فتح فوز باراك أوباما المجال أمام المهاجرين المغاربة لممارسة رياضة الحلم، فدخول رجل أسود إلى البيت الأبيض كان يبدو مستحيلا في وقت من الأوقات، مثلما أن نيكولا ساركوزي، الذي توج ملكا على عرش جمهوري، مجرد ابن مهاجر طرده الفقر إلى فرنسا، قبل أن يصبح بعد سنوات سيد الإليزيه، لكن شبه الجزيرة الإيبيرية تبدو خارج كل ذلك، فالمهاجرون مازالوا يمارسون وظائف تصرف فيها فقط أفعال مثل كنس ومسح وجنى وأحيانا أخرى أفعال من قبيل جاع وسرق وهرب، أي تلك الوظائف التي نفر منها الإسبان الجدد بعدما شغلها آباؤهم لعدة عقود، البرلمان الإسباني بعد ثلاثة عقود من الديمقراطية ما زالت دماؤه نقية في زمن الاختلاط، اللهم من بعض الإسبان الذين يستنتج المرء من أسمائهم أنهم أحفاد عرب مروا ورحلوا. تحتفظ الأحزاب السياسية الإسبانية الكبرى أيضا بنقاء النسب، فلا يكاد يكون هناك وجود لمهاجرين مغاربة إلى حد الساعة منخرطين في العمل السياسي داخل الأحزاب السياسية، يمكنهم أن يورثوا حماس ممارسة السياسة داخل شبه الجزيرة الإيبيرية لأبنائهم حتى يروا ذات يوم شخصا بملامح مغربية يخطف قلوب الإسبان ويدفعونه إلى دخول المونكلوا، قصر الحكومة، بطريقة ديمقراطية. يبدو يوما بعيدا جدا ذاك الذي سيفوز فيه إسباني ينحدر من أصول مغربية في الانتخابات التشريعية الإسبانية، بل حتى أبعد بكثير من المسافة الزمنية التي فصلت بين ذلك اليوم الذي رفضت فيه سيدة سوداء أن تترك مقعدها في الحافلة لأمريكي أبيض واليوم الذي وقف فيه أوباما ليعلن للعالم بأسره فوزه بأرفع منصب في العالم، فإسبانيا تجر خلفها ثلاثة عقود فقط من الديمقراطية، كما أن المغاربة ما زالوا مجرد «موروس» يحتلون اليوم أسفل الدرك في نظر الإسبان، لذلك يضعونهم إلى جانب الغجر في استطلاعات الرأي، لأنهم يأتون بالعشرات ليموتوا على الشواطئ الأندلسية منذ عشرين عاما، وآخرون يشتغلون في حقول الزيتون والطماطم تحت قيظ لا يطاق، مقابل بضع أوراق نقدية في اليوم أو خلايا يتم تفكيكها وتلصق بها تهمة الإرهاب، أما «النخبة» المغربية المتناثرة في مدن مثل مدريد أو برشلونة، فهي تائهة وسط ركام من المصالح المتناقضة. كان الملك الراحل الحسن الثاني يرفض دائما أن تمنح الجنسية للمغاربة المقيمين فوق تراب الجمهورية الخامسة، حتى لا يتحولوا إلى «رعايا فوق العادة» يحق لهم انتقاده والجري للاختباء خلف أسوار قصر الإليزيه، ونفس الهواجس تخفيها الحكومة الإسبانية من «جيرانها المقلقين» الذين تمنحهم الجنسية بعد عشر سنوات متواصلة من الإقامة فوق تراب مملكة قشتالة. ويبدو محزنا أن يكون المغربي الوحيد الذي استطاع أن يرتقي أعلى السلالم في إسبانيا هو الماريشال أمزيان الذي ساهم في إرساء ديكتاتورية دامت أربعة عقود في الجارة الشمالية، لكن المهاجرين المغاربة، رغم ذلك، مازالوا قابضين على الجمر ينتظرون اليوم الذي يرون فيه «أوباما» الإسباني ذي الملامح المغربية يتجول مبتسما في حدائق المونكلوا.