استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا            تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    الشيلي ترغب في تعزيز علاقاتها مع المغرب في ميدان البحث العلمي    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمين الإسباني يتوعد المهاجرين بمدونة للإدماج قرصنها لساركوزي
نشر في المساء يوم 10 - 02 - 2008

كل شيء يتغير في محيط المغرب الخارجي خلال هذه الشهور، فالانتخابات الفرنسية حملت رئيسا بنغمة جديدة اسمه نيكولا ساركوزي، يحاول بكل جهده أن يتوج ملكا فوق عرش جمهوري، مثلما أن الانتخابات الأمريكية ستضع حدا لفترة تاريخية كان عنوانها الكبير هو جورج بوش، لكن الانتخابات الإسبانية بدورها يمكن أن تحمل معطيات جديدة مؤثرة في السياسة الخارجية للمغرب الذي سيجد نفسه مضطرا للتعامل معها، خصوصا أنه الآن يمر بفترة حوصلة لتجربته مع الاشتراكيين التي يمكن أن نقول إنها مرحلة انتهت يوم 6 نونبر الماضي، أي نفس اليوم الذي خرج فيه المغاربة للتظاهر على الحدود مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
بعد شهر تماما سيتوجه الإسبان إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى من أجل اختيار رئيس حكومتهم الذي سيقطن قصر المونكلوا لمدة أربع سنوات، والحاصل أن بعض الأوساط باتت تشكك في إمكانية بقاء الاشتراكين في السلطة لولاية أخرى، بحكم السخط الذي بات يبديه الإسبان بشأن ارتفاع معدلات البطالة في الآونة الأخيرة، والزيادة في أسعار عدة مواد أساسية بشكل مضطرد، ناهيك عن الأثمان الخيالية للعقار، بمعنى أن جزءا مهما من الإسبان باتوا ساخطين على وضع يعيشونه، ويعتبرون أن حكومتهم التي صوتوا عليها، بعدما تفجرت قطارات الضواحي، هي المسؤولة عن تحسن مستوى عيشهم، مادام أنهم يدفعون الضرائب، لكن بالمقابل لا يبدو الجميع متأكدا من مغادرة الاشتراكيين للسلطة، فالدرس الذي تعلمه قاطنو شبه الجزيرة الإيبيرية، خلال انتخابات 14 مارس 2004، مازال عالقا في أذهانهم، إذ كانت جميع المؤشرات تؤكد بقاء اليمين بقيادة خوسي ماريا أثنار، بحكم أنه استطاع أن يحقق نتائج اقتصادية جيدة ويرفع من مستوى معيشة الإسبان طيلة ثماني سنوات من وجوده في الحكم، فأثنار غادر لأنه دفع ثمن سياسته الخارجية بسبب وقوفه إلى جانب جورج بوش في الحرب على العراق، وعدم إصغائه إلى نبض الشارع، مما جر عليه سخط أسامة بن لادن. أما على المستوى الداخلي، فلم يكن يشك أحد أن حكومته حققت الشيء الكثير للإسبان، ونتذكر جميعا كيف أن استطلاعات الرأي، وبدون استثناء تقريبا، كانت توضح بجلاء انتصارا مضمونا لليمين، الشيء الذي جعل أثنار يقول، في حوار أجرته معه صحيفة لوموند الفرنسية أياما قبل الانتخابات، إنه سيخرج إلى التقاعد السياسي المبكر وهو مرتاح البال، بل إنه حتى رفض أن يحلق شاربه رغم نصيحة البعض له بأن هذا الأمر سيرفع عدد الأصوات.
لكن تفجيرات مدريد غيرت الخارطة وأعادت الاشتراكين إلى قصر المونكلوا بعد غيبة، لذلك فاستطلاعات الرأي لم تعد لها مصداقية كبيرة في الحسم في النتائج الانتخابية، فلم تعد تتجاوز كونها استمزاجا لآراء الناخبين غير الحاسمين تماما هذه المرة.
الاعتراف بالخطأ
الجميل في السياسيين الأوروبيين أنهم يعترفون بأخطائهم، وفعلا اعترف خوسي لويس ثباتيرو بأنه ارتكب عدة أخطاء خلال ولايته الأخيرة، لكونه أظهر سذاجة حقيقية عندما وثق بمنظمة إيتا المطالبة بانفصال إقليم الباسك عن إسبانيا وخلال تدبير أزمة قطارات الضواحي بكتالونيا التي استغلها الحزب الشعبي بشكل جيد، هذه بعض الأخطاء التي اعترف بها ثباتيرو، بيد أن ما لم يقله أنه فقد ثقة جاره الجنوبي بالزيارة التي قام بها ملكا إسبانيا إلى سبتة ومليلية، ولم يستعدها رغم عودة السفير، مثلما أن علاقة مدريد بالجزائر باتت باردة بحكم أن سكان قصر المرادية يعتبرونه زائغا عن الطريق بحكم دعمه الخفي للرباط في مشروع الحكم الذاتي في الصحراء، لذلك استعملوا سلاح الغاز الطبيعي للضغط عليه في أكثر من مناسبة، فالجزائريون يجدون في اليمين مخاطبا أفضل من ثباتيرو بحكم أن ازدراء أثنار للمغرب لم يكن خافيا على أحد، وكان دائما يعتبره بلدا قزما مزعجا ومقلقا أمام بحثه المتواصل عن بعث إسبانيا من رمادها وإعادتها إلى أمجادها التليدة.
