من بين القضايا المثيرة التي عُرِضت على المحكمة الابتدائية في سلا، في بداية السنة الجارية، واقعة أثارت الكثير من الجدل، بعدما تقدمت مواطنة بشكاية إلى وكيل الملك تتهم فيها طبيبا بمنح شهادة طبية كاذبة لزوجها، تفيد بإنجابها مولودها الذكر داخل منزل الزوج في مدينة سلا، حيث سبق أن دخلت الزوجة في مشاكل مع زوجها وأنجبت المولود في مصحة مشهورة في مدينة الرباط، حيث قامت، بعد عملية الوضع، بتسجيل المولود الذكر في مقاطعة تابعة للعاصمة الإدارية، بينما استعان الأب بالشهادة المزورة في تسجيل المولود في مدينة سلا.. أدلت الأم بتفاصيل صادمة، حيث أكدت معطيات مضبوطة عن الطبيب الذي منح الشهادة الطبية الكاذبة، كما أدلت بمواصفاته وبمحل ممارسته عمله في مدينة سلا، بعدما ظلت تتحرى، طيلة أسابيع، في الموضوع حين بلغ إلى علمها أن الزوج يرغب في تسجيل اسم الابن في سلا واكتشفت، في نهاية المطاف، أنها ضحية تلاعب بشهادة مزورة تتضمن معطيات خاطئة عن مكان إنجابها مولودها الذكر، إذ أمر ممثل النيابة العامة الشرطة القضائية بمدينة سلا مباشرة باستدعاء الطبيب والزوج للاستماع إليهما بشأن تصريحات الأم -الضحية، إذ طرقت الشرطة القضائية باب الدكتور الذي تحمل الشهادة الطبية توقيعه ومكان ممارسته عمله وتم إشعاره بالتّهم الموجهة له من قِبَل الضحية. والمفاجأة التي تمخّضت عنها هذه القضية هي أن الزوج، الذي حصل على شهادة طبية من طبيب في مدينة سلا، «يؤكد» أن الابن ازداد داخل منزله في سلا، وكان يرغب في تسجليه باسم مخالف عن الاسم الذي أطلقته الأم على المولود بعد ولادته. واعتمدت المصالح الإدارية، التابعة لإحدى مقاطعات مدينة سلا، على بيانات الشهادة الكاذبة والموقعة من قبل الطبيب قصد تسجيل الطفل في الحالة المدنية، رغم أن الأم اتّبعت نفس الإجراءات الإدراية السليمة. والمثير في القضية أن المتضررة أدْلت بشواهد طبية في الموضوع، تؤكد أن عملية الولادة سهرت عليها هيئة طبية من مصحة مشهورة في مدينة الرباط، وعززت ملفها بالشواهد المذكورة وموقعة من قبل الأطباء، حيث وجد الطبيب نفسه في وضع محرج أمام الشهادة الكاذبة التي وقع عليها في مدينة سلا واعتبر أن إقدامه على هذا الإجراء كان يهدف، بالدرجة الأولى، إلى تسهيل الإجراءات وتسجيل الابن في الحالة المدنية، لتفادي وقوعه في مشاكل قانونية في المستقبل.. وأكدت الضحية أمام الضابطة القضائية أن علاقتها بزوجها كانت متوترة وأنها انتقلت إلى الرباط، حيث قامت بعملية الوضع داخل المصحة وتحملت، لوحدها، المسؤولية، لكنْ بعد عملية الوضع، اكتشفت أنها ضحية لشهادة طبية وهمية من قبل الزوج والطبيب، مما ساهم في الرفع من معاناتها النفسية. اعتمدت مقاطعة «أكدال» على الشواهد الطبية الصادرة عن المصحة المتواجدة في الرباط لتسجيل المولود، واعتبرت الأم الضحية أن الهيئة التي أشرفت على ولادتها تستطيع تقديم شهادتها في الموضوع، كما قالت إنها تتوفر على فواتير صادرة عن المصحة تؤكد أدائها مبالغ مالية أثناء عملية الإنجاب، وهو ما بدأ يفند ادعاءات الطبيب أمام مصالح التحقيق ليعترف، في نهاية المطاف، بتضمين معطيات كاذبة في الشهادة المنوحة إلى الزوج.. واعتبر الزوج أن الشهادة الطبية المزورة لم تتسبب في أضرار بليغة، حيث تم التشطيب على الاسم الذي منحه له في مدينة سلا وتم الاحتفاظ بالاسم الذي أطلقته الأم على ابنها في مقاطعة «أكدال» في الرباط، واعتبر أن الأضرار سقطت في هذا الملف، حيث ظل الطبيب المتابَعَ الرئيسيَّ في هذا الملف. استمع وكيل الملك في سلا إلى الشهادات الصادمة في هذا الملف، ووجهت النيابة العامة إلى الطبيب تُهماً تتعلق بمنح شهادة طبية تتضمن معطيات كاذبة، وقرر عرضه على الهيئة القضائية الجنحية لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقه. وقد تسببت هذه الشهادة الطبية المزورة للأم في مآسٍ اجتماعية ونفسية، حيث لم تكن تعتقد أن يصل الخلاف مع زوجها إلى هذه الدرجة، بعد خلافات بسيطة كانت قد نشبت بينهما، تسببت في فراقهما، حيث حاول الطبيب أن يبرر تدخله في الموضوع من جوانب إنسانية قصد عدم تعرض الطفل في المستقبل لمشاكل قانونية، إلا أن الأم أصرّت على أنه لا يمكن أن يفصل في القضية سوى المحكمة الابتدائية في سلا، حيث رفضت التنازل عن الدعوى وفضّلت أن تقول العدالة كلمتها في الموضوع، بعدما اعتبر كل من الأب والأم أن لها الأحقية في تسمية المولود. بعد أن وصلت القضية إلى العدالة، كانت الأم تعتقد أن ما ارتكبه الطبيب يعد جريمة يعاقب عليها القانون، وكانت متيقنة من أن ممثل النيابة العامة سيتابع المتّهَم في حالة اعتقال، استنادا إلى التّهم التي وجهت له في هذه الفضيحة، بينما كان القرار الصادر هو المتابعة في حالة سراح.. تابع ممثل النيابة العامة، بعد إطلاعه على الملف واستنطاقه الطبيبَ والأمَّ الضحية، المتّهمَ في حالة سراح، وأمره بحضور جميع مراحل المحاكمة، مما وضع الطبيب أمام تُهم «ثقيلة» أمام الغرفة الجنحية، بعدما وضع ثقته في زوج الضحية، الذي ادّعى أمامه أن الابن ازداد داخل منزلهما في مدينة سلا، ولم تضعه الأم داخل مصحة في مدينة الرباط. تسببت هذه الشهادة الطبية المزورة، مرة أخرى، في حدوث طلاق بين الزوج وزوجته، بعد اكتشاف الفضيحة، إذ زاد هذا المشكل من تعميق الخلاف، الذي انتهى إلى القضاء.