في الوقت الذي تسعد الدول المتحضرة بكتابها وتحتضنهم بقوة وتواكب ما يصدرون من كتب، من خلال خلق بنية ثقافية قوية تهيء استقبال الكتاب وتشجيعه وتفعيل قوانين حماية حقوقه، يجد الكاتب المغربي نفسه يتحرك في واقع ملتبس ويدور في حلقة مفرغة لا يعرف بدايتها ولا نهايتها.. فلا حقوقه مضمونة ولا واقع القراءة يسمح له بأن يكون من الكتاب الأكثر مبيعا. فكيف هو واقع الكاتب المغربي في بلاده؟ هل وصل إلى مستوى أن يعيش من عائدات كتبه في واقع يحمي حقوقه؟ وكيف هي علاقته بباقي الفاعلين في الميدان؟ لا يعرف علاقة الكاتب مع دور النشر في المغرب سوى من جرّبها، وكما قال الروائي عبد الكريم جويطي عنها "وراء نشر كل كتاب فضيحة، حيث إننا نفتقر إلى ناشرين ذوي حس ثقافي رفيع لهم وعي وغيرة من أجل خدمة الثقافة". أما الكاتب والمترجم إبراهيم الخطيب فيرى أن الوضع في حد ذاته مشجع على الاستغلال.. لكن الكاتب والسناريست نور الدين وحيد يقرأ هذا الوضع من زاوية أخرى، حيث إنه لا الكاتب ولا القارئ لهما يد ما يقع في بلد تهضم فيه "حقوق المؤلف"، رغم أنه يترأس المرصد الدولي لحقوق المؤلف. ومن تم فهو يدعو الدولة إلى حماية الكاتب من الريع المستفحل، تنزيلا لمنطوق وفلسفة الدستور الجديد. أما الشاعر محمد بنيس فيقول إنه أدرك أن الكتابة لن تضمن له قوت يومه، فما علّق عيها أوهاما، وعلى ذلك فهو يصرف عليها لتلبية حاجياته العميقة. بينما يصرح الكاتب محمد برادة بأنه لا يعرف أحدا يعتاش من عائدات كتبه.. في وضع متشابكة خيوطه ولا يفهم فيه كيف يكون ذلك في جغرافيا يتكلم فيه 300 مليون نسمة العربية. أما الناقد بشير القمري فيرى أن هناك أسماء محدودة يمكن أن تعيش مما تكتب.
عام الترجمة والعربية تحتل المركز التاسع والعشرين تحتفل "يونسكو"، فى ال23 من كل شهر أبريل، باليوم العالمى للكتاب وحقوق النشر. ويعد هذا العام هو العام ال15 الذى يتم فيه الاحتفال بهذا اليوم، وهو سعي في الحقيقة إلى الاحتفال بالقراءة، ونجاحه مرهون، حسب "يونسكو"، بمدى مشاركة الناشرين والكتاب ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام. ومن المتوقع أن تنظم "يونسكو" مؤتمرا عاما للاحتفال بهذا اليوم، كما يتزامن مع احتفالية هذا العام أيضا الاحتفال بمرور 80 عاما على بدء أعمال خدمة البحث المترجم، التى يوفرها موقع "يونسكو" الإلكترونى، عن طريق فتح باب الحوار حول أهمية هذه الخدمة. وسيستضيف المقر الرئيسى ل"يونسكو" هذه الاحتفالية بحضور عدد من الباحثين ومستخدمى هذه الخدمة، كما اختيرت "الكتب والترجمة" تيمة رئيسية للاحتفال بهذا اليوم. يذكر أنه تم اختيار هذا اليوم كتقدير "رمزى" لعدد من عمالقة الأدب والفكر العالمى، الذين فارقوا الحياة عام 1616 فى نفس هذا اليوم، وعلى رأسهم سرفانتس وشيكسبير. وتحتفل بهذا اليوم أكثر من 100 دولة على مستوى العالم، وهو الاحتفال الذي جرى العرف فيه على توزيع زهرة على كل من يقوم بشراء كتاب جديد في هذا اليوم.. ويصادف يوم 23 أبريل ذكرى وفاة وليم شكسبير وميغيل دي سرفانتس. كما أن هذا اليوم يوافق احتفال "يونسكو" باليوم العالمي للكتاب وحقوق الإنسان، وهو الاحتفال الذي يرمي إلى تعزيز القراءة والنشر وحماية الملكية الفكرية من خلال حماية حقوق المؤلف. وفي هذا العام، ينصبّ التركيز في الاحتفال على الترجمة، حيث إن "يونسكو" تحتفل بمرور 80 عاماً على إنشاء فهرس الترجمات، وهو عبارة عن قاعدة بيانات للترجمات تشمل معلومات تم توفيرها من قِبل المكتبات الوطنية والمترجمين واللغويين والباحثين وقواعد البيانات من جميع أرجاء العالم. ويُعتبر هذا الفهرس، الذي أنشأته منظمة عصبة الأمم عام 1932، أقدم برنامج ل"يونسكو". بل إنه ظهر قبل إنشاء المنظمة عام 