد تأثره بجماعة الدعوة والتبليغ تتلمذ على يد مفتي سوريا وسافر إلى بيشاور بعد سنة من انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان
مأساة «بطلاها» شقيقان من مدينة آسفي، بدأت في أفغانستان واستمرت في باكستان، قبل أن تتواصل في سجن «غوانتانامو»، الرهيب.. سطع «نجم» يونس الشقوري وشقيقه رضوان في سجن «غوانتانامو»، إلى جانب سعيد بوجعدية، عبد الله تبارك، محمد بنموجان، ناصر عبد اللطيف ومراسل الجزيرة، السوداني سامي الحاج... يونس ورضوان الشقوري شقيقان ترعرعا في مدينة السردين والخزف، لكن دوافع الرزق الوفير والعمل في مجال الخير جعلاهما يفترقان على دموع الوداع على أمل اللقاء في القريب. لكن الأقدار سترمي بالأخوين اللذين افترقا وودعا بعضهما وسط حرب استعملت فيها أحدث القذائف والمروحيات، في العاصمة الأفغانية كابول، قبل أن يجتمعا في سجن «غوانتانامو»، بعد أن فرّقت بينهما الطائرات، التي كانت تلقي بالقذائف والصواريخ فوق رأسيهما. «المساء» تكشف المعطيات الدقيقة ل«فيلم رعب» عاشه الشقيقان على أيدي الأفغان والباكستان والأمريكان، ووثائق تُنشَر لأول مرة حول الشقيقين يونس ورضوان ومسارهما نحو سجن «غوانتانامو» الرهيب.. حلُمَ يونس بالدراسة في إحدى دول أوربا والاستقرار هناك إن تأتى له ذلك، لكن محاولاته جمع المال، وإيجاد سبيل لذلك باءت بالفشل. فقد كان يتصل بعدد من أصدقائه داخل المغرب وخارجه من أجل معرفة السبيل للهجرة إلى أوربا من أجل إتمام دراسته، وتحقيق حلم العمر، لكن لم يستطع إلى ذلك سبيلا. وفي تلك الفترة التي بدأ فيها يونس يقوم بالتجارة في أفق أن يتأتى له «الرحيل»، تعرف على أفراد ينتمون إلى جماعة الدعوة والتبليغ، ذات الأصول الباكستانية، بمدينة آسفي، وهي الجماعة المعروفة ببساطتها في الدعوة إلى الله، ونبذها للعنف، وبعدها عن الشأن السياسي، وهو الأمر الذي يقره يونس، أثناء محاكمته بالولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث قال يونس لرئيس المحكمة «علاقتي بهذه الجماعة، وأعني جماعة الدعوة والتبليغ بدأت حين التقيت ببعض أتباعها في المغرب سنة 1985...»، قبل أن يؤكد في محاولة منه لرمي «تهمة» الارتباط بأي تنظيم إسلامي، أنه لم تعد تربطه أي علاقة بأي تنظيم إسلامي. نجم يسطع في مجال الدين في تلك الفترة، التي تسبق هجرته خارج المغرب، كان يونس الشقوري يجالس أفرادا من جماعة الدعوة والتبليغ بالحي، الذي كان يقطن فيه، بالمنطقة الجنوبية لمدينة آسفي. تلقى يونس طريقة الدعوة إلى الله، وبساطة «أهل التبليغ»، ولسانهم الفصيح، وهو الذي قام بدراسة العلوم الإسلامية لمدة سنتين بجامعة أبي شعيب الدكالي، هذا الأمر جعله يظفر ب «الحُسنيّن»، حسن الفصاحة، والبلاغ، والزاد المهم في مجال الشريعة والدراسات الإسلامية، وبعض علوم الدين. خلال فترة مجالسته لبعض أفراد جماعة الدعوة والتبليغ بالمدينة الساحلية سيعرف الكثير عن بلاد باكستان ورموزها ومشايخها الدينية، ومكانتها العلمية، حتى أصبح تفكيره منصبا على الذهاب إلى هذا البلد من أجل أن يتسلق مدارج العلم، والاجتهاد الفقهي، والعمل الدعوي والخيري الإنساني. مجالسة يونس لجماعة الدعوة والتبليغ وشربه من ينبوع فقههم وبساطة لغته، وطريقة وعظهم سيجعل يونس يبرز بشكل كبير بين أصدقائه في كل من سوريا وتركيا وأفغانستانوباكستان، وسيسطع نجمه، في مجال الخطابة والوعظ والتفقه في الدين. بعد أشهر قليلة من لقائه ومجالسته لأعضاء جماعة الدعوة والتبليغ، وبعدما