تتسم الانتخابات الرئاسية المصرية بعدم وجود مرشح يحظى بإجماع شعبي، فهناك خمسة مرشحين على الأقل من بين 13 مرشحا، حسب استطلاعات الرأي التي أجرتها عدد من المراكز البحثية ووسائل الاعلام المختلفة، لديهم فرصة الفوز بالمنصب، وإن كانت فرصهم غير متساوية، وغير محددة على وجه اليقين. ويمثل المرشحون الفريق أحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحت به ثورة 25 يناير، وعمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، والدكتور محمد مرسي رئيس حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح العضو السابق بمكتب الارشاد بجماعة الإخوان المسلمين، وحمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة أبرز المرشحين لرئاسة بمصر. واعلنت وزارة الداخلية عن خطة امنية مكثفة لضمان سير الانتخابات وخاصة عملية نقل صناديق الاقتراع الى مركز الفرز البالغ عددها 351 في جميع انحاء البلاد. وفي حال لم يحصل اي مرشح على الاغلبية المطلقة من الجولة الاولى تجرى جولة ثانية في 16 و17 يونيو. وفي الاسابيع الاخيرة جاب المرشحون البلاد طولا وعرضا مكثفين اللقاءات الشعبية والمناقشات العامة والمؤتمرات الصحفية سعيا الى استمالة نحو 50 مليون ناخب. يرى عدد من الخبراء أن المرشحين الخمسة الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية يمتلكون قدرا من نقاط القوة والضعف، التي يمكن أن تكون لصالحهم أو ضدهم، حسب استغلالهم لنقاط قوتهم، أو استغلال المنافس لنقاط ضعف الأخرين لتحقيق الفوز بالمنصب الرفيع. وقال الباحث أحمد بان نائب رئيس مركز النيل للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن نقاط القوة والضعف للمرشحين لرئاسة الجمهورية لها علاقة بالمزاج الشعبي الذي يميل في مجمله إلى الخطابة والقوة والحسم والحزم وهي العناصر التي يفتقدها الشعب حاليا . وأوضح أن المرشحين عمرو موسى وأحمد شفيق يتحركان في المساحة بين الشك في قدرة مرشحي الثورة وعدم الثقة فيهم. وقال إن البعض يعتقد أن من عناصر قوة موسى وشفيق هي الخبرة السابقة في ادارة الدولة، والمعرفة بدولاب هذه الدولة المصرية العتيدة، وقدرتهم على اجراء اتصالات باطراف دولية واقليمية عديدة، وتحريك الاقتصاد المصري، ومحاولة اجتذاب استثمارات، لافتا إلى ان هذا كلام يحتوي على قدر كبير من المبالغة. واشار إلى أن عمرو موسى رجل تولى وزارة الخارجية لعشر سنوات، ومثلها كأمين عام للجامعة العربية، والدبلوماسية المصرية في هذه الفترة كانت معنية أكثر باثبات المواقف ولم تكن فاعلة لتراجع الدور المصري في العقدين الأخيرين من حكم مبارك، وبالتالي لم يكن هناك انجاز حقيقي للخارجية المصرية، يمكن أن نعول عليه عندما يتولى أحد كبار رجالاتها مسؤولية ادارة الدولة. واضاف أن نقاط الضعف الرئيسية تتمثل في أن عمرو موسى بن الخارجية المصرية، وليس له علاقة بادارة دولاب الدولة بالداخل، اذ أن كل خبراته تنحصر في اطار مؤسسة وزارة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية والبروتوكول، وليس في اطار علاقات جدية لها وجه اقتصادي واجتماعي يمكن التعويل عليه. كما أن أحمد شفيق هو ابن المؤسسة العسكرية، وكان أحد وزراء مبارك والحديث عن مواطن