1946. وتشمل قاعدة البيانات الإلكترونية لفهرس الترجمات أكثر من مليوني مدخل تخص 500000 مؤلف و78000 ناشر في 148 بلداً. وعلى سبيل المثال، يكشف البحث في هذه القاعدة أن مؤلفات أجاثا كريستي وجول فيرن ووليم شكسبير هي من أكثر الكتابات ترجمة في العالم، وفق البيانات التي جُمعت منذ 1979. أما قائمة أكثر المؤلفين ترجمة في العالم فهي متنوعة، حيث إنها تظهر أن لينين يحتل المركز الخامس وباربارة كارتلاند المركز السادس وحنا بولس الثاني المركز الثاني والعشرين وفرانز كافكا المركز الأربعين وأفلاطون المركز الثالث والأربعين وغابرييل غارسيا ماركيز المركز التاسع والأربعين.. وتعتبر اللغات الإسبانية والألمانية والفرنسية من اللغات التي ترجمت إليها معظم الكتب. ويُبين فهرس الترجمات أيضاً مدى ازدهار مجال النشر في الصين: ففي السنوات العشر بين 1988 و1999، احتلت اللغة الصينية المركز الثلاثين من بين جميع اللغات المستهدفة للترجمة، ولكنْ بحلول عام 2008، احتلت هذه اللغة المركز السادس. أما الإنجليزية فإنها تحتل المركز الرابع والروسية المركز السابع والعربية المركز التاسع والعشرين. وفي ما يتعلق باللغات الأصل، فإن الألمانية والإنجليزية والروسية والفرنسية هي اللغات الأكثر ترجمةً، غير أن القائمة تشمل اللغة اليونانية القديمة (المركز الثاني عشر) وتسبق اللغة اليونانية الحديثة (المركز السابع والعشرون) واللغة الكطالونية (المركز الثالث والعشرون) واللغة الييدية (المركز الواحد والأربعون) والإسبانية (المركز السادس)، في حين أن الصينية تحتل المركز السادس عشر من بين أكثر اللغات ترجمة، فتسبق العربية، التي تحتل المركز السابع عشر. وفي اليوم نفسه، ستطلق "يونسكو" احتفالات في مدينة يريفان، التي اختيرت "عاصمة عالمية للكتاب لعام 2012". وتحصل العاصمة الأرمينية على هذا الامتياز بعد مدينة بوينس أيرس (2011) وقبل مدينة بانكوك (2013). ووفقاً لأعضاء لجنة الاختيار، فإن مدينة يريفان اختيرت نظراً "للمستوى الرفيع للبرنامج الذي اقترحته، لأنه برنامج مفصل وواقعي ومرتبط بالنسيج الاجتماعي للمدينة وله طابع عالمي ويسلط الضوء على جميع الأطراف المعنية بصناعة الكتاب". وتتألف هذه اللجنة من مهنيين يتبعون "يونسكو" ورابطة الناشرين الدولية والاتحاد الدولي لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات. ويُمنح لقب "المدينة عاصمة الكتاب العالمية" كل عام تقديراً للبرامج التي تقترحها السلطات البلدية في المدينة المعنية التي ترمي إلى تعزيز الكتب والقراءة. وتحتفظ المدن التي خُصّت بهذا اللقب لمدة 365 يوماً ابتداء من23 أبريل. وتم تدشين فكرة العاصمة العالمية للكتاب، واختيرت مدريد عاصمة لعام 2001. وساهمت الجمعية الدولية للناشرين والاتحاد الدولى لجمعيات ومؤسسات المكتبات والاتحاد الدولى لبائعى الكتب فى هذه المبادرة. ومن ثم فإن هذه الهيآت مع "يونسكو"، ممثّلةٌ فى لجنة الترشيح، تساهم فى ضمان تمثيل مناسب للمنظمات الدولية المعبرة عن القطاعات الثلاثة الكبرى لصناعة الكتاب. وتوصل الشركاء إلى اتفاق بأن تكون الإسكندرية العاصمة التالية بعد مدريد فى عام 2002، وأعقبتها دبى فى عام 2003. وبعد ذلك، أرسلت لجنة الترشيح دعوات عامة للتقدم بترشيحات، ثم اجتمعت فى مقر "يونسكو" واختارت على التوالى مدينة أنتويرب (بلجيكا) فى عام 2004، ومونتريال (كندا) فى عام 2005، وتورينو (إيطاليا) فى عام 2006، وبوغوتا (كولومبيا) فى عام 2007، وأمستردام (هولندا) فى عام 2008، وبيروت (لبنان) فى عام 2009، وليوبليانا (سوليفينيا) فى عام 2010، وبيونس أيرس (الأرجنتين) فى عام 2011، ويريفان (أرمينيا) فى عام 2012، وبانكوك (تايلاند) فى عام 2013. ورغم أنه لا يترتب