حاصرت قوات الدرك الملكي والقوات المساعدة، أول أمس السبت، قرية «الشليحات» القريبة من العرائش، بعد سلسلة من الاشتباكات بين مواطنين محتجين وبين عناصر الأمن، وهي المواجهات التي استخدمت فيها قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وأفادت مصادر طبية مطلعة بأن المواجهات التي اندلعت مساء أول أمس السبت بمنطقة الشليحات والسحيسحات التابعتين لإقليم العرائش، أدت إلى إصابة 25 فردا من قوات الدرك الملكي والشرطة، فيما تحدثت مصادرنا عن أكثر من 40 إصابة في صفوف المحتجين. وأكدت المصادر ذاتها أن المحتجين يرفضون زيارة المستشفى خشية اعتقالهم، مضيفة أن إصابة قوات الشرطة «لا تبعث على القلق». وقد عمدت قوات الأمن إلى استخدام الكريموجين والهراوات، فيما رد المحتجون برشق قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة. وقد لجأ المحتجون، الذين يقدر عددهم بالمئات، إلى قطع الطريق الوطنية الرابطة بين القصر الكبيروالعرائش لأكثر من أربع ساعات. وأبرزت مصادرنا أن منطقتي زوادة والعوامرة شهدتا إنزالا أمنيا مكثفا من طرف قوات الشرطة والدرك الملكي بغاية فض الاعتصام، الذي نفذه المحتجون وسط الطريق. وتدخلت قوات الأمن، بحسب المحتجين، بقوة، مما أسفر عن وقوع إصابات بالغة في صفوف المحتجين. وبدأت شرارة المواجهات قبل أسبوعين، عندما خرج سكان قرية «الشليحات» لمطالبة السلطات المحلية بإيجاد حل لمشكلة تكاثر الباعوض بسبب أعمال حصاد الأرز من طرف إحدى الشركات الإسبانية، وهو الأمر الذي لم يجد له صدى، فارتفعت وتيرة الاحتجاجات وصارت تندد بسحب ملكية الأراضي من الجماعة وتفويتها للشركة الإسبانية المستثمرة، كما ردد المحتجون شعارات مطالبة بتوفير مناصب الشغل لشباب القرية الذين يعانون البطالة. وحسب تصريحات شهود عيان، فإن وتيرة الاحتجاجات ما فتئت أن تصاعدت، لتضطر قوات الدرك الملكي للتدخل بغرض تفريقها، الأمر الذي ووجه بإصرار من لدن السكان على مواصلة احتجاجاتهم اليومية، ما دفع عناصر قوات التدخل السريع إلى استخدام الهراوات وخراطيم المياه، وهو الأمر الذي رد عليه المحتجون بالرشق بالحجارة. وتصاعدت وتيرة المواجهات منذ يوم الجمعة الماضي، حيث تم الدفع بتعزيزات أمنية من مدينة طنجة، إذ لوحظت شاحنتان مزودتان بخراطيم المياه تسلك طريق الرباط، كما شوهدت طائرة مروحية تسلك نفس الاتجاه، في حين أكد شهود عيان من قرية الشليحات أن تلك التعزيزات شرعت في التصدي للمسيرات منذ صباح يوم السبت، حيث تم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، إلى جانب التحليق المكثف لمراوح الدرك الملكي. وذكر شهود عيان أنه إلى حدود صباح يوم أمس الأحد أصيب في المواجهات المحتدمة أزيد من 100 شخص، أغلبهم من المواطنين المشاركين في المسيرات، التي حاولت الوصول إلى مقر عمالة الإقليم البعيدة عن القرية بحوالي 10 كيلومترات، وأضافت المصادر ذاتها أن أغلب المصابين يعالجون بطرق تقليدية أو يكتفون بالإسعافات الأولية، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المستشفيات. وصرح شهود عيان بأن عناصر الدرك وقوات التدخل السريع قامت باعتقال 14 شخصا من بينهم 4 نساء، في حين تمت محاصرة القرية من جهاتها الأربع، وتم قطع الطريق الرابطة بين جماعة العوامرة القروية ومدينة القصر الكبير. واضطرت وزارة الداخلية إلى إصدار بيان حول المواجهات أول أمس السبت، حملت فيه المسؤولية للمتظاهرين واصفة احتجاجاتهم ب»أعمال الشغب»، وتوعد البيان ب»عدم السماح بعرقلة حرية الشغل والحركة»، في إشارة إلى تأمين عمليات حرث الأرض وزراعة الأرز من طرف الشركة الإسبانية «آغرو موران». وذكر البيان أن «أعمال العنف» طالت القوات العمومية عبر الرشق بالحجارة، ما أدى إلى إصابة 10 عناصر، حسب وزارة الداخلية، التي أوردت في بيانها أن «السلطات العمومية ستحرص على التطبيق الدقيق للقانون ومعاقبة كل انتهاك». وحول الأراضي الجماعية التي يقول السكان إنها سلبت منهم دون أن يتم تعويضهم، ودون استفادة أبناء المنطقة من فرص الشغل، أوضح بيان الداخلية بأن شركة «آغرو موران» التابعة لمجموعة «مونديز»، تستفيد من تلك الأرضي منذ سنة 1998 بموجب عقد إيجار، وأضاف البيان أن السلطات المحلية والإقليمية عقدت اجتماعين مع ممثلي الشركة الإسبانية لوضع حزام حماية من الحشرات التي يشتكي السكان من تكاثرها.