الجزائر واكتشاف البطاقة البنكية: بين السخرية والواقع المرير    المغرب يتصدر إنتاج السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    من الناظور إلى الداخلة.. عضو في كونفيدرالية البحارة يكشف عن التلاعب بأسعار السمك    فرنسا.. وزير الداخلية يلوّح بالاستقالة إذا تراجعت باريس عن ضغطها على الجزائر لاستقبال مهاجريها غير الشرعيين    إيران تدين الضربات ضد الحوثيين    ترامب يجمّد عمل 3 إذاعات أمريكية    تطبيق "تيليغرام" يسمح بتداول العملات المشفرة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. اتحاد طنجة يتعادل مع الوداد الرياضي (1-1)    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. الفتح الرباطي يتغلب على الشباب السالمي (4-2)    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا لإجراء تجمع إعدادي تأهبا ل"شان" 2024    حجز 18 ألف قنينة كحول غير مرخصة    الإيقاع بشبكة نصب في الناظور.. انتحلوا صفة قاض للاحتيال على سيدة    "آتو مان" أول بطل خارق أمازيغي في السينما: فيلم مغربي-فرنسي مستوحى من الأسطورة    فوزي لقجع.. مهندس نجاح نهضة بركان وصانع مجدها الكروي    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و 6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    استمرار ضطرابات الجوية بالمغرب طيلة الأسبوع المقبل    توقعات احوال الطقس اليوم الاحد    تراجع جديد في أسعار المحروقات ينعش آمال المستهلكين    الأمن يداهم مستودعا سريا بالناظور ويحجز 15 ألف قنينة خمر    سائق دراجة نارية يحتج على سلوك غير أخلاقي في كورنيش طنجة    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    الشعباني: "لقب نهضة بركان مستحق"    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    السلطات المغربية تمنع محامين إسبان من دخول التراب الوطني    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    نهضة بركان يتوج بلقب البطولة بعد تعادل مثير مع اتحاد تواركة    مشاريع إيلون ماسك في الصحراء تثير قلق جزر الكناري    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    منظمة تستنكر تصريحات وهبي بشأن تقييد المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد من مشروع قانون المسطرة الجنائية    الولايات المتحدة تشن ضربات على الحوثيين    الدرك الملكي بالقصر الكبير يطيح بأخطر مروج مخدرات في دوار الكشاشرة    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    القدس.. تأسيس معهد إمارة المؤمنين للسلام    ارتباك في حركة القطارات بالدار البيضاء بسبب أشغال التأهيل    الحسيمة .. انطلاق النسخة الثانية من الأمسيات الرمضانية في فن المديح والسماع    وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها في ملف الجزائر    انطلاق لقاءات ميدانية ل"جيل 2030"    "العدالة والتنمية": عمليات هدم وترحيل ساكنة أحياء الرباط غير قانونية وشابتها خروقات كثيرة    المغرب يوسع استثماراته في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أشجار النخيل    رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ولاية «الفقيه» إلى ولاية «المرشد»
نشر في المساء يوم 14 - 06 - 2012

عندما أطيح بحسني مبارك واستلم الجيش السلطة من خلال «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، كان هناك طموح إلى تأمين مرحلة انتقال ديمقراطي عبر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. وإذا كانت الاستحقاقات التشريعية انتهت بحصول حزب الحرية والعدالة الإسلامي وحزب النور السلفي على الأغلبية، فإن هذه النتيجة أثارت مخاوف الكثير من المصريين الذين لا يؤمنون بمرجعية هذين الحزبين، سواء كانوا من المسلمين أو من الأقباط، وكانت مبررات هذه المخاوف تحيل على كون التيار الإسلامي يوظف بشكل يسيء إلى المشروعية الديمقراطية المرتكزة على صناديق الاقتراع، حيث ينزع إلى فرض هيمنته ومصادرة حقوق الآخرين بدعوى تمثيلية الشعب. وقد منح الإسلاميون في مجلس الشعب مصداقية لهذه المخاوف عندما بادروا إلى تشكيل «اللجنة التأسيسية لوضع مشروع الدستور»، مانحين أنفسهم أغلبية مطلقة دون استحضار القيم المشتركة التي دافع عنها ثوار 25 يناير.
لماذا لم ينجح الإسلاميون في كسب ود القوى السياسية الأخرى بما في ذلك تلك القوى السياسية التي نزلت إلى «ميدان التحرير»؟ يمكن الإشارة إلى خمسة أسباب:
يعود السبب الأول إلى الالتحاق المتأخر لجماعة الإخوان المسلمين بثورة 25 يناير، ففي اللحظة التي كان فيها «الثوار» يحتلون ميدان التحرير، كانت القيادة الإخوانية تتفاوض مع «عمر سليمان»، مدير المخابرات، الذي نصبه حسني مبارك نائبا له؛ ولم يلتحق «الإخوان» بالميدان إلا بعدما أدركوا أن موازين القوى أصبحت لصالح «الثوار» المحميين من قبل الجيش، وهو نفس موقف التيار السلفي الذي أحجم في البداية عن النزول إلى الميدان بدعوى عدم جواز الخروج عن الحاكم.