على الاختيار أى نوع من الجوائز المالية، فهو اعتراف رمزى على نحو خاص بأفضل برنامج مكرس للكتب والقراءة. وبالنسبة إلى معايير الاختيار فإنه ينبغى أن تكون البرامج المرشحة أو المؤيدة من جانب مسؤول المدينة المتقدمة بالطلب هادفة إلى تدعيم الكتاب وتشجيع القراءة خلال الفترة التالية لليوم العالمى للكتاب والحقوق الفكرية حتى 23 أبريل التالى. وتُفحَص لجنة الترشيح البرامج المقدمة من تلك المدن المرشحة، وتبذل جهدا خاصا لإشراك كل مناطق العالم على التوالى، على أن يتم تقديم برنامج نشاط معد خصيصا لبرنامج العاصمة العالمية للكتاب، حتى ينفذ خلال الدورة التى ستعد المدينة فيها "عاصمة للكتاب"، من أجل استفادة الشركاء والمجتمع طويلة المدى من البرنامج هذا، وأن يكون هناك إطار عام للنفقات المتوقعة وإستراتيجية لتحديد الموارد المالية المحتملة وتقييم درجة المشاركة المحلية والإقليمية والوطنية والدولية، بما فيها المنظمات المتخصصة وغير الحكومية وآثار البرامج ودراسة كم ونوع الأنشطة التى نظمتها المدينة المتقدمة فى فترة واحدة أو تنظمها باستمرار، بالتعاون مع المنظمات المتخصصة الوطنية والدولية التى تمثل الكتاب والناشرين وبائعى الكتب وأمناء المكتبات، مع الاهتمام بالمساهمين المختلفين فى سلسلة تقديم الكتاب وفى المجتمع العلمى والأدبى، إضافة إلى مراعاة مبادئ حرية التعبير وحرية النشر وتداول المعلومات، كما نص عليها ميثاق "يونسكو" والمادة ال19 وال27 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان واتفاقية استيراد المواد التعليمية والعلمية والثقافية (اتفاقية فلورنسا).
محمد برادة : لا أحد يعيش من عائدات كتبه في جغرافيا يسكنها 300 مليون نسمة لا أظن أن هناك كاتبا أو مبدعا عربيا يستطيع أن يتعيش من عائدات قلمه، لأسباب معروفة، ومن تلك الأسباب نذكر قلة نسبة القراء وانعدام صناعة ثقافية احترافية مضبوطة تدرك جيدا شروط وواقع التسويق والترويج. كما أنه لم توجد إلى حد الآن علائق بين الكاتب والقراء. كما أن الكتّاب أنفسهم لم يستطيعوا أن يقيموا علاقة قوية مع هؤلاء القراء تجعلهم يقتنون كتبهم بانتظام، مما يحقق لهم نوعا من الاستقلال المادي. لكن الظاهر والواقع يقولان شيئا آخر، فهذا الكاتب الذي يرتبط بالجغرافيا العربية التي يسكنها 300 مليون نسمة لم لا يستطيع الكاتب أن يجد فيها سوى3 آلاف أو 4 آلاف نسخة على أكبر تقدير. فالكاتب المحظوظ لا يمكنه أن يتجاوز 5 آلاف نسخة وسط هذه النسبة من السكان. وهذا الواقع تتحكم فيه مجموعة من العوائق السياسية التي تحد من انتشار الكتاب، رغم الانتماء إلى لغة واحدة. ومن الغريب ألا يجد الكاتب عددا محترما من القراء يقرؤونه. وهذا لا يرتبط بمنتوج إبداعي أو فكري بل يشمل كل الانتاجات. إن الكتاب العرب يجدون أنفسهم عاجزين على تحقيق عدد من القراء في هذه المساحة، وهذا ما يجعل الكتاب تابعين للدولة أو للوظيفة لكسب قوتهم اليومي.. ولن هذا الواقع يتغير إلا بالتفاعل وبتسخير مجموعة من الإمكانيات. فلا بد من سياسة ثقافية عربية واضحة، إلى جانب سياسات ثقافية وطنية تكسر الوضع وتساهم في ترويج المنتوج الثقافي، بمختلف تلويناته، من أدب وفكر وفلسة وغيرها. وبخصوص واقع الكاتب العربي في الغرب، قال محمد برادة إن هناك دور نشر مضبوطة، كل شيء هناك واضح ويتم العمل بين الكاتب ودور النشر وفق تعاقدات. وأشار إلى أن الكاتب العربي المترجَم لم يقدر أن يحقق نوعا من الاستقلال المادي إلا في استثناءات قليلة، كما هو الحال مع علاء الأسواني، لظروف سياسية واجتماعية، كما كان الشأن مع كتابه الأول "عمارة يعقوبيان".. و كذلك حالة محمود درويش، حيث إنه إلى جانب فنيته وابداعيته، فهو كان يدافع عن قضية سياسية، وأيضا