رياح التغيير
الكثير من المتغيرات تلعب حاليا لصالح فوز اليمين في إسبانيا، فماريانو راخوي سيجد الأرضية معدة أمامه على مستوى السياسة الخارجية، فالرباط مثلا صارت تعتبر السياسيين الإسبان سواسية مثل أسنان المشط، بمعنى أنها تخلت عن سياستها التفضيلية إزاء الاشتراكيين، كما أن العلاقات مع الولايات المتحدة ستعود لتتقوى بحكم أن جميع الموانع سوف تزول بخروج جورج بوش من البيت الأبيض، وهكذا سيجد اليمين الإسباني نفسه متفاهما بشكل كبير مع نيكولا ساركوزي وأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، بعدما صار حلف باريس-برلين، الذي راهن عليه ثباتيرو، مجرد شيء من التاريخ.
وحتى قبل أسبوعين من بداية الحملة الانتخابية في إسبانيا، فإن ملامح البرنامج الانتخابي الذي يعد به ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي، بدأت تظهر شيئا فشيئا، فأول ما بشر به هذا الزعيم السياسي، الذي لا يخشى أن تخفض لحيته من أصواته الانتخابية، هو تشكيله لوزارة للعائلة، وبذلك فإنه يقوم بعكس ما قام به ثباتيرو، الذي كان أول ما اتخذه من قرارات في الأسبوع الأول من توليه لمهامه الحكومية هو إقرار حق الشواذ في الزواج، فهؤلاء يعتبرون كتلة ناخبة مهمة في الجارة الشمالية، ولذلك كان الأمر يتطلب من ثباتيرو خوض حرب خفية وضروس مع الكنيسة وصقور المحافظة الذين خرجوا للتظاهر ضده في الشارع للمطالبة بالحفاظ على قيم العائلة، وهؤلاء هم الذين يقصدهم راخوي بمقترحه الانتخابي الذي أضحك عدة أوساط في إسبانيا، والتي اتهمته برغبته في جعل بلدهم أضحوكة بين أوساط الدول المتقدمة.
مهاجرون
ثاني مقترح يبدو لافتا للانتباه بدوره هو حديث راخوي هذه الأيام عن رغبته في إجبار المهاجرين، الذين يعيشون تحت سماء إسبانيا، على التوقيع على مدونة للإدماج أثناء تجديدهم لبطاقة الإقامة، وهي مدونة تتضمن تعهدا من المهاجرين باحترام القانون وتقاليد الإسبان وتعلم اللغة والاندماج في المجتمع الإسباني، وكذلك العودة إلى بلادهم في حالة عدم عثورهم على عمل. وزاد راخوي أن هذا التعهد له مفعول قضائي، مما يعني اجتهادا جديدا من طرف اليمين في تطبيق قانون الأجانب المعمول به في الجارة الشمالية، هذا هو النصف الفارغ لكأس أما النصف المليء، فإنه يتضمن تعهدا من راخوي بحصول المهاجرين على نفس حقوق الإسبان واحتراما لتقاليدهم وعاداتهم مادامت لا تتعارض مع القوانين الإسبانية، وأوضح راخوي أنه لن يقوم بتسوية جماعية لوضعية المهاجرين، مثلما سيطرد كل الذين ارتكبوا جرائم فوق التراب الإسباني.
أولى ردود الأفعال على هذه المدونة قالت إنها فكرة تعود براءة اختراعها إلى الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي عندما كان وزيرا للداخلية عام 2004، والذي اقترح مدونة مماثلة تجبر المهاجرين على احترام قوانين الجمهورية الخامسة والمساواة وتعلم اللغة الفرنسية، بمعنى الذوبان في فرنسا نهائيا إن أرادوا الاستمرار في العيش تحت سمائها، وإلا فليبحثوا لهم عن أرض أخرى. فربما يكون راخوي قادما فعلا ليحكم الطوق على المهاجرين، وربما يمدد الإسبان في عمر ثباتيرو كرئيس للوزراء أربعة أعوام أخرى، كل شيء ممكن، بيد أن الأكيد هو أن شيئا ما يطبخ في مملكة شبه الجزيرة الإيبيرية يشي بأن المفاجأة غير مستبعدة، لكن لا يجب الإقرار بشيء لم يقل فيه الإسبان كلمتهم الأخيرة بطريقة ديمقراطية بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.