قوة كانجازاته في وزارة الطيران مردود عليها بأن هناك ملفات فساد تتعلق بهذه الفترة تتعلق بحديث عن عمولات وفساد بقطاعات الطيران مفتوحة الآن امام سلطات التحقيق القضائية. وفيما يتعلق بالدكتور عبد المنعم ابو الفتوح، فيرى أن أهم ما يميزه أنه كان أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين ... و من النقاط التي يهاجم بسببها، أنه يحاول أن يمد الجسور بكل التيارات السياسية بالبلد. أما بالنسبة للدكتور محمد مرسي، فيرى بأنه مرشح تقف وراءه جماعة الإخوان المسلمين، هذا التنظيم القوى الذي يواجه حاليا أزمة عاتية لم يواجهها في تاريخه، حيث تم حرق شعبية هذا التنظيم في الشارع، باستدراجه للدخول بالبرلمان ومن ثم افشاله في مواجهة حكومة ادارت الظهر لهذا البرلمان فجعلته سجنا لأعضائه. وأوضح أن الآلة التنظيمية للإخوان تخوض آخر وأهم معاركها، ويتم الآن تعبئة الصف الإخواني باعتبار الانتخابات الرئاسية معركة مصير ووجود، معربا عن اعتقاده بأن شعبية الإخوان تراجعت بنسبة 50 % وهذا راجع إلى جهود عدة اطراف لتعبئة الشارع ضدهم، ساعد في ذلك اداؤهم السياسي والبرلماني الباهت وغير المقنع وعدم تلبيتهم لطموحات الشارع. ومن جانبه، يرى الدكتور فخرى الطهطاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المرشحين الأوفر حظا للمنافسة في الانتخابات المقبلة هم موسى وابو الفتوح وشفيق ومرسي وصباحي. وتابع الطهطاوي في تصريحات له «نستطيع تصنيف المرشحين إلى مرشحين اسلاميين وهم ابو الفتوح ومرسي والدكتور سليم العوا، أما أحمد شفيق وموسى فيصنفوا باعتبارهم من رجال الدولة، وهناك مابين الليبرالية والعلمانية وفي نفس الوقت هم ثوريين مثل خالد علي وحمدين صباحي». ويعتقد أن صباحي وعلي مؤيدين للثورة، ولكنه يرى أن خالد على يأخذ خبرة من أجل الانتخابات القادمة في 2016، اما الصباحي فهو ليبرالي نظيف وغير فاسد ووسطي ، وناصري، ولكن في شكل جديد مما يجعله يتجنب اخطاء الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر الذي يؤمن بفكره، وهو يأتي من الطبقة الوسطى، ولذلك فإن شعاره الانتخابي «واحد مننا». وأكد الطهطاوي أن موسى وشفيق يركزان في دعايتهما الانتخابية على تحقيق الأمن والاستقرار، وعزا ذلك إلى أنه اذا وعد احد المرشحين المصريين بتحقيق الاستقرار، ومرشح أخر وعدهم بانجاز المشروعات الناجحة، فإن المصريين سوف يختارون من يعدهم بالاستقرار، خاصة وأن مصر عاشت فترة من عدم الاستقرار بعد ثورة 25 يناير. ونوه إلى أن شفيق وموسى لديهما نقطة ضعف كبيرة، تتمثل في انتمائهما للنظام السابق، ولا أحد منهما اثبت أنه كان لديه موقف ضد النظام السابق الفاسد، ولكنهما شهدا هذا الفساد وكانوا صامتين، ويتساءل «كيف تكون الثورة ضد النظام الفاسد الذي كنت أحد أعضائه ثم ترشح نفسك كجزء من الثورة؟». وشدد على أن موقف محمد مرسي مرشح الإخوان هو الأصعب الأن خاصة بعد تراجع شعبية الإخوان في الشارع وفقد مصداقيتهم ، ولذلك فإن الانتخابات الرئاسية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للاخوان المسلمين لخشيتهم من فقد كرسي الرئاسة، وهم خائفين من امكانية حل البرلمان، وبالتالي يعودون لنقطة الصفر. وحذر الطهطاوي من أن نحو 35 