نجيب محفوظ. وأشار الكاتب إلى بعض رواياته المترجمة التي لم تحقق أرقاما كبيرة. وحينما طرحنا عليه حالة محمد شكري، قال إن الكاتب حينما يصدر كتابه الأول النجاح ويدخل ضمن لائحة الكتب الأكثر مبيعا فإنه يمكنه أن يتعيش من عائدات مبيعاته. وتساءل: ألا يمكن أن ندخل ضمن دائرة الكتب الأكثر مبيعا باعتماد المتعة والجاذبية والمضمون القوي، إلى جانب الأداء الفني الممتاز؟.. وذلك بتضافر جهود الصحافة والمؤسسات الثقافية والجامعية. فهناك نصوص تملك من الجدية والعمق والجاذبية ما يدفعها إلى احتلال رأس القائمة. جويطي : الكتابة مهنة البؤس وتغير الواقع يحتاج إلى قرارات جريئة لا أعتقد أن الكاتب المغربي يمكن أن يعيش من عائدات كتبه، لأن أفضل الكتاب المغاربة لا يبيعون إلا 1000 نسخة، وهذا الرقم لا يمكنه، بطبيعة الحال، أن يوفر للكاتب الحد الأدنى من متطلبات حياة أصبحت مكلفة جدا. فباستثناء حالة محمد شكري، الذي استطاع أن يتفرغ للكتابة وأن يعتاش منها، لا أعرف كاتبا استطاع أن يتفرغ للكتابة وأن يعتاش منها ولا أعرف كاتبا آخر في المغرب وفّرت له الكتابة سبل العيش الكريم.. إنها مهنة البؤس بامتياز، وذلك راجع إلى كوننا أمة لا تقرأ وليست للكاتب فيها مكانة اعتبارية. الكتابة في المغرب نضال واحتراق، لذلك يتساقط في بدايات الطريق كل من يعلّق عليها أوهاما مادية. حين سيتمكن الكاتب المغربي من ضمان قوت يومه عن طريق الكتابة، آنداك يمكن أن نتحدث عن مجتمع معرفة، وهذا مشروع ينبغي أن تشارك فيه كل مكونات المجتمع وكل مؤسساته. وأرى أن هذا الوضع مرتبط أساسا بصناعة الكتابة في المغرب ونشر الكتابة، حيث هناك غياب لصحف متخصصة، كما أن الصحف لا تعطي أهمية للصفحة الثقافية وكذا للملاحق، التي بات وضعها على حافة الاندثار. فلو أن الجهود هنا تضافرت لتمكّنا من خلق "نجوم" في الكتابة وساهمنا في توسيع سوق القراءة وتحول الكتاب إلى منتوج لا غنى عنه في المجتمع المغربي. أرى أن حلقات صناعة الكتاب لا تتطور، مع ملاحظة أننا نفتقر إلى دور نشر حقيقية واحترافية. فنحن ليس لدينا ناشرون بالمفهوم الاحترافي، بل فقط مجموعة من تجار الكتب، الذين يشتغلون بمنطق "استغلال" الكاتب و"ابتزازه".. ولو بحثنا لوجدنا أنه وراء كل كتاب فضيحة!.. إننا نفتقر إلى ناشرين ذوي حس ثقافي رفيع ومناضلين لهم وعي وغيرة من أجل خدمة الثقافة المغربية. وعما إذا هو شخصيا يعيش من عائدات كتبه، وهو الذي اختار أن يثبت في بطاقته الوطنية صفة "كاتب روائي"، قال الجويطي: "لقد اخترت مهنة "كاتب" لأنها مبرر وجودي. والعائد لا يكون إلا حينما أترجم بالتعاقد أو أكتب لمجلة من المجلات بمقابل مادي. أما بالنسبة إلى الرواية فإننا لا نكتب (ساخرا) سوى لكي نحصل على عدد من النسخ". أما بخصوص سياسة دعم الكتاب فقال الجويطي إن ذلك كان مبادرة محمودة، حيث خرجت إلى الوجود الأعمال الكاملة والكِتاب الأول لكتاب لم يكونوا لينشروا لولا ذلك. وأضاف أن واقع الكِتاب والكاتب المزري يحتاج إلى أكثر من دعم، هو محتاج إلى إجراءات جريئة وعملية، فهو في حاجة إلى قرار من أعلى أجهزة الدولة.
إبراهيم الخطيب : الوضع مشجع على الاستغلال والكاتب يقف ذليلا أمام الناشرين لا أعتقد أن الكاتب في المغرب يمكن أن يعيش من عائدات الكتب التي يؤلفها، لكن قد "يوسّع" على نفسه من التعويضات التي يتلقاها مما ينشره في بعض الصحف أو المجلات، والتي تكون أحيانا سخية. في الواقع وإبان ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ظهرت دور مغربية للنشر عبّرت جادة عن رغبتها في نشر الكتاب الثقافي وأكدت رغبتها هذه عمليا في تعويضات للكتّاب الذين نشرت لهم وكذا في تمكينهم من أرباحهم من مداخيل النشر. لا أظن أن دور النشر