اعتدنا أن نشاهد مقاطع فيديو لبرلمانات أجنبية تتحول إلى حلبات مصارعة، بين فرق الأغلبية والمعارضة، ويتبادل فيها البرلمانيون، المنتمون إلى أحزاب مختلفة، اللكم والرفس، خاصة حين يكون الخلاف حول قضايا جوهرية؛ لكن أن يتشاجر أعضاء فريق برلماني واحد فهذا أمر مستجد وكان البرلمان المغربي صاحب الريادة فيه. الأمر يتعلق بالشجار الطاحن الذي نشب بين نائبين برلمانيين منتميين إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، يوم الثلاثاء الماضي، فقد اشتبك الاتحادي سعيد اشباعتو مع رفيقه في الحزب إدريس الشطيبي بالأيدي، إلى درجة أن شباعتو خلع «فيستته»، مثل أي «حياح» في الشارع العام، ووجه لكمة إلى زميله الشطيبي أخطأت هدفها لتصيب برلمانيا آخر. هكذا يكون الرفاق وإلا فلا! الاختلاف تحت قبة البرلمان صحي، لكن ما وقع كان عبارة عن أعراض مرض اسمه غياب ثقافة الحوار الهادئ والديمقراطي حتى بين أبناء الحزب الواحد. وحول ماذا؟! حول مشروع قانون متعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة والخدمات (وإن كان الصراع، في الحقيقة، حول مراكز نفوذ داخل الحزب في جهة صفرو)؛ فقد نقبل أن يتطاحن نوابنا في نقاشهم حول غلاء المعيشة، بل قد نبتهج إذا «قربلها» برلمانيونا وهم يتحدثون عن الزيادة في أسعار المحروقات وزيادة البطالة و«طلوع» أثمنة الحليب وقنينات الغاز و«طلوع الدم» للمواطنين أيضا، لكن خيبة أملنا تكون كبيرة حين نكتشف أن مثار نزاعهم هو مصالحهم الضيقة، ليس إلا. المواطنون الذين صوتوا عليكم، أيها النواب المحترمون، ينتظرون أن تناقشوا قضاياهم المصيرية، بروح من المسؤولية وبأخلاق ديمقراطية، أما خلافاتكم الخفية ونزاعاتكم حول النفوذ ف«فكوها» في ما بينكم داخل مقرات أحزابكم.