في المائة من الشعب المصري تحت خط الفقر، ولديهم ثقافة احترام العسكريين ورجال الدولة، ولذلك فإن هؤلاء خطر على مستقبل الحياة السياسية في مصر لأنهم لا يستطيعون أن يحددوا من سيحكمهم ، وكذلك الوضع بالنسبة للقبائل خاصة في صعيد مصر وسيناء، فإن اختيار افراد القبيلة تخضع لاختيار شيوخ القبيلة. وأعرب عن اعتقاده بأنه ستكون هناك اعادة بين شفيق أو موسى في مواجهة صباحي، مشيرا إلى أن ابو الفتوح لم يعد في شهرة صباحي، وأن عمرو موسى سوف يكسب في النهاية، وذلك لأن المصريين ليسوا مع فكرة التغيير الراديكالي، ولعدم تأكدهم من قدرة صباحي على حسن ادارة الدولة. وأكد أن من مصلحة النظام السابق وأنصاره تدعيم حمدين صباحي لتفتيت الاصوات الخاصة بمرسي وابو الفتوح، ومن مصلحتهم ايضا أن تكون الاعادة بين موسى أو شفيق في مواجهة الصباحي لأنه ليس في قوة أيا منهم. وتجري الانتخابات الرئاسية المصرية يومه الأربعاء غداوالخميس، على أن تجرى الإعادة يومي 16 و17 يونيو المقبل، وتعلن النتيجة النهائية في حالة الإعادة يوم 21 يونيو المقبل. الانتخابات بعيون غربية الفاينشال تايمز: لحظة فارقة وصفت صحيفة «الفاينشال تايمز» البريطانية الانتخابات المصرية المقررة اليوم الأربعاء بأنها لحظة فارقة ليس في تاريخ مصر الحديث فقط، ولكن لمستقبل المنطقة، فهي بذلك تضع حجر الأساس للديمقراطية بمنطقة عانت لسنوات من نظم ديكتاتورية اذاقت شعوبها سوء العذاب، ففي حال نجاحها فسوف تكون النبراس الذي ستسير خلفه شعوب المنطقة. وقالت الصحيفة إن الانتخابات الرئاسية «لحظة فارقة، ليست للمصريين فحسب بل لمستقبل المنطقة، فإن نتيجة هذه الانتخابات ستحدد إلى أي مدى النظام القديم المستبد راغب في أن يسفر عن نظام جديد». وأضافت إن «الانتخابات نفسها، التي ستحتاج في غالب الأمر إلى جولة إعادة في منتصف يونيو المقبل، قد شابها الكثير من الجدل، فهذه الانتخابات قد سبقها فترة انتقالية كان فوضويا وتخللته فترات من العنف». وتابعت إنه «منذ سقوط حسني مبارك قبل 15 شهرا، فإن الجنرالات ظلوا يراوغون لحماية امتيازاتهم والتأكد على استمرار ميزانياتهم الضخمة ومن أن امبراطورية الأعمال التجارية لن تخضع للتدقيق من قبل عامة الناس». وترى الصحيفة أن الإسلاميين، الذين فازوا بالانتخابات البرلمانية التي أجريت العام الماضي، «تأرجحوا بين مواجهة الجيش والاتفاق معه»، مشيرة إلى أن السلطات الممنوحة للرئيس المقبلة لم تحدد بعد، هذا عائق كبير أمام إرساء الديمقراطية، فهذا الأمر يجعل من الرئيس القادم ديكتاتورا، لانه يمنحه نفس الصلاحيات التي كان يتمتع بها حسني مبارك، وهو ما سيفشل التجربة التي تعتبر رائدة في المنطقة. نيويورك تايمز: فاقت مباريات كأس العالم اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية، أن حمى الحملات الانتخابية في مصر، فاقت في حماستها مباريات كأس العالم لكرة القدم والمنافسة المثيرة بين مرشحي الانتخابات الامريكية التي تجرى كل أربع سنوات. وأوضحت الصحيفة - في سياق تعليق - أوردته على موقعها على شبكة الانترنت، أن الاجواء الانتخابية المصرية يغلب عليها مزيج من الحداثة وتعاظم التوقعات والإثارة والإرتباك، مشيرة إلى غياب استطلاعات الرأي الموثوق بها