يكمن السبب الثاني في عدم ثبات الإسلاميين على مواقفهم، فالإخوان المسلمون، من خلال حزب الحرية والعدالة، أعلنوا في البداية تحجيم عدد مرشحيهم في الاستحقاقات التشريعية، لكن بعد ذلك غيروا موقفهم، وهو نفس ما حدث في ما يخص تقديم مرشح للاستحقاقات الرئاسية، حيث أعلنوا عدم المشاركة في المنافسة، مما دفع أحد قيادييهم، وهو عبد المنعم أبو الفتوح، إلى تقديم استقالته من الجماعة وترشيح نفسه مستقلا، لكن سرعان ما غيروا موقفهم فدفعوا بخيرت الشاطر، وعندما رُفض ترشيحُه قدموا بدلا عنه محمد مرسي.
يرتبط السبب الثالث بتحديد المواقف انطلاقا من المصالح الخاصة للإسلاميين، فعندما حصل ممثلو الجماعة على الأغلبية في مجلس الشعب شرعوا في التنديد بالوقفات والاعتصامات واعتبروا الجهات التي تقف وراءها جهات مناهضة للثورة، ورفعوا شعار: «شرعية البرلمان بدل شرعية الميدان»، غير أنهم سرعان ما وضعوا هذا الشعار جانبا ودعوا إلى تنظيم «مليونيات» عندما أعلنت نتائج الدورة الأولى من الاستحقاقات الرئاسية وتمخضت عن بقاء أحمد شفيق ومحمد مرسي للتنافس على مقعد الرئاسة في الجولة الثانية.
يتلخص السبب الرابع في مفهوم الديمقراطية لدى الإسلاميين، فمعلوم أن القبول بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع يفيد أساسا القبول بنتائجها، باعتبار أن العملية الانتخابية وسيلة لتدبير تداول السلطة بشكل سلمي. غير أن تصريحات «الإخوان» من خلال مرشح الجماعة في الجولة الثانية تثير كثيرا من علامات الاستفهام أو الاستغراب، فمحمد مرسي ما فتئ يصرح بأن فوز خصمه أحمد شفيق في الجولة الثانية هو افتراض نظري لا يمكن أن يتحقق في الواقع أبدا، ومثل هذا التصريح يمكن اعتباره مصادرة على المطلوب؛ كما أن محمد مرسي ما فتئ يصرح بأن فوز أحمد شفيق سيؤدي إلى النزول إلى ميدان التحرير، وهو أمر يفضي إلى التساؤل عن ضرورة القبول أصلا بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
إن العديد من القوى السياسية المصرية التي تتخوف من وصول الإسلاميين إلى السلطة تعتقد أن المفهوم الملتبس للديمقراطية الذي يسكن «الإخوان» هو الذي دفعهم إلى صياغة قانون العزل السياسي اعتمادا على معايير تستهدف منافسهم الجدي في الاستحقاقات الرئاسية، وكان حريا بهم التوقف عن المطالبة بتفعيل هذا القانون بعد الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من الرئاسيات احتراما لأحكام صناديق الاقتراع؛ وهنا يرصد خصوم الإسلاميين بعض المفارقات في ما يتعلق بمسألة «الفلول»، فجماعة الإخوان بقدرما تشدد على ضرورة محاربة «الفلول» من خلال قانون العزل السياسي بقدر ما تتعايش مع أقوى ممثلي الفلول في «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، فما هو الفرق بين أحمد شفيق والمشير طنطاوي؟
يتمثل السبب الخامس في التخوف من طبيعة الدولة المدنية كما يتمثلها الإسلاميون، فجماعة الإخوان المسلمين ما فتئت توضح أن الدولة في الإسلام هي دولة مدنية؛ غير أن هذا التوضيح لا تعتبره العديد من القوى السياسية كافيا لكون تصريحات قيادات الإخوان وقيادات حلفائهم السلفيين لا تفيد ذلك؛ وهنا يتم التركيز على مسألتين أساسيتين ذواتي صلة بالموضوع، تتعلق الأولى بتصريحات محمد مرسي، مرشح الجماعة في الجولة الثانية للرئاسيات، والتي تصب في كون الكثير من فئات الشعب تطالبه بتطبيق شرع الله، وترتبط الثانية بكيفية التعاطي مع التكريس الدستوري للشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرا رئيسيا للتشريع، ففي اللحظة التي تعتبر فيها كثير من القوى السياسية ذات المرجعية المتباينة مع مرجعية الإسلاميين أن هذا التكريس الدستوري يتنافى، في عمقه، مع أساسيات الدولة المدنية، تصر القوى الإسلامية على ضرورة هذا التكريس وإن كانت هناك تباينات على مستوى صياغة هذا المقتضى. فحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين كان يفضل اعتبار مبادئ الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع، في حين فضل حزب النور السلفي اعتماد عبارة أحكام الشريعة بدل مبادئ الشريعة؛ ولتجنب الخلاف اتفق الحزبان على صيغة الشريعة الإسلامية دون الإشارة إلى مبادئها ولا إلى أحكامها؛ ومثل هذه الصيغة تثير مخاوف دعاة الدولة المدنية باعتبارها تفتح الباب أمام تأويل فضفاض.
إن الأسباب الخمسة المشار إليها آنفا تفسر مطالبة قوى الثورة محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، بعد الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من الرئاسيات، بالتنازل لصالح «حمدين صباحي»، لأن تلك القوى لم تنظر إلى محمد مرسي باعتباره الوجه النقيض لأحمد شفيق، بل إن كثيرا من الليبراليين والقوميين واليساريين يعتقدون أن فوز محمد مرسي سيكون نهاية الحلم الديمقراطي، حيث سيكرس الصيغة «السنية» لولاية الفقيه الشيعية: ألا وهي «ولاية المرشد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.