الموجودة حاليا تفعل نفس الشيء مع الكتاب الذين تنشر لهم، أما الحديث عن الأرباح فضرب من ضروب الخيال. إن الوضع في حقيقة الأمر معقد: فمبيعات الكتاب الثقافي ضعيفة، والكتّاب لم يعودوا نخبة قليلة بل أصبحوا جيشا عرمرما، وبعض الناشرين تعوّدوا على تلقي أموال من الكتّاب مقابل نشر كتبهم أو تمكينهم من العلامة المميزة لدورهمفقط. إن الكتب المهمة قليلة، وغالبية ما ينشر يتميز بالضعف والتسرع، والناشرون لا يتوفرون في الغالب على لجن قراءة ولا يبذلون مجهودا يذكر للإعلان عن إصداراتهم. فكيف يمكن، في هذا السياق، التفكير في إمكان أن يعيش كاتب في المغرب من مداخيل كتبه؟ لقد أصبح الكاتب المغربي قنوعا، بل ذليلا إزاء ما يقترحه عليه الناشر وما يهمه، في أحسن الأحوال، هو أن تنشر كتبه وأن يجد مجرد إشارة بسيطة إليها في إحدى الصحف أو المجلات وقارئا يستطيع التضحية بدراهم معدودات يكون فيها من الزاهدين. بشير القمري : أسماء محدودة تعيش من عائدات كتبها في المشرق ودور نشرنا مستغلة في جوابه عن سؤالنا: هل يعيش الكاتب المغربي من عائدات كتبه؟ قال بشير القمري: أتصور أن لهذا الموضوع قيمة من حيث طبيعة الكتابة التي يمثلها مغاربة اكتشفهم المشرق وبالأسلس منذ صدور كتاب "الإيديولوجيا العربية المعاصرة" لعبد الله العروي سنة 1967، والذي ترجم بطريقة ركيكة، مما جعل العروي يعيد ترجتمته. كما اكتشف المشرق محمد عابد الجاري، بعد صدور أطروحته حول ابن خلدون. كما كان اكتشاف عبد الكبير الخطيبي. وكان الأمر من خلال النصوص الإبداعية مع محمد شكري. لكنْ تجب الاشارة إلى أن المغرب كان حاضرا هناك مع كل من عبد الكريم غلاب وصاحب "وزير غرناطة"، عبد الهادي بوطالب، وصاحب "جيل الظمأ"، محمد عزيز الحبابي. وقد كان فرض أسماء أخرى عن طرق الكتابة منذ الثمانينيات، مع كل من محمد مفتاح وعبد الفتاح كيليطو وسعيد يقطين وحسن بحرواي. وأعتقد أن هذه الأسماء تعيش من عائدات طبعات كتبهم. أما باقي الكتاب فلا أعرف ما يقع لهم، وهذا يبقى رهينا باستطلاعات. فدور النشر تعرف -ولا شك- حقيقة من يعيش ومن يباع. وأشير إلى أن أغلب الكتاب المغاربة مقروؤون في المشرق. ومن يقرأ فهو يقرأ لقيمة ما يُكتب. فالمغاربة يوجدون في نقطة التقاء بين المشرق والغرب ومن تم فهم يطّلعون على مجالات معرفية، فهناك مساهمات في ميادين شتى، كالعلوم السياسية والاجتماعية واللسانيات والنصوص السردية... فالمغاربة اجتهدوا في عدة مجالات، ولا أعتقد أن هناك مشكلا مع دور النشر العربية. بل أرى أن المشكل هو مع دور النشر المغربية، فهي التي لا تحترم الكاتب وتستغله. وأمام هذا الوضع، يضطر الكاتب المغربي إلى النشر خارج المغرب، حيث هناك عقود واضحة وحرفية، رغم أنها لا ترقى، هي الأخرى، إلى مستوى حِرَفية دور النشر الأوربية. فأغلب الناشرين في المغرب "يأكلون ويشربون" من عرق جبين الكاتب و"يسبون الملة" وينتظرون الإعانة.. أعتقد أنه يجب التفكير في هذا الواقع المؤلم الذي يعيش فيه الكاتب في المغرب، من خلال اقتراح تصورات جدية وواقعية، فلماذا لا تعقَد، مثلا، مناظرة وطنية يساهم فيها جميع الشركاء، من وزارة الثقافة والاتصال والكتاب وكل المبدعين والناشرين. لماذا لا يتم التفكير في هذا حتى يصبح الفعل الثقافي والفني موردا للتنمية والاستفادة في إطار ضوابط واضحة ومضبوطة. محمد بنيس : أصرف على ما أكتب لتلبية احتياجات إنسانية عميقة إنني أعيش من عملي في سلك التعليم كأستاذ جامعي. فمنذ بداية الشباب، أدركت أنه لا يمكن أن أعتمد على الكتابة كمصدر للعيش. وما عشته لاحقا أثبت لي صواب اختياري وما توصلت إليه في تلك السنوات.. لا أستطيع أن أتخيل أنه يمكنني أن أعيش مما أكتب، لأن شروط الإنتاج الثقافي في المغرب