التي يمكن أن تكون دليل المواطن في تلك «الجلبة والصخب» الانتخابي على حد قول الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن انتشار ملصقات ولافتات المرشحين في مختلف المدن والقرى المصرية وأنه على الرغم من اختلاف أراء المواطنين حولها بين منتقد يرى أنه في بلد يعيش اثنين من إجمالي خمسة أشخاص بأقل من2 دولار أمريكي في اليوم، تعد تلك الحملات والحروب الاعلانية «اهدار للمال والنظافة» إلى أخرين يرون في ذلك «تغير إيجابي» ، ولفتت الصحيفة إلى ما قاله البعض بأن هناك حالة من الانقسام داخل الاسرة المصرية الواحدة، لأن كل فرد من أفراد الاسرة قد يدعم مرشحه الخاص، مشيرة إلى ما جاء على لسان أحد المواطنين «كل ابن من أبنائي يدعم مرشح مختلف فأحدهم يدعم «أبو الفتوح» وآخر «حمدين صباحي» والثالث المرشح «عمرو موسى»، واصفا ذلك بانها الديمقراطية في عائلتي». أبرز المرشحين أحمد شفيق يعد أحمد شفيق (71 سنة) أحد المسؤولين المقربين من مبارك إبان حكم الأخير . في دجنبر2011 أعلن شفيق نيته للترشح لرئاسة مصر مما أثار حفيظة البعض الذين رأوا أنه سوف يعيد إنتاج نظام مبارك من جديد حال فوزه بالرئاسة، خاصة أن الرجل كان واحداً من أركان نظام مبارك لسنوات طوال. قدم شفيق أوراق ترشحه رسمياً للجنة الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل. حمدين صباحي اسس حمدين صباحي (58 سنة) حزب الكرامة العربي الناصري عام 1996. معروف بمعارضته الشديدة للنظام السابق، وبمواقفه المتشددة تجاه إسرائيل وبتأييده للقضية الفلسطينية. وقد لاقى ترشح صباحي ترحيباً في أوساط الثوار وذوي التوجهات القومية العربية. يتصدر موقعه الالكتروني العبارة التالية: «العلاقة الآثمة بين المال والسلطة سرقت من المصريين حقهم في السلطة وفي الثورة»، في إشارة إلى ما كان يُعرف ب «زواج المال والسلطة» في عهد الرئيس السابق مبارك. عبد المنعم أبو الفتوح يعمل الدكتور أبو الفتوح (61 سنة) طبيباً وهو أمين عام اتحاد الأطباء العرب منذ عام 2004 . في فترة حكم مبارك، تعرض أبو الفتوح للاعتقال مرات عدة. لعبد المنعم أبو الفتوح برنامجٌ انتخابي منشورٌ على موقعه على الإنترنت، وهو يتضمن خمسة تعهدات أساسية بالإضافة إلى 11 مشروعاً قومياً كبيراً «لبناء مصر القوية».من بينها أن تصبح مصر من أقوى 20 اقتصاداً في العالم خلال عشر سنوات من تولي الرئاسة... عمرو موسى خلال 10 أعوام قضاها بين جدران الخارجية عمل فيها جنباً إلى جنب بجوار الرئيس المخلوع حسني مبارك، بزغ نجم موسى (76 سنة) بصورة كبيرة حتى رشحه البعض في السنوات الأخيرة قبل ثورة 25 يناير لخلافة مبارك. كان همه في الحملة الانتخابية أن يثبت للمتشككين أنه ليس جزءاً من النظام القديم الذي ثار عليه المصريون، فقد قال موسى في تصريحات له إن «المسألة ليست الحرس القديم أو الحرس الجديد.. لكن المسألة هي إما أنك كنت ضمن فاسدين ضروا البلد بصورة كبيرة أو من الناس الذين عملوا وأدوا واجبهم بأعلى مستوى يقدرون عليه». محمد مرسي يمثل محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر) لانتخابات الرئاسة المصرية عام 2012. ويخوض الانتخابات ببرنامج تحت عنوان «مشروع النهضة» الذي يمثل برنامجه الانتخابي.