تختتم اليوم الخميس الجولة الأولى من أول انتخابات تعددية في مصر ما بعد مبارك، والتي يتوقع العديد من المتتبعي ن ألا تفرز فائزا مباشرا، إذ من المحتمل أن تسفر عن جولة ثانية إذا لم يحقق أي من المرشحين نسبة 51 في المائة من الأصوات. وكانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها صباح أمس الأربعاء في الثامنة صباحا (حسب التوقيت المحلي) لتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس للجمهورية من ضمن 13 مرشحا. وحسب اللجنة العليا للانتخابات، فإن عدد الناخبين المدعوين للمشاركة في هذه الاستحقاقات بلغ 50 مليونا و524 ألفا و993 ناخبا، فيما بلغ عدد مراكز الاقتراع 13 ألفا و99 مركزا فرعيا و351 مركزا انتخابيا رئيسيا تتولى الإشراف على مراكز الاقتراع الفرعية. وتضم قائمة المرشحين للرئاسة سبعة مستقلين هم عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمود حسام ومحمد سليم العوا وأحمد شفيق وحمدين صباحي وخالد علي. كما تضم أبو العز الحريري عن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي٬ ومحمد فوزي عيسى عن حزب الجيل الديمقراطي٬ وحسام خير الله عن حزب السلام الديمقراطي٬ وهشام البسطويسي عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي٬ وعبد الله الأشعل عن حزب الأصالة٬ ومحمد مرسي عن حزب الحرية والعدالة. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن نتائج الدور الأول يوم 29 من ماي الجاري وفي حال عدم فوز أي مرشح بالأغلبية المطلوبة (51 في المائة) تجرى جولة الإعادة بين المرشحين الأول والثاني يومي 16 و17 يونيو المقبل، على أن تعلن النتائج النهائية يوم 21 من نفس الشهر. ومن المقرر أن يتم فرز أصوات الناخبين داخل اللجان الفرعية بإشراف القضاة وأمناء اللجان في ختام اليوم الثاني للاقتراع اليوم الخميس بعد غلق باب التصويت في الانتخابات٬ بحضور ممثلي منظمات المجتمع المدني ومندوبي الصحافة ووسائل الإعلام ومندوبي المرشحين. وحصرت مجمل استطلاعات الرأي، التي جرت طيلة فترة الحملة الانتخابية وقبلها٬ التنافس نحو القصر الرئاسي بين خمسة مرشحين تبدو حظوظهم الأوفر لتولي منصب أول رئيس منتخب بشكل «ديمقراطي» في تاريخ مصر. أبو الفتوح.. «مرشح الثورة» أبرز هؤلاء المرشحين هو القيادي السابق في تنظيم الإخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح (61 سنة) الذي يقدم نفسه على أنه نموذج للإسلام الوسطي المعتدل وتمكن من كسب تأييد فئات عريضة من السلفيين وكذا من الليبراليين الذين يعتبرونه مرشح الثورة حيث كان من أول المعتصمين في ميدان التحرير منذ بدء ثورة 25 يناير 2011 وحتى تنحي مبارك في 11 فبراير من نفس السنة. كان أبو الفتوح شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين إلى حين فصله منها بعد إعلانه ترشحه للرئاسة، وتعرض للاعتقال في عهد الرئيس المخلوع، كما اعتقل في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وقضى في المجمل ست سنوات وراء القضبان. ويرى عبد المنعم أبو الفتوح الذي اختار شعار «مصر القوية» لحملته الانتخابية الحاجة الملحة لاستكمال ثورة 25 يناير بالتخلص من فلول نظام مبارك في أركان الدولة٬ وتعهد بزيادة الإنفاق على التعليم والصحة وجعل جيش مصر الأقوى في المنطقة وجعل الاقتصاد واحدا من أقوى 20 اقتصادا في العالم. موسى.. «شبح مبارك» يأتي عمرو موسى (76 سنة) في قائمة أوفر المرشحين حظا ويرى أنصاره أنه المرشح الأكثر جاهزية وخبرة لممارسة مهام الرئاسة فضلا عن كونه تنطبق عليه المواصفات السياسية للشخصية الكاريزمية فهو يتمتع بصورة ذهنية متقدة وإدراك متميز ولديه خطاب سياسي مؤثر. إلا أن تولي موسى منصب وزير الخارجية إبان حقبة مبارك يمثل نقطة ضعف تجعل البعض يصنفه ضمن المحسوبين على النظام السابق، كما أن حركات سياسية ومرشحين للرئاسة هددوا بالنزول مجددا لميدان التحرير في حال فوزه بالرئاسة. وخلال عشر سنوات قضاها في الخارجية كون الرجل شعبية جارفة في الشارعين المصري والعربي، وبدا وكأنه الوزير المعارض في الحكومة المصرية الذي يهاجم وينتقد بعنف، خاصة خلال شنه هجوما شرسا ضد البرنامج النووي الإسرائيلي وعرف أيضا بدفاعه عن الجالية المصرية بالخارج، واعتبر الكثيرون استبعاده من الخارجية٬ إبعادا له من دائرة الضوء التي بدأت تسلط عليه. ووصفته الصحافة الإسرائيلية خلال تلك الفترة بالرجل الذي يسعى لتسميم الأجواء العربية ضد إسرائيل وأنه عرقل جهود إسرائيل لتوسيع العلاقات مع العالم العربي. مرسي.. المرشح الاحتياطي بالنسبة إلى مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي (61 سنة) فقد حقق ٬حسب استطلاعات الرأي ٬تقدما كبيرا خلال الأسبوع الأخير من الحملة٬ ويراهن على الكتلة الناخبة الوازنة للتيارات الإسلامية رغم أن خوض ثلاثة من ممثلي هذا التيار لانتخابات الرئاسة يعزز التوقعات بحدوث تفتت في هذه الكتلة بشكل قد يخدم مصالح مرشحين آخرين. بالرغم من كون شعبية محمد مرسي محصورة لدى جزء من الإخوان المسلمين وبعض الحركات السلفية٬ إلا أن فرصه في الانتخابات الرئاسية القادمة لا يمكن الاستهانة بها بحكم القوة التي مازالت جماعة الإخوان المسلمين تحظى بها داخل المجتمع وهو ما تجلى من خلال الحملة الانتخابية لهذا المرشح والتي كانت الأكثر تنظيما واستقطابا للجماهير. وتقدم مرشح جماعة الإخوان المسلمين ب«مشروع النهضة» كعنوان لبرنامجه الانتخابي يتضمن مسارات لتحقيق النمو الاقتصادي تتمثل في التحول السريع والشامل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد قيمة مضافة في إطار مجتمع المعرفة والإنتاج وإصلاح النظام المصرفي بما يضمن قيامه بدوره الأساسي في دعم الاقتصاد الوطني وتطوير برنامج لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة. ويتوقع مرسي حسم النتيجة لصالحه منذ الدور الأول من هذه الانتخابات، بل ذهب لحد اليقين بالحصول على ما لا يقل عن 60 في المائة من أصوات الناخبين خلال هذا الدور الذي ستعلن نتائجه يوم 19 من الشهر الجاري. صباحي.. المرشح الناصري يعتبر حمدين صباحي من أصغر المرشحين سنا حيث لا يتجاوز عمره 58 سنة ٬ وطرح نفسه كمرشح للانتخابات الرئاسية حتى قبل ثورة 25 يناير وأعاد الكرة مباشرة بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك٬ ويحاول استمالة الفقراء والفلاحين من خلال الحديث عن إنجازات جمال عبد الناصر ووعوده بالسير على خطاه عبر إنهاء ظاهرة الفوارق الطبقية الفظيعة التي تميز المجتمع المصري بسبب السياسات الإقصائية التي نهجتها السلطات في عهد الرئيس السابق. وتعرض صباحي للاعتقال أواخر الثمانينات على خلفية انتمائه لتنظيم «ثورة مصر» لتبدأ قصته مع المعتقلات حيث أعيد اعتقاله بعد ذلك صحبة رموز الحركة الوطنية المعارضة للسادات٬ وكان أصغر معتقل سياسي في تلك الآونة٬ وفي عام 1990 اعتقل من جديد لتزعمه مظاهرات مناهضة لاشتراك مصر في حرب الخليج وأعيد إلى السجن مرة أخرى عام 2003 على خلفية مشاركته في انتفاضة الشعب المصري ضد نظام محمد حسني مبارك المؤيد لغزو العراق. وانشغل صباحي طيلة مشواره المهني (صحفي) بالدفاع عن الفقراء وحقوقهم٬ وحرص على التواجد في العديد من احتجاجات الشوارع ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي. شفيق.. مرشح العسكر يعد الفريق أحمد شفيق (71 سنة)معادلة مهمة ومعقدة في انتخابات الرئاسة٬ وكان آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وتمكن طيلة مشواره المهني من مراكمة سمعة طيبة في الشارع كتكنوقراطي جيد٬ إلا أن تعيينه رئيسا للوزراء في آخر أيام حكم مبارك لتهدئة الانتفاضة الشعبية ووقوع «موقعة الجمل» خلال توليه المسؤولية دفعت الكثيرين لاعتباره رمزا من رموز النظام السابق وان انتخابه هو إعادة إنتاج لآلة القمع التي عانى منها المصريون خلال عقود. كما أن انتماء شفيق للمؤسسة العسكرية يضعف موقفه بالنسبة إلى قطاع عريض من الناخبين الذين يتطلعون لأول رئيس مدني يحكم البلاد. استبعد شفيق من سباق الرئاسة بعد إقرار قانون العزل من قبل البرلمان٬ حيث رأت اللجنة العليا للانتخابات أن قانون العزل ومباشرة الحقوق السياسية ينطبق على هذا المرشح حينما نص على منع كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 فبراير 2011 (تاريخ تنحي مبارك) رئيسا للجمهورية أو نائبا لرئيس الجمهورية أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطني الديمقراطي المنحل (الحزب الحاكم سابقا) أو أمينا عاما له٬ قبل أن يعود إلى حلبة السباق عندما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا النص. وفي حملته الانتخابية جعل الفريق شفيق من قضايا الأمن ومكافحة الجريمة أحد أهم أولوياته٬ وأبدى استعدادا في حال انتخابه لتعيين نائب للرئيس من الإسلاميين سواء من جماعة الإخوان المسلمين أو من السلفيين. ويسعى أحمد شفيق الذي كان رئيسا لأركان سلاح الجو ووزيرا للطيران المدني٬ ويتباهى بإسقاط ثلاث طائرات حربية خلال الحرب مع إسرائيل٬ إلى إقناع المصريين الذين أنهكتهم التقلبات السياسية وتدهور الاقتصاد بجدارته لتولي المنصب جاعلا من شعار الاستقرار ومكافحة الجريمة أساس حملته.