لم يحصل على شهادة الإجازة، نظرا لصعوبة ظروف العيش بمدينة الجديدة، ومحدودية الإمكانيات المادية، قرر يونس الشقوري، الذي كان قوي البنية، حينذاك، السفر إلى باكستان، وتحديدا سنة 1990، أي بعد سنة من انسحاب القوات الروسية (الاتحاد السوفياتي آنذاك) من الأراضي الأفغانية، صحبة أخيه البكر وأخته وزوجها. بالدموع والنحيب ودع يونس وشقيقته وأخوه البكر باقي أفراد الأسرة، خصوصا الوالد والوالدة اللذين، لم يصبرا على هجرة فلذات الكبد إلى دولة غير التي تربوا فيها وشربوا من معينها، يحكي أحد أقرباء يونس كيف أن البيت عرف مناسبة عزاء عندما كان الإخوة يستعدون للرحيل وتوديع الوالدين. غادر يونس رفقة أفراد أسرته مدينة آسفي صوب المدينةالباكستانية بيشاور، التي تقع على الحدود الباكستانية مع أفغانستان، فلم يعد يفصل يونس على دخول التراب الأفغاني سوى كيلومترات معدودة. الهجرة إلى الله ورسوله أسباب مغادرة يونس صوب العاصمة الباكستانية بيشاور هي الدراسة أو كما يسميها ابن مدينة السردين ب «الهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم». استقر وأفراد أسرته الأربعة في العاصمة بيشاور، حيث عمل في بداية الأمر ضمن مؤسسة إنسانية خيرية سعودية تدعم الأفغان ضد السوفيات، حيث كان يؤدي دروسا في العلوم الدينية، ويقوم بأعمال خيرية، وكذا بعض الأشغال اليدوية... وقد كان يونس وهو على الحدود الباكستانية يتطلع إلى الرحيل صوب أفغانستان، حيث كان كلما حل غروب الشمس يقف في مكان عال جدا ويصوب عينيه في اتجاه المنطقة الموجودة على التراب الأفغاني، وكأنه يرجو لقاء إخوانه وأحبائه في أفغانستان. تلقى ابن مدينة أسفي العلوم الدينية، على أيدي مشايخ حجوا إلى البلد في تلك الفترة، التي برزت بشكل كبير بمجرد أن انتصرت طالبان على القوات السوفياتية، وبدأت أسهم البلدين تتصاعد في «بورصة» التوازنات الدولية، خصوصا بعد وقوف الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب القوات الأفغانية لدحر أول قوة عالمية آنذاك، وهي الاتحاد السوفياتي. بعد أزيد من ست سنوات من استقراره بباكستان، قام أحد العاملين بمؤسسة خيرية هناك بتسهيل مأمورية انتقال يونس سنة 1997 إلى اليمن، حيث قضى هناك أشهرا معدودة تنقل خلالها بين بعض المدارس الدينية، والجامعات التي كانت تدرس وفق المناهج التعليمية الإسلامية، وتعرف على عدد من المشايخ، والأساتذة، واقتنى من هناك عددا من الكتب والوثائق، قبل أن يقرر السفر صوب الديار السورية، حيث وصل إلى هناك، وقد كان في انتظاره أحد المدرسين للعلوم الشرعية. بعد وصوله إلى سوريا زار يونس مقرا علميا للشيخ أحمد بن الشيخ محمد أمين كفتارو، أحد الوجوه العلمية البارزة في سوريا، وقد استقر يونس لبضعة أشهر داخل مجمع أبي النور الإسلامي، الكبير بطوابقه الثمانية، والذي تحول اسمه إلى مجمع الشيخ أحمد كفتارو» أحمد كفتارو، حيث يضم مسجداً وعدة معاهد وكليات جامعية شرعية ومؤسسات تعليمية وخيرية، هناك درس علوم الشريعة والتزكية والتربية والدعوة والإرشاد. على يدي الشيخ أحمد كفتارو تلقى يونس زاد مهما من العلم الشرعي الوسطي، الذي تنبعث منه نفحات صوفية، وقد شرب من معين العالم المفتي السابق، للجمهورية العربية السورية. داخل المجمع قدمت للمغربي جل الخدمات من أكل وشرب وكتب ودروس حتى اشتد عوده في العلم، وقد جمع عددا من الكتب والوثائق والمجلدات من زملائه في طلب العلم، والسفر إلى الله ورسوله، قبل أن يقرر العودة إلى نقطة الانطلاق.