أسفر المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن تجديد نصف أعضاء مكتبه السياسي، بعد سقوط خمسة أعضاء سابقين في امتحان التصويت، وامتناع ثمانية أعضاء آخرين عن تقديم ترشيحهم. وبدون مفاجآت، أفرزت صناديق الاقتراع نتائج قريبة لما أفرزته عملية انتخاب الكاتب الأول، حيث حل المرشحون الثلاثة الرئيسيون الذين نافسوا عبد الواحد الراضي في صدارة ترتيب الأعضاء ال22 للمكتب السياسي الجديد. مع تغيير في ترتيبهم، بتصدر حبيب المالكي للقائمة ب710 أصوات، متبوعا بفتح الله والعلو ب702 وإدريس لشكر ب602 صوت. وبالإضافة إلى الثلاثة، تمكن خمسة أعضاء في المكتب السياسي السابق من الاحتفاظ بمقاعدهم، ويتعلق الأمر بكل من العربي عجول وعبد الهادي خيرات ومحمد الأشعري ومحمد بوبكري ومحمد محب. مصدر اتحادي قال إن مسألة ضمان مرور الأعضاء السابقين كانت محور التوافق الذي توصل إليه الأطراف المتنافسون غداة انتخاب عبد الواحد الراضي كاتبا أول للحزب. مفاجآت الاقتراع، الذي طالت أطواره ولم يفصح عن نتيجته إلا فجر يوم أمس، تمثلت في صعود بعض الأسماء الجديدة وتحقيقها لأعداد مرتفعة من أصوات المؤتمرين، أبرزهم عبد الحميد جماهري، رئيس تحرير يومية «الاتحاد الاشتراكي»، والذي حل سادسا ب517 صوتا، متبوعا بمدير نشر اليومية التابعة للحزب، عبد الهادي خيرات ب499 صوتا. فيما حققت النساء تقدما طفيفا برفعهن لعددهن داخل الجهاز التنفيذي لحزب الوردة من خمسة إلى ستة؛ وحلت كل من رشيدة بنمسعود وأمينة أشلح في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي. فيما رأت مصادر اتحادية أن المكون النسائي ساهم في دعم حبيب المالكي وتبويئه صدارة الترتيب، لمواقفه المعروفة والمناصرة للمرأة. من جانب آخر، حصد مثقفو الحزب نتائج أخرجتهم من المكتب السياسي، من خلال عجز عبد الرفيع الجواهري عن ضمان مكانة ضمن ال22 الأوائل، وعدم تقديم محمد جسوس لترشيحه. رغم حديث راج في كواليس المؤتمر في يومه الأخير، حول إدخال أسماء مماثلة ضمن لائحة «التوافق»، سعيا إلى إكساب الجهاز الجديد قدرا من المصداقية الضرورية. فيما رأت بعض المصادر المطلعة، أن خروج تلك الأسماء جاء مقابل دخول أخرى أكثر تشبيبا، وهذا يعكس منحى التجديد الذي يطالب به الكثيرون حيث تمكن كل من حسن طارق وعلي بوعبيد من ولوج المكتب السياسي للمرة الأولى؛ علاوة على طابع التشبيب الذي يسم جل الأسماء الجديدة. الخاسر الأكبر في عملية تجديد المكتب السياسي، كان هو تيار المندمجين، المنحدرين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي السابق؛ حيث لم ينجح عمليا أي من أعضائه في ولوج المكتب الجديد، بمن فيهم أمينه العام السابق عيسى الورديغي، باستثناء عائشة لخماس التي حملتها الكوطا النسائية إلى قائمة ال22، ما يعكس «تمثيلية شبه منعدمة لتيار الاندماج، ويتطلب إعادة النظر في مفهومه وانتقالنا إلى التحدث من منطلق كوننا اتحاديين وإعادة النظر في طريقة الانتخاب من التصويت الانتخابوي على الأشخاص إلى التصويت السياسي» تقول بديعة الراضي المنحدرة من تيار الاندماج. فيما يرى طالع سعود الأطلسي، عضو المكتب الوطني السابق، أن عملية التصويت على أعضاء المكتب السياسي أفرزت توازنا مماثلا لما أنتجه انتخاب الكاتب الأول؛ وأكد أن الاندماج بين حزبي الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الاشتراكي لم ينجح، «لأنه لم يجعل الاتحادي يلتزم مع نفسه بتمثيل أحد المنحدرين من الاندماج، ولم يقدم بذلك على ما يمكن أن يغري بتوحيد اليسار، خاصة أننا في وضع يطلب منا فيه استقطاب كل مكونات اليسار. ففكرة الاندماج ليست في جدول أعمال القواعد وليست في عقيدتها؛ وما وقع يؤشر على أن الاندماج يعني التذويب» يقول الأطلسي الذي عاد ليؤكد أن الذين نجحوا في بلوغ المكتب السياسي يستحقون ذلك ويعكسون رغبة المؤتمرين. باقي الأسماء الملتحقة بالمكتب السياسي تتمثل في الثلاثي النسائي: عائشة بلخماس وثريا مجدولين وزبيدة بوعياد، بالإضافة إلى كل من أحمد الزايدي، رئيس الفريق البرلماني للحزب، وإدريس أبو الفضل والوزير جمال أغماني والوزير السابق سعيد اشباعتو، والبرلماني عن مدينة العيون، حسن الدرهم، لتكتمل بذلك إحدى أكبر عمليات التجديد التي طالت الجهاز التنفيذي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ بعد سقوط أسماء مثل عبد القادر باينة والحبيب الطالب ومحمد المريني والطيب منشد؛ وعدم ترشح أخرى مثل الكاتب الأول السابق محمد اليازغي ولطيفة اجبابدي ونزهة الشقروني ومحمد الكحص. مصادر اتحادية قالت إن تشكيلة المكتب السياسي الجديد تتطابق مع ما ورد في البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الثامن لحزب الوردة؛ حيث عاد التوافق ليسود بين مكونات الحزب، متمثلا في المواقف السياسية التي حاولت إرضاء الجميع، وضمان تمثيلية كل التيارات في تركيبة الجهاز التنفيذي الجديد.