ماثيو. سي. طومسون، فنان إيرلندي الجنسية، وعضو مسؤول داخل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو). رسام تشكيلي مهووس بالإبداع ومدافع حازم عن حقوق الإنسان. مؤسس للجمعية الدولية للفنون التشكيلية «آرت راين» التي تتبنى شعار «المساواة بين الجنسين هي واحدة من قيم الفن». ضمت جمعيته فنانين تشكيليين ونحاتين من مختلف دول وثقافات العالم، من بينهم ثلاثة فنانين مغاربة، وهم محمد الغناج، وعبد الحق موقيد، وأحمد الحسكي. تعتزم جمعية «آرت راين» هذه السنة تنظيم معرض للفن التشكيلي داخل مقر الأممالمتحدة بنيويورك تخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف اليوم العاشر من دجنبر من كل عام. «المساء» التقت الفنان ماثيو. سي. طومسون بالمغرب، حيث يوضح في هذا الاستجواب أهداف الجمعية التي تأسست سنة 2001 بسان بيترسبورغ، لنينينغراد سابقا، وتقييمه لمشاركة الفنانين الثلاثة المغاربة في المعرض الذي سيقام برواق مقر الأممالمتحدة بنيويورك سنة 2009، تحت شعار «من أجل المساواة بين الرجل والمرأة والكرامة والعدل للجميع». - كيف تأسست الجمعية الدولية للفنون التشكيلية «آرت راين» وما هي أهدافها على المستوى الفني والإنساني؟ < تولدت فكرة تأسيس الجمعية لدى مجموعة من الأصدقاء بسان بيترسبورغ بروسيا سنة 2001. قررنا تأسيس أرضية للاندماج وقبول الآخر تحت أهداف الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان والعدل والكرامة، أو بعبارة أدق تنبني على «هيومان رايتس» أي حقوق الإنسان. أهداف الجمعية واضحة، وتقوم على احترام الفنان لنفسه وتقاسمه الرأي والتعايش مع الآخر حتى نكون أسرة دولية لا فرق فيها بين فنان غني وفقير. علاقتنا مبنية على ما هو إنساني أكثر مما هو مادي. - ما هي الأنشطة الفنية التي نظمتها جمعيتكم الدولية على المستوى الفني؟ وكيف كان تقييمكم وانطباعكم عنها؟ < بالفعل، حققنا نجاحات متعددة بفعل الأنشطة الفنية التي تجمعنا مع عدد من الدول. فقد كبر حلمنا المبني على الاحترام وتفعيل أسس الكرامة عبر العالم. فالعاصمة النرويجية أوسلو هي من بين الأماكن المهمة التي عرضنا فيها إبداعاتنا حيث تسلم جوائز نوبل. وانخرطت ضمن الجمعية دول عديدة، كما أنه من الممكن مشاركة فنانين آخرين، وإن كان القانون الداخلي للجمعية ينص على ألا يتعدى تمثيل ثلاثة أعضاء من كل دولة. - هل تلمسون اختلافا بين الفن العربي والغربي؟ < لم ألاحظ فرقا بين الاثنين. الفنانون المغاربة يسافرون كثيرا عبر دول العالم، وإن كان أغلبهم قبل حوالي عشر سنوات مضت يفتقر إلى فرص تسمح له بعرض أعماله في العديد من الدول. لكن أعتقد أنه لم يعد هناك أي اختلاف مع عولمة الفن. في اعتقادي هناك توحد يطغى على رؤية الفنانين التشكيليين. فعلى سيبل المثال لا يوجد أدنى اختلاف في اللوحات التي نشارك بها في البطائق البريدية والتذكارية لمنظمة اليونيسيف وبين أعمال الفنان التطواني الحسكي، والذي هو عضو في جمعيتنا، هناك تقارب كبير جدا في ما بيننا. - وكيف ترون مشاركة الفنانين المغاربة في المعرض المرتقب بمقر الأمم المتحدة؟ < من الصعب جدا إقامة عرض فني داخل مقر الأممالمتحدة. اعترضتنا مشاكل متعددة أثناء استعدادنا لذلك، والفنانون الأعضاء المغاربة تقاسموا بدورهم معنا هذه التجربة. نتراسل فيما بيننا خمسة أو ست مرات يوميا عبر البريد الإلكتروني لوضع آخر اللمسات لعرضنا الفني، ولتبادل الاقتراحات حول بعض الجزئيات. في بعض الأحيان نبعث آخر المقترحات إلى مقر الأمم فترد علينا هذه الأخيرة لتطلب منا تغييرات حول بعض الأمور التقنية بخصوص بعض اللوحات والألوان وبعض المقاييس الفنية. بيروقراطية لا يمكن تصورها، لكن رغم كل ذلك فإن الأمر يستحق كل هذه التعب. جمعيتنا الدولية نضجت بشكل كبير مما يسمح لها بعرض أعمالها في مقر الأممالمتحدة. إذا قمت بعرض عملك الفني داخل مقر الأممالمتحدة فكأنك تعرضه في شتى أنحاء العالم. إنه حلم كل فنان تشكيلي وسنعمل على تحقيقه عما قريب. أما في ما يخص مشاركة الفنانين المغاربة في هذا المعرض، فهم جزء لا يتجزأ من جمعيتنا، والدليل على قولي هو أن عدد المشاركين الذي يمنح للمغرب لم يأت من فراغ بل ينبع من اهتمام جمعيتنا بالفنانين التشكيليين المغاربة. - إذن بالنسبة إليكم، أين تكمن قوة وميزة أعمال الفنانين التشكيليين المغاربة؟ < حقيقة إنهم يتميزون باحترافية عالمية وذات مستوى فني وإبداعي عال جدا. يعيش المغاربة فنا متنوعا انطلاقا من الرسم إلى الحفر والنحت بأشكاله المختلفة. أعتقد أن هؤلاء الفنانين الذين شاركوا في عدة معارض دولية كانوا في مستوى جيد للتعريف ببلدهم في عدة دول مختلفة وبشكل جد مشرف للفن التشكيلي المغربي. - ما الذي يمكن أن يمنحه تمثيل المغرب في معرض الأممالمتحدة من قيمة مضافة للفن التشكيلي المغربي؟ < بالتأكيد، ستزيد مشاركة الفنانين المغاربة في تكريس التقدم الذي بدأ يعرفه المغرب في مجال حقوق الإنسان، لاسيما وأن المغرب يعرف تحولات في ميادين مختلفة. فمن خلال الزيارات التي قمت بها للمعرض الوطني للفنون الجميلة في تطوان لمست تغييرا كبيرا داخل أوساط المجتمع المغربي مقارنة مع زياراتي السابقة. بدا لي الاختلاف واضحا من خلال مداخلات التلاميذ واهتمامهم بالمجال الحقوق والفني. حقيقة تمنيت دعوتهم جميعا إلى مقر الأممالمتحدة ليشاهدوا المعرض ويشاركوا بدورهم فيه عبر أعمالهم الفنية. لقد كشفت تساؤلاتهم وحب استطلاعهم عن عشقهم للفن بكل أنواعه. - هل قدم المغرب دعما للفنانين المغاربة المشاركين في المعرض؟ < من المعتاد أن كل الدول تمنح دعما لفنانيها المشاركين في معارضنا الدولية، سواء من طرف وزارة الثقافة ووزارة الخارجية، بل أيضا من طرف وزارة السياحة، باعتبار أن المعرض هو في حد ذاته تعريف بالدولة التي ينتمي إليها الفنان. لا بد للدول أن توفر دعما للفنانين من أجل تغطية مصاريف الرحلة والمأكل والتنقلات. فالحفل الافتتاحي لوحده جد مكلف ماديا، حيث نستدعي السفراء الدائمين لدى الأممالمتحدة، وبالتالي فإن تكاليفه يتقاسمها الفنانون في ما بينهم. إن رواق العرض لوحده سيكلفنا 9 آلاف دولار أمريكي، ولحسن الحظ فقد تكلفت الحكومة الفنلندية بتأدية ذلك المبلغ. فنلندا هي إلى حد الآن الدولة الوحيدة التي تكلف مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدة بتأدية مصاريف حجز رواق الأممالمتحدة ودعم المعرض. وبما أن المغرب هو الدولة الوحيدة المشاركة في المعرض الدولي الذي ستقيمه جمعيتنا، فقد قررنا منح الفنانين الثلاثة المغاربة شرف إلقاء كلمة الافتتاح الذي سيحضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وسيتناول الكلمة عبد الحق مكيد، منسق العلاقات الخارجية للجمعية. تكمن أهمية تنظيم المعرض داخل مقر الأممالمتحدة في كونه ثاني منطقة بعد برج مانهاتن تتم زيارتها يوميا، حيث يفد إليها يوميا حوالي 30 ألف زائر، وبعملية حسابية بسيطة نستخلص أن عدد الزائرين خلال 15 يوما، وهي مدة المعرض، سيبلغ 450 ألف زائر من مختلف الجنسيات، كلهم سيتعرفون على الفن التشكيلي المغربي. - ما الذي يمكن أن يقدمه معرض من هذا الحجم إلى دول العالم؟ < أهمية المعرض تكمن في أنه استطاع باسم الفن جمع عدد كبير من الدول ضمن رواق واحد وتحت شعار واحد. أعتقد أننا إذا تمكنا من توحيد الفنانين تحت شعار حقوق الإنسان والكرامة والعدل للجميع والمساواة فإن ذلك سيكون درسا للسياسيين وصناع القرار حتى يجتمعوا بدورهم ويندمجوا في ما بينهم عن طريق التسامح وحب الآخر، ليكونوا أسرة واحدة تنعم بالتعايش في ما بينها. إنه حلم كبير نود تحقيقه. حلم يهدف إلى تحقيق السلم والكرامة والعدالة، ولن أتحدث هنا عن الديمقراطية الأمريكية، فهي بعيدة جدا عن حقوق الإنسان وعن إقرار السلم.