ضعيفة جدا ولا تسمح أن يقوى الكاتب في مثل وضعيتي على أن يكون مستقلا ماديا ومكتفيا بما يمكن أن تدره عليه الكتابة. فلا الصحافة تدفع مستحقات الكتابة ولا مردود الكتابة يمكنه أن يلبي مطالب الحياة اليومية.. هكذا فأنا من الذين يكتبون من دون أوهام. أنا مستعد لأن أصرف على ما أكتب، وهذا يبدو لي طبيعيا ويفعله كثير من الكتاب. أنا لا أكتب من أجل ربح المال وإنما أقوم بذلك من أجل متعة في كتابة الشعر ولتلبية احتياجات إنسانية عميقة. كما أنني أؤدي أعمالي الأخرى لأنها جزء من حياتي الإنسانية. فعملية الإنتاج يتطلب مني نفقات مستمرة، وهذا ما أفعله ولا أطلب من النشر شيئا. وأعتقد أن المشكل ليس في أن تكون من وراء النشر مداخيل مالية، وإنما هو في وجود من ينشر لي ما أكتب من دون أن يفرض علي شروطا محدد ورقابة تحُدّ من حريتي في الإبداع، وبالشكل الذي أريد.. لذا يكون علينا، قبل التفكير في الجوانب المادية لعائدات الكتب، الانتباه إلى افتقارنا إلى شروط النشر وحرية التعبير وإيصال ما نكتب إلى الآخرين من دون رقابة. نور الدين وحيد : على الدولة حماية حقوق الكاتب من قوى الريع المستفحلة تنزيلا لمنطوق وفلسفة الدستور الجديد -يعيش هل الكتاب المغربي من عائدات كتبه؟ الإجابة على هذا السؤال من البداهة بمكان، ولكن تفسير واقع الحال هذا بعزوف المغاربة عن القراءة أو ضعف النص الأدبي المغربي هوالذي يبدو لي ضربا من القفز على أقصر الجدران.. فالنص الأدبي المغربي يسافر جيدا جدا، عبر الشبكة العنكبوتية وجل الملاحق والمجلات الأدبية، العربية وغير العربية. وتجد القارئ المغربي مُلمّاً بكل ما تمور به الساحة الأدبية، عربيا ودوليا، إلا مغربيا... وهذا ما يحيل على أسئلة أخرى لا يتسع المجال لطرحها، لذلك نكتفي بتسليط الضوء على هذه العلاقة المتدهورة بين الكاتب والقارء المغربيين. فنحن أمام قارئ ينتظر من كاتبه أن يرقى بأدبه إلى أعلى المستويات، وهذا ما يعز على الكاتب المغربي، إلا استثناءات قليلة، في ظل شروط موضوعية أقول عنها مجحفة ومحبطة، حتى لا أقول "قاتلة". فهذا الكاتب يشتغل كهاو ويحاسَب كمحترف. وفوق الحساب منظومة ريعية استفحل أمرها حتى صارت تسرق العرق وماء الوجه وحق المواطن، بصفة عامة، في الخلق والابداع.. الحديث هنا عن هذا الحق الذي يسمى في الدول التي تحترم شعوبها "حقوق المؤلف"، فبلدي (أي المغرب) يترأس حاليا المرصد الدولي لحماية حقوق المؤلف، وفي ظل دستور جديد يبوئ هذه الحقوق مرتبة الحقوق الدستورية للمواطن. والحال أنْ لا أحد في مغرب اليوم يعترف بهذه الحقوق إلا على الورق. أقول لا أحد ، بمن فيهم بعض الكتاب أنفسهم، وأحيلك على القضية 950/2009 المعروضة على أنظار القضاء منذ سنوات، والتي تعاقب عليها أكثر من أربعة قضاة وعشرة محامين، وإلى حد الآن ما تزال جارية، وكأننا ننقب عن البترول في أعالي البحار!.. عموما، وعلى ضوء انتفاء أسباب الخطاب الصدامي بين الكاتب ومؤسسات الدولة، يبقى على هذه الأخيرة أن تحمي حقوق الكاتب، كمؤسسة منتجة للأفكار، من قوى الريع المستفحلة في دواليبها، تنزيلا لمنطوق وفلسفة الدستور الجديد وإرساء لركائز تنمية بشرية مستدامة ورفعا لهذا الحيف الذي يرزح تحت عبئه الكاتب وكل ذي قدرة على الخلق والابداع في هذا البلد، في ظل هذا المنعطف التاريخي، وتأسيسا لعلاقة شراكة حقيقية. فالكاتب المحترف لا يتسابق على دعم الدولة ولكنه يوسع الوعاء الضريبي، ومن الكتاب في الدول التي تحترم شعوبها من يؤدون للدولة مالا يؤديه خمسمائة أستاذ جامعي لدينا في المغرب.. كاتب وسيناريست
حسن الوزاني : واردات المغرب من الكتاب تضاعفت في وقت يعاني الكاتب داخل الوطن -هل يستطيع الكاتب المغربي أن يعيش من كتبه ؟ -لا أظن أن هناك كاتبا مغربيا محظوظا إلى هذه الدرجة، باستثناء إذا كان هناك من هو مستعد لأن يعيش بالنزر القليل، مع حمل لافتة مهنة "كاتب".. قد أكون أجبت بشكل حاسم، وإن كان الأمر قد يحتاج إلى دراسة ميدانية عن الوضع السوسيو مهني للكاتب في المغرب. وعلى العموم، أظن أنه حتى في الدول التي تمتلك صناعة ثقافية حقيقية يبدو من الصعب، ومن المستحيل في غالب الأحيان، أن يعيش كاتب ما من مداخيل كتبه فقط، خصوصا إذا تعلق الأمر بالأدب. فما بالكم ببلد لم يعرف دخول الطباعة إلا في العقد السادس من القرن التاسع عشر، ليكون بذلك آخر دولة عربية تعرف الطباعة.. ويمكن أن نستحضر مؤشرَين، خارج هذا الجانب التاريخي، للجواب عن السؤال. يكمن الأول في سيادة ظاهرة "النشر على نفقة المؤلف" في المغرب، حيث يشغل أكثر من ثلث مجمل العناوين الصادرة سنويا، متجاوزا بذلك العناوين الصادرة عن دور النشر، من جهة، والعناوين الصادرة عن بقية المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، من جهة أخرى. وترتفع نسبة "النشر على نفقة المؤلف" كلما تعلق الأمر بأعمال أدبية أو بكتب مكتوبة باللغة العربية، وهو أمر يفترض قراءة خاصة. ويُضاف إلى كل ذلك "النشر المُقنَّع" المرتبط بصدور عمل ما عن دار نشر، مع تحمل الكاتب مجمل مصاريف الطبع أو جزءا منها. وهي صيغة تعتمدها حتى بعض دور النشر الأوربية، ومنها "لارتمان". غير أنهذه العملية تتم هناك، على الأقل، وفق عقد واضح ينص على تحمل الدار مهمة التعريف بالكتاب. أما المؤشر الثاني فيرتبط بإنتاجية الكُتّاب المغاربة. ونجد في هذا الإطار، على سبيل المثال، أن عدد كتب 359 كاتبا، يشغلون أكثر من نصف الكتاب المغاربة الذين صدرت لهم أعمال أدبية خلال القرن العشرين، لم يتجاوزوا العنوان الواحد لكل منهم، خلال هذا القرن.. وأترك لكم تصور حجم "الثروة" التي يكون قد جناها هؤلاء، خصوصا مع كتب قد تتجاوز مرجوعاتها حجم سحبها!.. وتضاف إلى المؤشرين، بالطبع، مجمل الإكراهات التي تحيط بمختلف حلقات الكتاب في المغرب، ومنها مشاكل توزيع الكتاب المغربي والتعريف به ووضعية القراءة. أما الكتاب المغاربة الذين يستطيعون بالفعل تحقيق مداخيل، متفاوتة بالتأكيد، داخل هذا الوضع، فهم لا يفعلون ذلك بفضل مبيعات كتبهم، وإنما بفضل الأعمال الموازية، ومن ذلك التعاون مع الصحف والمجلات العربية.
-كيف ترى انتشار لجوء عدد كبير من الكتاب المغاربة إلى النشر على نفقتهم؟ -فعلا، يحتل الإنتاج المنشور على نفقة المؤلفين الحيز الأكبر، حيث يشغل أكثر من ثلث مجمل العناوين الصادرة سنويا، متجاوزا بذلك العناوين الصادرة عن دور النشر، من جهة، والعناوين الصادرة عن بقية المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، من جهة أخرى. وترتفع نسبة النشر على نفقة المؤلف كلما تعلق الأمر بأعمال أدبية أو بكتب مكتوبة باللغة العربية، وهو أمر يفترض قراءة خاصة. ويُضاف إلى كل ذلك النشر المقنَّع وهو ممارسة تقوم على صدور عمل ما عن دار نشر، مع تحمُّل الكاتب مجمل مصاريف الطبع أو جزءا منها، وهي صيغة تعتمدها حتى بعض دور النشر الأوربية، ومنها لارمتان. غير أنها تتم هناك على الأقل وفق عقد واضح ينص مثلا على تحمل الدار مهمة التعريف بالكتاب. وبالطبع، تشكل هذه الظاهرة، سواء في شكلها المباشر أو المقنع، مصدر خلل بالنسبة إلى التسلسل المنطقي لحلقات صناعة النشر. فوظيفة الكاتب أن يكون كاتبا وليس أن يتحول إلى ناشر أو مروج أو موزع لكتبه. -كيف تنظر إلى واقع القراءة في المغرب.. هل يمكن الحديث عن أزمة؟ -أعتقد أنه يصعب الحسم بالقول إن المغاربة لا يقرؤون أو لم يعودوا يقرؤون، لأكثر من اعتبار. أولا، أعتقد أن أي نقاش في الموضوع يبتعد عن الأحكام الانطباعية يجب أن يقوم على دراسات وأبحاث ميدانية تخص عادات القراء المغاربة، والواقع أن آخر دراسة في هذا الإطار تعود إلى عشر سنوات، وهي مدة عرفت تغيرات ثقافية واجتماعية وسياسية جذرية انعكست، بالضرورة وبشكل كبير، على هذه العادات. وقد يكون بإمكاننا الحصول على صورة قريبة لهذه التحولات بفضل دراسة نشتغل الآن، داخل وزارة الثقافة، على تصور إطلاقها، موازاة مع إطلاق بحث ميداني سنوي يخص صناعة الكتاب في المغرب، بغية توفير مصدر منتظم يعطي صورة عن عدد من المؤشرات التي تخص صناعات النشر والطبع والتوزيع في بلادنا. ثانيا، هناك مفارقات تستدعي تأملا موضوعيا للأمر. ففي مقابل الحديث عن محدودية مبيعات الكتاب المغربي، التي يستند إليها البعض للحديث عن ما يُفترَض أنها أزمة قراءة، نجد أنفسنا أمام آلاف الأطنان من الكتب التي يستوردها المغرب من مختلف دول الكون وبمختلف اللغات، وهي واردات تدخل البلد لأنها تجد قراء فعليين.. وتكفي الإشارة هنا، على سبيل المثال، إلى أن قيمة واردات المغرب على مستوى الكتب قد ضاعفت ب36 مرة مجمل صادراته ما بين سنتي 2005 و2007. وترتفع النسبة إلى 123 مرة بالنسبة إلى لبنان. كما أستحضر في هذا الإطار، أيضا، رقم المبيعات الذي أعلن عمه فرع مكتبة "لافناك" في الدارالبيضاء، حيث جاوز 40.000 نسخة في أقل من ثلاثة أشهر.. بالطبع، لا تنفي المؤشرات السابقة وجود إكراهات كبيرة تحيط بمشهد القراءة في المغرب، منها ما يرتبط بالجانب التاريخي، حيث إن بلادنا كانت آخر دولة إسلامية تعرف استعمال الطباعة، وهي حقيقة مؤلمة، ومنها ما يرتبط ببنيات القراءة على مستوى المكتبات العمومية والمدرسية والجامعية وغيرها، ومنها ما يرتبط بمشاكل مختلف حلقات صناعة الكتاب، سواء تعلق الأمر بالنشر أو بالطبع أو بالتوزيع والترويج، ومنها ما يرتبط بالقدرة الشرائية وانعكاسها على ميزانية الأسر المغربية المخصصة للحاجيات الثقافية، التي تأتي في مؤخرة مجمل الحاجيات، وغير ذلك من الاعتبارات المتداخلة. -ما هي التدابير الذي تتخذها وزارة الثقافة لتشجيع القراءة؟ -تشكل القراءة مجالا أساسا ضمن العناصر المكونة لتصور الوزارة الهادف إلى جعل الشأن الثقافي شأنا متداولا بين مختلف شرائح المواطنين باعتبار ذلك حقا من حقوق المواطنة. وأظن أن برنامج عمل الوزارة الذي أطلقته مؤخرا يعكس بشكل كبير هذا الوعي، من خلال تركيزه على عدد من التدابير والمشاريع التي يمكن أن تستجيب لجانب هام من الانتظارات الكبيرة في هذا الإطار. وهي تدابير ومشاريع تتراوح ما بين إحداث وتقوية عدد هام من المكتبات ونقط القراءة ودعم الإنتاج الوطني على مستوى الكتاب وتطوير أداء المعارض الجهوية وضمان حضور الكتاب المغربي في عدد كبير من المعارض الدولية. كما يحمل التصور الجديد الاهتمام بالمراكز الثقافية، التي يراد لها، وفق المنظور الجديد، أن تشمل مكتبات وسائطية ذات فضاء للأطفال وفضاء للكبار، إضافة إلى قاعات للعروض والندوات ومعاهد موسيقية وأروقة للعروض وقاعات للمحترفات الفنية. وإضافة إلى ذلك، نشتغل على عدد من التدابير التي يمكن أن تنعكس على مجال القراءة بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك تطوير جائزة المغرب للكتاب وإطلاق جائزة المغرب التقديرية، وأيضا إحداث جوائز القراءة العمومية في عدد كبير من مناطق المغرب. كما تولي الوزارة أهمية قصوى لجانب توفير الدراسات ومصادر المعلومات المتربطة بمجال الكتاب والقراءة العمومية، ومن ذلك المشاريع التي سيتم إطلاقها قريبا، كما هو الأمر بالنسبة إلى الدراسة التي من المنظر أن تهم صناعة الكتاب في المغرب، وإعداد دليل للمكتبات العمومية في المغرب، ودليل مهنيي الكتاب ودليل الكُتاب المغاربة. مدير الكتاب في وزارة الثقافة